قطنا
مرحبا بك في منتديات قطنا الثقافية و العلمية
و نشكر زيارتكم
ولتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
و يرجى الانتباه بادخال الايميل الصحيح لانه عند التسجيل ستصلك رسالة تفعيل رمز الدخول الى بريدك الالكتروني و بعد التفعيل ستتمكن من الدخول بالاسم و كلمة المرور التي ادخلتها
كما ندعوكم لزيارة موقعنا قطنا نت www.qatana.net
قطنا
مرحبا بك في منتديات قطنا الثقافية و العلمية
و نشكر زيارتكم
ولتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
و يرجى الانتباه بادخال الايميل الصحيح لانه عند التسجيل ستصلك رسالة تفعيل رمز الدخول الى بريدك الالكتروني و بعد التفعيل ستتمكن من الدخول بالاسم و كلمة المرور التي ادخلتها
كما ندعوكم لزيارة موقعنا قطنا نت www.qatana.net
قطنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
قطنا

منتدى مدينة قطنا
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
"وقـل اعمـلوا فسـيرى الله عـملكم ورسـوله والمؤمنـون"    

 

 تابع جبل الشيخ - حارث الجولان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو محمد الشيخ
عضو فعال
عضو فعال
avatar


المزاج : قطنا
ذكر
عدد المساهمات : 111
نقاط : 331
تاريخ الميلاد : 30/01/1948
العمر : 76
تاريخ التسجيل : 08/11/2010
مكان الإقامة : سوريا-قطنا

تابع جبل الشيخ - حارث الجولان  Empty
مُساهمةموضوع: تابع جبل الشيخ - حارث الجولان    تابع جبل الشيخ - حارث الجولان  Emptyالثلاثاء أغسطس 14, 2012 6:12 am

