الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أحبّ خلق الله على الله الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم
سبحان مسخر السحاب و مجري الرياح و منزل ما فيه من غيث و خير على الأرض و الزرع و كلّ كائن حيّ البارحة الجمعة أقبلت من ناحية جبل الشيخ غيوم عند وقت الغروب استبشرت خيراً و بدأت الرياح الباردة تتحرك بحركة متباينة ما بين الضعيفة و المتوسطة و لكنا كانت شديدة البرودة فكانت مبشرات لنزول خير كثير من المطر و ذلك بقوله تعالى :
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }الأعراف57
و تفسير الآية في التفسير الميسر :
والله تعالى هو الذي يرسل الرياح الطيبة اللينة مبشرات بالغيث الذي تثيره بإذن الله, فيستبشر الخلق برحمة الله, حتى إذا حملت الريح السحاب المحمل بالمطر ساقه الله بها لإحياء بلد, قد أجدبت أرضه, ويَبِست أشجاره وزرعه, فأنزل الله به المطر, فأخرج به الكلأ والأشجار والزروع, فعادت أشجاره محملة بأنواع الثمرات. كما نحيي هذا البلد الميت بالمطر نخرج الموتى من قبورهم أحياءً بعد فنائهم; لتتعظوا, فتستدلوا على توحيد الله وقدرته على البعث.
و في يوم السبت من أولى ساعات الصباح المبكر بدأ الغيث بالنزول و الخير من عند الله بشكل متواصل حتى ابتلت الأرض و ارتوت بعد ما بشرتنا الرياح و كانت مقدمةً لنزول هذا الغيث من المبارك من عند رب العالمين فنحمدهُ حمداً كثيراً طيباً مباركاً على كرمه ورحمته و فضله علينا و لا نملك إلّا أن نحمده و نشكره { وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }النمل40
فتعالى هو الغني الحميد فهو غنيٌ عنا و عن عبادتنا و طاعتنا وشكرنا إنّما ننفع أنفسنا و لكن علينا أن نكون من العباد الذين يحمدون الله و يشكرونه و أنّه صاحب الفضل المطلق لا شريك له .
و للتذكرة فيما يقال عند نزول المطر :
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : (( أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا رأى المطر قال :
اللَّهم صيِّباً نافعاً )). صحيح البخاري
و فيما يقال بعد نزول المطر في صحيح البخاري و مسلم , عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عن قال : (( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت الليل , فلما انصرف أقبل على الناس , فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم , قال : أصبح من عبادي مؤمنٌ بي و كافر, فأمّا من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته , فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب, و أمّا من قال : مطرنا بنوء كذا و كذا , فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق
الله هو ملك السماوات و الأرض و من أسمائه المغيث و هو الذي ينزل الغيث بفضله و بكرمه لا بفضل أحد في الوجود إلا هو سبحانه.
الحمدُ لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً على كرمه و جوده و إحسانه ارتوت عيوننا وقلوبنا من فضل الله بهذه المطرة و الغيث المبارك فتبارك الرحمن سبحانه و تعالى.