تابع جبل الشيخ - حارث الجولان
حارث الجولان
قال صاحب المعالم الجغرافية : جَابِيَةُ الْجَوْلَانِ جَاءَتْ فِي قَوْلِ حَسَّانَ بن ثابت الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
إنَّ خَالِي خَطِيبُ جَابِيَةِ الْجَـــــوْ ... لَانِ عِنْد النُّعْمَانِ حِينَ يَقُوم
وَأَنَا الصَّقْرُ عِنْدَ بَابِ ابْنِ سَلْمَى ... يَوْمَ نُعْمَانَ فِي الْكُبُولِ سَقِيمُ
ثم قال : الْجَوْلَانُ : اسْمٌ يُطْلَقُ عَلَى السَّرَاةِ » سلسلة الجبال« الْوَاقِعَةِ جَنُوبَ غَرْبِيِّ دِمَشْقَ ، وَغَرْبَ إقْلِيمِ حَوْرَانَ ، وَأَعْلَى قِمَّةٍ فِيهَا تُدْعَى » جَبَلَ الشَّيْخِ « ، لِأَنَّهُ - أَبَدًا - مُغَطًّى بِالثَّلْجِ ، وَكَانَ يُدْعَى » حَارِثَ الْجَوْلَان« قَالَ النَّابِغَةُ الذبْياني يَرْثِي النُّعمان بن المنذر بن الحارث الغساني( ) :
بكَى حارِثُ الجَوْلانِ مِنْ فَقْدِ رَبِّه ... وحَوْرانُ مِنْهُ خائفٌ مُتضَائِلُ
سجود له غسّان يرجون فضـــله ... وحاء ودمّون وترك وســابلُ( )
قال صاحب كتاب » نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب« : أبو كرب النعمان بن الحارث ولقبه قطام ، وبكاه النابغة الذبياني بقوله :
بكى حارث الجولان من فقد ربه ... وحوران منه خاشع متضائل
وحارث : قصر كان له بالجولان ، وحوران بلد في جهات دمشق( ). وزاد البكري قوله :
سقى الله قبرًا بين بصرى وجاسم ... ثوى فيه جود فاضل ونوافـــــل
فآب مضلّـــوه بعيــــن جليّــــــــة ... وغودر فى الجولان حزم ونائل
والجولان : موضع قبره ، ثم قال بعد هذا:
ولا زال يسقى بين شرج وجاسم ... بجود من الوسمىّ قطر ووابل( )
قَوْلُهُ : مِنْ فَقْد رَبِّه ، يَعْنِي النُّعْمَانَ. فمعنى قول النابغة : كذب الناس خبر موت النعمان أول ما جاء ، فلما جاء دافنوه بخبر ما عاينوه صدقوا الخبر الأول( ) .وقد أدرك النابغة أجل » النعمان بن الحارث بن أبي شمر« ، إذ مات مقتولًا فرثاه بقصيدة ، يظهر منها أنه كان يكنى بـ» أبي حجر« ، وأنه قبر موضع يقع بين » بصرى« و » جاسم« . وقد غزا » النعمان « العراق ، ولا يستبعد » نولدكه« أن يكون هو الذي قصده المؤرخ » ثيوفلكتوس« حين تحدث عن غزو قام به عرب الروم على العراق في زمن الصلح أي حوالي سنة » 23 ق.هـ« ( ). وقد مدح النابغة » النعمان بن الحارث الأصغر« في القصيدة التي تبدأ بقوله :
وَإِن يَرجِعِ النُعمانُ نَفرَح وَنَبتَهِج ... وَيَأتِ مَعَدًّا مُلكُها وَرَبيــعُها
وَيَرجِع إِلى غَسّانَ مُلكٌ وَسُؤدُدٌ ... وَتِلكَ المُنى لَو أَنَّنا نَستَطيعُها
ورثى » النابغة« النعمان في قصيدة جاء فيها أن شيبان وذهلًا وقيس بن ثعلبة وتميمًا سروا بوفاته ؛ لأنهم أمنوا بذلك على أنفسهم من غارته ومن غزوه لهم . ويظهر من شعر النابغة فيه أنه كان محاربًا يغزو القبائل ، ولذلك هابته . وقد بكاه بقوله :
بَكى حارِثُ الجَولانِ مِن فَقدِ رَبِّهِ ... وَحَوْرانُ مِنهُ خَاشِعٌ مُتَفائِلُ
وذكر » ابن قتيبة« أن النابغة لما صار إلى غسان ، انقطع إلى » عمرو بن الحارث الأصغر بن الحارث الأعرج بن الحارث الأكبر بن أبي شمر الغساني« وإلى أخيه » النعمان بن الحارث « ، فأقام النابغة فيهم فامتدحهم ، فغم ذلك النعمان بن المنذر ملك الحيرة ، وبلغه أن الذي قُذف به عنده باطل ، فبعث إليه من يسأله أن يعود ، فاعتذر النابغة في شعر ، وقدم عليه مع زبان بن سيار ومنظور بن سيار الفزارين ، وقبل عذره ورحب به( ). وعن الجارود بن أبي سبرة أن معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه - لما أسن قعد في علية له متفضلًا بملاءة له حمراء ، ثم نظر إلى عضديه قد استرخى لحمها ، فأنشأ يقول :
حكى حارث الجولان من فقد ربه ** وحوران منه موحش متماثل
ثم قال معاوية :
فإن المرء لم يخلق حديدًا ** ولا هضبًا توقله الوبـــــــار
ولكن كالشهاب سناه يخبو ** وحادي الموت عنه ما يحار( )
قال أَبُو عبيدة: حارث الجولان: جبلٌ قريب من جولان ، وفي جولان هلك ابن حجر الغساني . قال حسّان بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :-
قد عفا جاسم إلى بيت رأس ... فالجوابي فحارث الجولان( )
وَقَالَ حَسَّانُ بن ثابت الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
هَبِلَتْ أُمُّهُمْ ، وَقَدْ هَبِلَتْهُمْ... يَوْمَ رَاحُوا لِحَارِثِ الْجَوْلَانِ( )
وقال حسان بن ثابت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
لمـــن الـــدّار أقفـــرت بمعــان ... بين شاطئ اليرموك فالخمّان
فالقريّـــات مـــن بلاس فداريّــا ... فســـكّاء فالقصـــور الدّواني
فقـــفا جاســـم فأوديــــة الصّــفّـ ... ـر مغـــنى قبائــل وهجـــان
ذاك مغنى من آل جفنة في الدهـ ... ـر، وحـــقّ تعاقب الأزمـان
ثكلـــت أمّهـــم وقـــــد ثكلتهــــم ... يوم حلّوا بحارث الجـــولان( )
وقال أبو دهبل بن سالم القريعي :
حنّت قلوصي أمس بالأردنّ ... حنّة مشـــــتاق بعيد الهـنّ
حنّي! فما ظلّمت أن تحـنّي ... ودون إلفيك رحى الحزنن
وعرض السّـــماوة القسـونّ ... والرمل من عالج البحــونّ
ورعن سلمى وأجا الأخشنّ ... ثم غدت ، وهي تهال منّي
جاعـلة العويـــر كالمجـــنّ ... وحارثًا بالجانب الأيمــــنّ
عامـــدة أرض بني أنفـــنّ ...
يريد بني أنف الناقة ، حارث الجولان : وهو جعفر بن قريع( ). وأنف الناقة من تميم ، من عدنان : جد جاهلي كان لقبه » أنف الناقة« وبه عرف بنوه ، وكانوا يكرهون هذا اللقب . قال أبو عبيدة : بنو أنف الناقة : بنو جعفر بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، يقال : إنهم نحروا جزورًا كانوا غنموها في بعض غزواتهم ، وقد تخلف جعفر بن قريع ، فجاء ولم يبق من الناقة إلا الأنف فذهب به ، فسموه به . هذا قول أبي عبيدة . وقال الكلبي : سموا بذلك لأن قريع بن عوف نحر جزورًا وكان له أربع نسوة ، فبعث إليهن بلحم خلا أم جعفر ، فقالت أم جعفر: اذهب واطلب من أبيك لحمًا . فجاء ولم يبق إلا الأنف فأخذه فلزمه وهجي به . ولم يزالوا يسبون بذلك( ) ، وكان بنو أنف الناقة إذا ذكر أحد عند أحدهم أنف الناقة ـ فضلآ عن أن ينسب إليهم ـ اشتد غضبهم عليه فما هو إلا أن قال الحطيئة يمدحهم :
سيري أمام فإن الأكثرين حصى ... والأكرمين إذا ما ينسبون أبـــــا
قوم هم الأنف والأذناب غيرهــم ... ومن يسوِّي بأنف الناقة الذنبــــا
قوم إذا عقدوا عقدًا لجارهـــــــم ... شدوا العناج وشدوا فوقه الكربـا
أبلغ ســراة بني سعد مغلغـلــــــة ... جهد الرسالة لا التا ولا كذبـــــــا
ما كان ذنــب بغيض لا أبـــا لكـــم ... في بائس جــــاء يحـــدو أينقًا شـسبا
فصار أحدهم اذا سئل عن انتسابه لم يبدأ إلا به( ). وكان الممدوح منهم » بغيض بن عامر بن لاي بن شماس بن لاي بن أنف الناقة« ، وهجا » الزبرقان « ، واسمه » الحصين بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن عوف بن كعب « ، فصاروا يفخرون ويتباهون بأن يقال لهم » أنف الناقة « ، وكانوا يعيرون به ويغضبون منه ويفرقون من هذا الاسم ، حتى أنّ الرجل منهم كان يسأل ممن هو فيقول من » بني قريع « فيتجاوز جعفراً » أنف الناقة « ، ويلغي ذكره فراراً من هذا اللقب ، إلى أن قال » الحطيئة « هذا الشعر فصاروا يتطاولون بهذا النسب ، ويمدون به أصواتهم في جهارة( ).
وقال الراعي:
روين ببحـــر مـــن أميّــة ، دونه ... دمشـــق وأنهار لهنّ عجيج
أنحـن بحوّاريـــن في مشـــمخرّة ... نبيت ، ضباب فوقها وثلوج
ترى حارث الجولان يبرق دونه ... دسـاكر في أطرافهن بروج( )
وقال ياقوت في مادة مُحْبِلٌ : موضع في ديار بني سعد قرب اليمامة. ومحبل : من ديار غسان بالشام ، قال بشير أبو النعمان بن بشير :
تقول وتذري الدمع عن حرّ وجهها ... تعلّل نفســــي قبـــل نفســـك باكر
أبَـاحَ لَها بِطْــــرِيقُ غَسّــــانَ غائِطاً ... لَهُ من ذُرَى الجَــوْلانِ بقلٌ وَزَاهِرُ
تربّع في غسّـــان أكنـــاف محبـــل ... إلى حارث الجــولان فالنِّيِّ ظاهر( )
ومن أيام » حروب« العرب في الجاهلية يوم حارث الجولان( ). وقال القاضي الرشيد أحمد بن علي بن الزبير صاحب كتاب الجنان من قصيدة غراء في مدح الصالح بن رزيك ، وذكر فيها نور الدين ، أولها :
أعلمـــت حيـــن تَجـــاور الحـيان ... أن القلـــوب مواقـــد النيــران
يا كاســـر الأصنام قم فانهض بنا ... حتى تصير مكسِّــــر الصلبان
فالشـــام ملكك قـــد ورثــت بلاده ... عن قومك الماضين من غسان
وإذا شــــككت بأنــــها أوطـــانهم ... قدماً فسل عن حارث الجولان
أو رُمت أن تتلو محاســن ذكرهم ... فأســـند روايتها إلى حســــان
مازلزلت أرض العدا، بل ذاك ما ... بقلـــوب أهليها مـــن الخفـقان
وأقول إن حصونهم ســـجدت لما ... أوتيت من ملك ومـن ســلطان
ولقــد بعثــت إلى الفرنـــج كتائباً ... كالأسد حين تصـول في خّفَّان
لبسوا الدروع ولم نخل مِنْ قبلهم ... أن البحـــار تحـل في غُــدران
عجـــلت في تل العَجُــول قراهم ... وهـــم لك الضيـــفان بالذِّيــفان
وثللت في يوم العريش عروشهم ... بشـبا ضــراب صادق وطعان
ألجـــأتهم للبحـــر لمــا أن جرى ... منه ومــن دمهـــم معاً بحـران
ولقد أتى الأسطول حين غزا بما ... لم يأت في حيـــن من الأحيـان
وأعدت رُسل ابن القسيم إليه في ... شــــعبان كي يتلاءم الشَّـــعبان
والفال يشهد في اسمه أن سوف يغـ ... دو الشام وهو عليكما قسمان
وأراك من بعـــد الشـــهيد أبــاً له ... وجعلته من أقـــرب الإخـــوان
وهو الذي مازال يفعل في العــدا ... ما لم يكـــن لِيُعَـــدَّ في الإمـكان
قتــل البرنس ومن عســـاه أعانه ... لمــا عــتا في البغي والعــدوان
وأرى البرية حين عــاد برأســـه ... مُرَّ الجنى يبـدو على المـــران( )
ومن استعراض الأشعار السابقة نجد أن ثلاث مصطلحات هامة تخص موضوعنا هي : الجابية ، والحارث ، والجولان نتناولها فيما يلي :
1. الجابية :
الجابِيةُ : مؤنث الجابي . والجابِيةُ الحوْضُ يُجبَى فيه الماء . والجمع : جوابٍ . وفي التنزيل العزيز : » وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ « ( ).
قال النووي : الجابية: قرية معروفة بجنب نوى على ثلاثة أميال منها من جانب الشمال ، وإلى هذه القرية ينسب باب الجابية أحد أبواب دمشق. قال أبو الفتح: سميت الجابية تشبيهًا بما يجبى فيه الماء ، فإن الجابية اسم للحوض ، فسميت جابية لكثرة مياهها ، قال : والجابية أيضًا جماعة القوم ، فيجوز أن تكون سميت بذلك لاجتماع الناس بها وكثرتهم فيها لكونها أرض خصب وخير( ). والْجَابِيَةُ الْمَشْهُورَةُ فَهِيَ شَمَالَ بَلْدَةِ الصَّنَمَيْنِ ، وَلَهَا تَلٌّ يُعْرَفُ بِتَلِّ الْجَابِيَةِ ، أَيْ قَرِيبَةٌ مِنْ الْجَوْلَانِ ، وَهُنَاكَ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ( ) . والجابية موقع تاريخي في سورية ، ويعرف اليوم بتل الجابية ويقع إلى الغرب من مدينة نوى الواقعة بسهل حوران ، وقد اتخذ الغساسنة الجابية عاصمة لهم في جنوب سورية بعد اتخاذهم بصرى عاصمة لهم قبل تحويل عاصمتهم لاحقًا إلى الجابية بمرتفعات الجولان ، وسرعان ما امتد حكمهم ليشمل كل الأردن والجولان وحوران وغوطة دمشق وجنوب سورية ، ووصلوا في غزواتهم حتى خيبر ، وامتد حكمهم من عام 415ق.هـ - 17هـ( ) ، أي أربع مئة وثماني عشرة سنة . وأول ملوكهم هو جفنة بن عمرو الذي حكم ما بين 415- 369 ق.هـ( )، ولذا يطلق بعضهم على ملوك الغساسنة : آل جفنة . وقد امتد سلطانهم على قسم كبير من بلاد الشام مثل تدمر والرصافة في وسط سورية ، والبلقاء والكرك في الأردن وإلى البحر، وكانت عاصمتهم بالجابية في الجولان ( ) ، وفي الجابية أيضًا عقد عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مؤتمر الجابية بعد معركة اليرموك . والموقع الهام للجابية في الطريق الواصل من الجنوب إلى دمشق جعل لهذا المكان التاريخي أهمية كبيرة ، حيث تقع بين جاسم ونوى إلى الغرب من تل أم حوران على نبع الجابية الشهير ، وقد اشتهر في بداية الفتح الإسلامي لبلاد الشام حيث عقد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مع قادة جيش الفتح مؤتمر الجابية الشهير( ). وهي اليوم خربة أثرية في حوران ، منطقة إزرع ، محافظة درعا . وتقع على تل الجابية الذي يرتفع « 708م « والمشرف غرباً على سهل منبسط ، وتبعد 4 كم شمال غرب مدينة نوى ، وأبرز بقاياها جدار في الشرق ، وبقايا أساسات مبنى ، وأحجار نحتية مبعثرة ، وقرب موقعها مغارة ينفتح بابها نحو الشرق . ذكرها ياقوت الحموي بأنها من أعمال الجيدور من إقليم الجولان بالقرب من مرج الصفر . وكانت حصناً منيعاً للبيزنطيين ، ومركزاً دينياً للمسيحيين من أتباع مذهب الطبيعة الواحدة « اليعاقبة «، والعاصمة السياسية للعرب الغساسنة ، كما قدم إليها الخليفة عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عام 17هـ وبصحبته كبار الصحابة ، حيث استدعى قادة الجنود المسلمين وعقد مؤتمراً سياسياً وألقى خطبته التي عرفت بخطبة الجابية ، كما عرف اللقاء بيوم الجابية ، ثم توجه إلى القدس( ). وذكر في كنز العمّال عن موسى بن عقبة , قال : هذه خطبة عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يوم الجابية : أما بعد فاني أوصيكم بتقوى الله الذي يبقى, ويفنى ما سواه , الذي بطاعته يكرم أولياؤه وبمعصيته يضل أعداؤه, فليس لهالك هلك معذرة في فعل ضلالة حسبها هدى , ولا في ترك حق حسبه ضلالة . وإن أحق ما تعهّد الراعي من رعيّته أن يتعاهدهم بما لله عليه من وظائف دينهم الذي هداهم الله له , وإنما علينا أن نأمركم بما أمركم الله به من طاعته , وننهاكم عمّا نهاكم الله عنه من معصيته , وأن نقيم فيكم أمر الله - عز وجل - في قريب الناس وبعيدهم , ولا نبالي على من مال الحق , وقد علمت أقوامًا يتمنون في دينهم فيقولون : نحن نصلي مع المصلين , ونجاهد مع المجاهدين , وننتحل الهجرة , وكل ذلك يفعله أقوام لا يحمدونه بحقه , وإن الإيمان ليس بالتحلّي , وإن للصلاة وقتًا اشترطه الله فلا تصلح إلا به , فوقت صلاة الفجر حين يزائل المرء ليله , ويحرم على الصائم طعامه وشرابه , فآتوها حظها من القرآن . ووقت صلاة الظهر إذا كان القيظ , فحين تزيغ عن الفلك حتى يكون ظلك مثلك , وذلك حين يهجّر المهجّر , فإذا كان الشتاء , فحين تزيغ عن الفلك حتى تكون على حاجبك الأيمن , مع شروط الله في الوضوء والركوع والسجود , وذلك لئلا ينام عن الصلاة . ووقت صلاة العصر والشمس بيضاء نقيّة قبل أن تصفارّ قدر ما يسير الراكب على الجمل الثّقال فرسخين قبل غروب الشمس . وصلاة المغرب حين تغرب الشمس ويفطر الصائم . وصلاة الليل حين يعسس الليل , وتذهب حمرة الأفق إلى ثلث الليل . فمن رقد قبل ذلك فلا أرقد الله عينيه , هذه مواقيت الصلاة « إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا «( ). ويقول الرجل قد هاجرت , ولم يهاجر, وإن المهاجرين الذين هجروا السيئات . ويقول أقوام : جاهدنا , وإن الجهاد في سبيل الله مجاهدة العدو واجتناب الحرام . وقد يقاتل أقوام يحسنون القتال ، لا يريدون بذلك الأجر ولا الذكر, وإنما القتل حتف من الحتوف , وكل امرئ على ما قاتل عليه . وإن الرجل ليقاتل بطبيعته من الشجاعة , فينجّي من يعرف ومن لا يعرف , وإن الرجل ليجبن بطبيعته , فيسلم أباه وأمه , وإن الكلب ليهرّ من وراء أهله . واعلموا أن الصوم حرام يجتنب فيه أذى المسلمين كما يمنع الرجل من لذته من الطعام والشراب والنساء , فذلك الصيام التام . وإيتاء الزكاة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيّبة بها أنفسهم , فلا يرون عليها برّا . فافهموا ما توعظون به , فإن الحريب من حرب دينه , وإن حرب دينه , وإن السعيد من وعظ بغيره , وإن الشقيّ من شقي في بطن أمه , وإن شر الأمور مبدعاتها . وإن الاقتصاد في سنّة خير من الاجتهاد في بدعة . وإن للناس نفرة عن سلطانهم , فعائذ بالله أن يدركني وإياكم ضغائن مجبولة وأهواء متّبعة ودنيا مؤثرة , وقد خشيت أن تركنوا إلى الذين ظلموا فلا تطمئنوا إلى من أوتي مالا . عليكم بهذا القرآن , فإن فيه نورًا وشفاء , وغيره الشقاء , وقد قضيت الذي علي فيما ولاني الله - عز وجل - من أموركم , ووعظتكم نصحًا لكم , وقد أمرنا لكم بأرزاقكم , وقد جنّدنا لكم جنودكم , وهيّأنا لكم وأثبتنا لكم , ووسّعنا لكم ما بلغ فيكم وما قاتلتم عليه بأسيافكم , فلا حجّة لكم على الله بل لله الحجّة عليكم . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم( ). كما عقد في الجابية مؤتمر للأمويين إثر وفاة معاوية الثاني ، الذي تقرر فيه انتقال الخلافة إلى مروان بن الحكم ، على أن يليه خالد بن يزيد بعد وفاته ، وبذلك انتقلت الخلافة إلى الفرع المرواني ، بعد أن كانت بالفرع السفياني ، ويمكن الوصول إلى الجابية من مدينة نوى بطريق ترابية( ).
2. الحارث :
قال النووي : هو الذي عناه حسان بن ثابت - رضي الله تعالى عنه - بقوله :
فالحوابي فحارث الجولان ... قد عنى جاسم إلى بيت رأس
قيل: حارث جبل ، وقيل : رجل بعينه( ). قال الزبيدي في مادة » حرث « : الحَرْثُ: الكَسْب ، كالاحْتِرَاثِ ، وَفِي الحَدِيثِ : » أَصْدَقُ الأَسماءِ الحَارِثُ « ؛ لأَنَّ الحارِثَ هُوَ الكاسِبُ ، واحْتِراثُ المالِ كَسْبُه ، والإِنْسانُ لَا يَخْلُو من الكَسْبِ طَبْعاً واخْتِيَارًا . قَالَ الأَزهريّ : والاحتِراثُ : كَسْبُ المَال ، والحَرْثُ العَمَلُ للدُّنْيا والآخِرَةِ ، وَفِي الحَدِيثِ » احْرُثْ لدُنْياكَ كأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَداً ، واعْمَلْ لآخرَتكَ كَأَنَّكَ تموتُ غَداً . « وَفِي الأَساس : وَمن الْمجَاز : احْرُثْ لآخِرَتِكَ ، أَي اعْمَلْ لَهَا. و» الحَرْثُ« : جَمْعُ المالِ وكَسْبُه . وَحَرَثَ ، إِذا اكْتَسَب لِعِياله واجْتَهَدَ لَهُم ، يُقَال: هُوَ يَحْرُثُ لعيالِهِ ، ويَحْتَرِثُ ، أَي يَكْتَسِبُ ، وَفِي التّنزيلِ العَزِيزِ : » وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا« ( ) أَي كَسبَهَا . و» الحَرْثُ « : الجَمْعُ بَيْن أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ، عَن أَبي عَمْرٍ و ، وقَدْ حَرِثَ كسَمِعَ . و» الحَرْثُ : النِّكاحُ بالمُبَالَغَة . ونَصُّ ابْن الأَعرابيّ: الجِمَاعُ الكَثِيرُ ، وَقد حَرَثَها إِذا جَامَعَها جاهِداً مُبَالِغاً ، وأَنشد المُبَرِّد :
إِذَا أَكَلَ الجَرَادُ حُرُوثَ قَوْمٍ ... فحَرْثِي هَمُّه أَكْلُ الجَرادِ
والحَرْثُ : المَحَجَّةُ المَكْدُودَةُ بالحَوَافِرِ، لكَثْرَةِ السَّيْرِ عَلَيْهَا . والحَرْثُ : أَصلُ جُرْدَانِ الحِمَارِ ، والجُرْدَانُ – بِالضَّمِّ- قَضِيبُ كلِّ ذِي حافِر . ومن الْمجَاز : الحَرْثُ : السَّيْرُ على الظَّهْرِ حَتّى يُهْزَلَ ، قَالَ ابنُ الأَعرابيّ: حَرَثَ الإِبِلَ والخَيْلَ وأَحْرَثَهَا : إِذا سَارَ عَلَيْهَا حَتّى تُهْزَلَ ، وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ قالَ للأَنْصَارِ : مَا فَعَلَتْ نَوَاضِحُكُمُ ؟ قالُوا: أَحْرَثْنَاهَا يَوْمَ بَدْر- أَي أَهْزَلْنَاها - يُقَال: حَرَثْتُ الدَّابَّةُ وأَحْرَثْتُهَا ، أَي أَهْزَلْتُهَا . والحَرْثُ ، والحِرَاثَةُ: العَمَلُ فِي الأَرْضِ زَرْعاً كانَ أَو غَرْساً. وقَدْ يكُونُ الحَرْثُ نَفْسَ الزَّرْع ، وَبِه فَسّرَ الزّجّاجُ قولَه تَعَالَى: » أَصَابَت حرث قوم ظلمُوا أنفسهم فأَهلكته «( ) ، وَفِي التَّهْذِيب : الحَرْثُ : قَذْفُ الحَبَّ فِي الأَرْضِ للازْدِراعِ ، والحَرَّاثُ : الزَّرّاعُ ، وَقد حَرَثَ ، واحْتَرَثَ ، مثل: زَرَعَ ، وَازْدَرَعَ . و من الْمجَاز : الحَرْثُ: تَحْرِيكُ النَّارِ وإِشْعالُهَا بالمِحْراثِ . ومن المَجَاز: الحَرْثُ : التَّفْتيشُ ، يُقَال: حَرَثَ إِذا فَتَّشَ ، وَفِي كلامِ بعضِ الأَئِمَّةِ : الحَرْثُ: تَفْتِيشُ الكتَابِ وتَدَبُّرُه . والحَرْثُ : التَّفَقُّهُ ، يُقَال : حَرَثَ ، إِذا تَفَقَّهَ ، ويقالُ: احْرُثِ القُرْآنَ ، أَي ادْرُسْه ، وَهُوَ مَجاز، وحَرَثْتُ القُرْآنَ أَحْرُثُهُ ، إِذا أَطَلْتَ دِرَاسَتَه وتَدَبَّرْتَه ، وَفِي حديثِ عبدِ الله : » احْرُثُوا هذا القرْآنَ« أَي فَتِّشُوه وثَوِّرُوه . والحَرْثُ: تَهْيِئَةُ الحَرَاثِ ، كسَحَاب : اسمٌ لِفُرْضَةِ - بالضمّ - تكون فِي طَرَفِ القَوْسِ يَقَعُ فِيهَا الوَتَرُ، وَهِي الحُرْثَةُ – بالضّمّ – أَيضاً . والحَارِثُ : الأَسَدُ ، وهُوَ عَلَمُ جِنْسٍ عَلَيْهِ ، كَأَبِي الحَارِثِ كُنْيَتُه ، وَهُوَ الأَشْهَرُ . والحَارِثُ : قُلَّةٌ من قُلَلِ الجَوْلانِ وَهُوَ جَبَلٌ بالشامِ . و الحَارِثُ: اسمٌ ، قَالَ سيبَوَيْه: قَالَ الخَلِيلُ: إِنّ الَّذين قالُوا الْحَارِث إِنَّمَا أَرادُوا أَن يَجّعَلُوا الرَّجُلَ هُوَ الشَّيْءَ بعَيْنِه ، وَلم يَجعَلُوه سُمِّيَ بِهِ ، ولكنَّهُم جعَلُوه كأَنَّهُ وصْفٌ لَهُ غَلَبَ عليهِ ، قَالَ : وَمن قَالَ : حَارِثٌ بِغَيْر أَلف ولامٍ فَهُوَ يُجْرِيه مُجْرَى زَيْدٍ ، قَالَ ابنُ جِنِّي: إِنَّمَا تَعَرَّفَ الحارثُ ونحوُه من الأَوْصاف الغَالِبَةِ بالوَضْع دون اللاّم ، وإِنَّمَا أُقِرَّت اللاّمُ فِيهَا بعد النّقْلِ وكَونِها أَعلاماً ، مُراعَاةً لمذْهَب الوصْفِ فِيهَا قبل النقْل . وجَمْعُ الأَوّل: الحُرَّثُ والحُرَّاثُ ، وَجمع حَارِثٍ: حُرَّثٌ وحَوارِثُ ، قَالَ سيبويهِ: وَمن قَالَ حارِثٌ ، قَالَ فِي جَمعِه: حَوَارِث ، حَيْثُ كَانَ اسْماً خاصًّا كزَيْدٍ( ) . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : » أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ . أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ« ( ). وَبَيْنَ الْفِعْلَيْنِ فَرْقٌ ، وَهُوَ أَنَّ الْحَرْثَ أَصْلُهُ : التَّفْتِيشُ ، وَالزَّرْعَ : الْإِنْبَاتُ ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، فَكَأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِ فِعْلِهِ حَارِثٌ وَبِاعْتِبَارِ آخِرِ فِعْلِهِ عَلَى التَّسْبِيبِ أَوْ عَلَى الْقَصْدِ زَارِع( ). وقال ياقوت أيضًا : الحارِثُ : والحرث جمع المال وكسبه ، والحارث الكاسب ، ومنه الحديث : أصدق أسمائكم الحارث ، ومنه سمي الأسد أبا الحارث ، والحرث قذف الحب في الأرض للزرع ، والحرث النكاح ، والحارث : قرية من قرى حوران من نواحي دمشق يقال لها حارث الجولان ، وقال الجوهري: الجولان جبل بالشام ، وحارث قلّة من قلله ... والحارث والحويرث: جبلان بأرمينية فوقهما قبول ملوك أرمينية ومعهم ذخائرهم ، وقيل : إن بليناس الحكيم طلسم عليها لئلا يظفر بها أحد فما يقدر إنسان يصعد الجبل ، وقال المدائني : جبلا الحارث والحويرث اللذان بدبيل سميا بالحويرث بن عقبة والحارث بن عمرو الغنويّين وكانا مع سلمان بن ربيعة رهبأرمينية ، وهما أول من دخل هذين الجبلين فسميا بهما( ). وقال القطيعي : الحارث : قرية من قرى حوران ، من نواحى دمشق. ويقال لها: حارث الجولان ، وهو جبل بالشام . والحارث والحويرث: جبلان بأرمينيّة( ). ولعل تسمية حارث الجولان بهذا الاسم نسبة لأحد ملوك الغساسنة ممن سموا بهذا الاسم واتخذوا الجولان مركزًا لحكمهم( ) ، وهم الحارث بن ثعلبة « 346- 325 ق.هـ «، والحارث بن جبلة بن الحارث ابن ثعلبة « 315- 305 ق.هـ « ، والحارث بن الأيهم « 194- 172ق.هـ « ، والحارث بن حجر« 141- 114 ق.هـ « ، والحارث بن جبلة بن الحارث بن حجر« 96- 55 « ، والحارث بن الحارث « 41 ق.هـ « . وأشهرهم الملك الغساني الحارث بن جبلة الغساني الذي حكم بين عامي « 96- 55 ق.هـ« ( ) الذي قام بمساعدة بيزنطة في حربها ضد الفرس في معارك كثيرة أشهرها معركة الرقة ، وقد منحه الإمبراطور جستنيان « يوسطنيانوس : Justinianus « لقب بتريسيوس « فيلارخ - فيلاركPhylarch : « ، أي عاملًا على عرب بلاد الشام لحماية الحدود من اعتداءات المناذرة عرب العراق( ) سنة 96 ق.هـ( ) مكافأة له على إخلاصه . وقد نبغ الملك الحارث بن جبلة الغساني الذي شارك الرومان في جميع حروبهم . وقد تم تتويجه ملكاً من قبل الإمبراطور الروماني جستنيان ، وذلك بعد إسدائه خدمتين كبيرتين لبيزنطة : الأولى انتقامه لمقتل الحارث الكندي ، الذي كان هو الآخر حليفاً لبيزنطة ، وعدواً للمناذرة ، الذين قتلوه . أما الخدمة الثانية فقد كانت مشاركته في قمع عصيان السامرة . ولم يكن لقب الملك يعطى جزافاً ، وخصوصاً في زمن جستنيان واضع القوانين والمشرع الكبير . وكان الحارث يلقب « فيلارخ : الملك « للدلالة على قوته ومكانته لدى الروم ، حيث كان الحارث تابعاً للروم ، فقد كان الحكام التابعون يسمون فيلارخ ، ولم يكن لقب ملك يمنح لأحد غير الإمبراطور تمهيداً لتتويجه إمبراطوراً .وكذلك كان يلقب عددٌ آخر من مشايخ القبائل العربية التي تقطن الشام . فكان يُراد باللقب الجديد تمييز الحارث وتوحيد الجهود تحت قيادته. وفي عام 94 ق.هـ( ) تجددت الحرب بين الفرس والروم فاشترك فيها الملك الحارث . حيث تقدمت القوات الفارسية فاجتازت الفرات ، وعسكرت على ضفته الغربية وتخندقت هناك . فسارع القائد الروماني الشهير بليزاريوس وجمع قواته ، وقدم الحارث مع القوات العربية . ونشروا قواتهم في مواجهة الفرس . فلما بدأ القتال انقضت خيرة الوحدات الفارسية على جيش الحارث فزحزحوه من مكانه ، مما تسبب في فرار بعض الجنود . الأمر الذي مكن القوات الفارسية من الالتفاف حول القوات البيزنطية ، مما تسبب في خسائر كبيرة بالأرواح . وبعد المعركة عُزل بليزاريوس ، واتهم المؤرخ بروكوبيوس ، صديق بليزاريوس الذي كان يرافقه الحارث بالخيانة ، حيث قال إنه انسحب لكشف ميسرة الجيش الروماني ، علماً بأن مؤرخاً معاصراً آخر اسمه ملالة أكد أن معظم العرب صمدوا حول قائدهم الذي حارب ببسالة . مشيراً إلى أن جزءاً من القوات العربية فرت من المعركة نتيجةً لفرار قوات أخرى ، قليلة التدريب ، كانت تحارب مع الجيش الروماني. وقد غيَّر هذا الاتهام مسار حياة الحارث ، الذي كان مستبعداً عنه هذا السلوك ، فقد كان مسيحياً مؤمناً صاحب عقيدة ، حيث كان من ألقابه « محب المسيح « كما كان عداؤه للفرس واللخميين مستحكماً ، لدرجةٍ تمنعه من التعاون معهم مهما كان المقابل أو الدافع . فقد قدم المنذر بن الحارث قرباناً للعزى بعد أسره في إحدى الغزوات في عام 71 ق.هـ( ) ، حيث اعتبر البعض هذه الواقعة دليلاً على عدم صحة خيانة الحارث . كما قُتل ابنٌ آخر للحارث في معركة أخرى مع الفرس واللخميين . كما يشير البعض إلى أن بعض المؤرخين اللاتين اعتادوا تحميل مسؤولية هزائمهم إلى السريان والعرب . وفي عام 63 ق.هـ( ) عقدت اتفاقية صلح بين الإمبراطوريتين . وفي هذه المرة أخذ العرب في الجانبين ، حقهم كطرف من أطراف الصلح مثلما كانوا وقت القتال . بل نالوا بعض المطالب مثل حق توريث الحكم والإعفاء من الإتاوات المدفوعة على البضائع التي يتاجرون بها . وفي عام 61 ق.هـ( ) سافر الحارث إلى القسطنطينية ، حيث قابل الإمبراطور وتحادث معه في أمر أتباع المذهب المونوفيزي - الطبيعة الواحدة - والذين كان أكثرهم من العرب والسريان والشعوب المشرقية الأخرى ، والذين كانوا يحظون بتأييد الملك الحارث حيث أخذ معه رسالتهم المذهبية وطلب اعتمادها من قبل بطاركة وأساقفة القسطنطينية ، فوقع عليها سبعة وامتنع اثنان ، فغضب الحارث واتهمهما بالهرطقة. وكان الحارث قد نجح قبل ذلك في تنصيب اثنين من المشارقة كأسقفين . ومات الملك الحارث الذي حافظ على حقه وحق شعبه بالاختلاف المذهبي ونجح في تنصيب أسقف عربي ، محققاً بذلك أمنية قديمة للعرب تعبر عن رغبتهم في الاستقلال الروحي( ). قال الزركلي : عنه : أشهر أمراء بني جفنة في بادية الشام ، وأعظمهم شأناً ... وذكر أن زيارته للقسطنطينية - عاصمة الرومان يومئذ – سنة 61 ق.هـ( )، لمفاوضة حكومة القيصر في من يخلفه من أولاده ، وفي الاستعداد لمقاومة ملك الحيرة « عمرو بن المنذر « . ويظهر أنه كان عظيم الهيبة حتى أن أهل البلاط الروماني كانوا ، فيما بعد ، يخيفون الامبراطور يوستينوس « وكان مخبولاً عربيداً « بقولهم : تعقل أو ندعو لك الحارث بن جبلة ؟ فيهدأ . واستمر الحارث أميراً « أو ملكاً « نحو أربعين سنة . ويقال له « الحارث الخامس « وأمه مارية ذات القرطين . وهو أبو حليمة التي يقال فيها : « ما يوم حليمة بسر « . وكان كثير الهبات ، داهية ، عارفاً بأسرار الحروب( ). وكانت العلاقة بين الغساسنة وبيزنطة في أحسن حال ، وكانت علاقة تكاملية ، ولكل من الدولتين دوره في تاريخ المنطقة . وقد ساند البيزنطيون الغساسنة , وكان لمملكتهم سلطانها وأهميتها وتنتسب العديد من القبائل والعوائل العربية المسيحية المعاصرة في سورية والأردن ولبنان وفلسطين إلى الغساسنة , وأكبر تجمع لمن تبقى على ديانة ومعتقد الغساسنة هو في مدينة خبب وبعض بلدات محافة درعا في سورية ، وفي مدينتي الكرك و مأدبا في الأردن ، وكذلك مدينة زحلة في لبنان بعد أن انتقلوا من موطنهم في الأردن جنوب سورية . والغساسنة ونسلهم اليوم معظمهم مسلمون( ).

شجرة ملوك الغساسنة
الترتيب الحـــاكــم فترة الحكم الترتيب الحــاكــم فترة الحكم الترتيب الحـــاكــم فترة الحكم الترتيب الحـــاكــم فترة الحكم
1 جفنة بن عمرو
220-265
2 عمرو بن جفنة
265-270
3 ثعلبة بن عمرو
270-287
4 الحارث بن ثعلبة
287-307

5 جبلة بن الحارث
307-317
6 الحارث بن جبلة
317-327
7 المنذر بن الحارث
327-330
8 الأيهم بن الحارث
327-330

9 المنذر الأصغر
327-340
10 النعمان بن الحارث
327-342
11 عمرو بن الحارث
330-356
12 جبلة بن الحارث
327-361

13 جفنة بن المنذر
361-391
14 النعمان بن المنذر
361-462
15 النعمان بن عمرو بن المنذر
391-418
16 جبلة بن النعمان
418-434

17 النعمان بن الأيهم
434-455
18 الحارث بن الأيهم, و... 434-456
19 النعمان بن الحارث
434-453
20 المنذر بن النعمان, مع... 453-472

21 عمرو بن النعمان
453-486
22 حجر بن النعمان
453-486
23 الحارث بن حجر
486-512
24 جبلة بن الحارث
512-529

25 الحارث بن جبلة
529-569
26 المنذر بن الحارث
569-581
27 أبو كرب النعمان بن الحارث
618-633
28 النعمان بن المنذر
582-583

29 الحارث بن الحارث
583
30 النعمان بن الحارث أبو كرب
583-? 31 الأيهم بن جبلة
?-614
32 المنذر بن جبلة
614-?

33 شراحيل بن جبلة
?-618
34 عمرو بن جبلة
618-628
35 جبلة بن الحارث
628-632
36 جبلة بن الأيهم
632-638

وقد ورد لفظ حارث في الأحاديث النبوية الشريفة ، والآثار ، منها : عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ – رضي الله عنه - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ ، وَهَمَّامٌ ، وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ »( ). وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْيَحْصِبِيِّ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « خَيْرُ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَنَحْوَ هَذَا ، وَأَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ الْحَارِثُ ، وَهَمَّامٌ ، حَارِثٌ لِدُنْيَاهُ وَلِدِينِهِ ، وَهَمَّامٌ بِهِمَا . وَشَرٌّ الْأَسْمَاءِ حَرْبٌ ، وَمُرَّةُ »( ). وعَنْ صَالِحِ بْنِ مِسْمَارٍ ، وَجَعْفَرِ ابْنِ بُرْقَانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْحَارِثِ بْنِ مَالِكٍ : « مَا أَنْتَ يَا حَارِثُ بْنَ مَالِكٍ ؟ » ، قَالَ : مُؤْمِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : « مُؤْمِنٌ حَقًّا ؟ » ، قَالَ : مُؤْمِنٌ حَقًّا ، قَالَ : « فَإِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ ذَلِكَ ؟ » ، قَالَ : عَزَفَتْ نَفْسِي مِنَ الدُّنْيَا ، وَأَسْهَرْتُ لِيَلِي ، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي حِينَ يُجَاءُ بِهِ ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا ، وَكَأَنِّي أَسْمَعُ عُوَاءَ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « مُؤْمِنٌ نُوِّرَ قَلْبُهُ »( ). وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : « نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُسَمِّيَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ حَارِثُ ، أَوْ مُرَّةُ ، أَوْ وَلِيدٌ ، أَوْ حَكَمٌ ، أَوْ أَبُو الْحَكَمِ ، أَوْ أَفْلَحُ ، أَوْ نَجِيحٌ ، أَوْ يَسَارٌ ، وَقَالَ : « أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ ، مَا تُعُبُّدَ بِهِ ، وَأَصْدَقُ الْأَسْمَاءِ هَمَّامٌ » . لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا مُحَمَّدٌ ( ). وعَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ : قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ : « يَا حَارِثَ بْنَ قَيْسٍ ، أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ تَسْكُنَ وَسَطَ الْجَنَّةِ ؟ » قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : « فَالْزَمْ جَمَاعَةَ النَّاسِ »( ). وعن كعب الأحبار أنه قال : ينادي يوم القيامة منادي أن كل حارث يعطى بحرثه ، ويزاد غير أهل القرآن والصيام ، يعطون أجورهم بغير حساب( ).
3. الجولان :
قال الطبري : » الجولان« جبل في نواحي دمشق ، من عمل حوران . وتبين من شعر النابغة أنه كانت به منازل النعمان وقصوره ودوره( ). والنعمان بن المنذر بن الحارث بن جبلة ، أَبو حُجُرٍ الغَسَّانيَّ المتوفى حوالي عام28 ق.هـ( ) هو أمير بادية الشام قبيل الاسلام . نشأ في كنف أبيه ، في بيت الإمارة والملك ، في » الجولان « على الأرجح وشهد غدر الرومانيين بأبيه ، وأخذهم إياه بالحيلة ، ونفيه إلى عاصمتهم » القسطنطينية« ثم إلى صقلية ، فتحول بإخوته وعشيرته إلى الصحراء ، وجعل ديدنه غزو مراكز الرومانيين في أطراف سورية ، واستفحل أمره ، فجهز عليه القيصر طيباريوس Tiberius حملة كبيرة تظاهر قائدها مانيوس Magnus بالجنوح إلى السلم ، ودعاه إلى الاتفاق ، فلما اجتمعا ، قبض عليه مانيوس وأرسله إلى القسطنطينية حوالي سنة 40 ق.هـ( ) وعاش أسيرًا إلى وفاته( ). أما النعمان الثالث ابن المنذر الرابع ابن المنذر ابن امرئ القيس اللخمي ، أبو قابوس المتوفى نحو15 ق هـ ( ) الذي حصل الاختلاف في المراجع بينه وبين الذي قبله ، فهو من أشهر ملوك الحيرة في الجاهلية . كان داهية مقدامًا . وهو ممدوح النابغة الذبياني وحسان بن ثابت وحاتم الطائي -على حد قول الزركلي - وهو صاحب إيفاد العرب على كسرى ، والقصة مشهورة ، وباني مدينة » النعمانية « على ضفة دجلة اليمنى ، وصاحب يومي البؤس والنعيم ، وقاتل » عبيد بن الأبرص« الشاعر في يوم بؤسه ، وقاتل عدي بن زيد ، وغازي قرقيسيا - بين الخابور والفرات- كان أبرشًا ، أحمر الشعر ، قصيرًا . ملك الحيرة إرثًا عن أبيه ، نحو سنة 31 ق.هـ( ) ، وكانت تابعة للفرس ، فأقره عليها كسرى فاستمر إلى أن نقم عليه كسرى » أبرويز« أمرًا ، فعزله ونفاه إلى خانقين ، فسجن فيها إلى أن مات . وقيل : ألقاه تحت أرجل الفيلة ، فوطئته فهلك وقال أبو عبيدة : إن العرب كانت تسمي ملوك الحيرة - أي كل من ملكها - » النعمان « لأنه كان آخرهم( ). وقال النووي : الجَوْلان : كورة معروفة ، وهو إقليم مشتمل على نحو مائتي قرية ، قاعدتها بليدة نوى ، وهي طرفه الشرقي ، وبين نوى ودمشق دون مرحلتين ، وطول الجولان أكثر من مرحلة ، وعرضه نحو مرحلة ، وله ذكر كثير في المغازي وأشعار العرب . قال أبو الفتح الهمداني: مثال الجَوْلان فَعْلان - بفتح الأول وإسكان الثاني - وهو مشتق من الجَوَلان - بفتحهما - من جال يجول ، فالجَوْلان - بفتح فإسكان - الاسم : سمي بذلك لاتساعه( ). وقال الزبيدي : والجَوْلانُ - بالفَتح:- جَبَلٌ بالشَّأْم . وَفِي التَّهْذِيب: جَوْلانُ : قَريةٌ مِن قُرَى الشّأْم ، والجَوْلانُ : التُّرابُ تَجُولُ بِهِ الريحُ علَى وَجهِ الأَرْض كالجَوْلِ . قَالَ: الجَوْلُ والجَوْلَانُ والجِيلانُ : الحَصَى تَجُولُ بِهِ الريح( ). وقال ابن خرداذبة : جَوْلانَ : من نواحي دمشق ، نزل به بلال بن رباح -رضي الله عنه - وتزوج( ). ومن الجولان أكثر ميرة دمشق( ). وقال المقدسي: وأما جبل لبنان فهو متّصل بهذا الجبل ، كثير الأشجار والثمار المباحة ، وفيه عيون ضعيفة يتعبّد عندها أقوام قد بنوا لأنفسهم بيوتًا من القشّ ، يأكلون من تلك المباحات ، ويرتفقون بما يحملون منها إلى المدن من القصب الفارسيّ والمرسين وغير ذلك ، وقد قلّوا به ، وجبل الجولان يقابله من نحو دمشق على ما ذكرنا ( ). وقال ياقوت : الجَوْلانُ : قرية ، وقيل : جبل من نواحي دمشق ثم من عمل حوران ، قال ابن دريد: يقال للجبل حارث الجولان ، وقيل: حارث : قلّة فيه( ). وقال الجميري : الجولان : موضع بالشام معروف كانت حاميم بن عمليق بن لاوذ بن إرم نزلوا الجولان من بلاد حوران والبثنية وذلك بين دمشق وطبرية فانقرضت وأباد الله تعالى جميعها( ). والجولان هي هضبة تقع في بلاد الشام بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال ، تابعة إدارياً لمحافظة القنيطرة - كلياً في ما مضى وجزئياً في الوقت الحاضر- وقعت الهضبة بكاملها ضمن حدود سورية ، وتسمى الجولان أحيانًا باسم الهضبة السورية . وهي تطل من الغرب على بحيرة طبرية ومرج الحولة في الجليل ، أما شرقًا فيشكل وادي الرقاد القادم من الشمال بالقرب من طرنجة باتجاه الجنوب حتى مصبه في نهر اليرموك حداً عرف بأنه يفصل بين الجولان وبين سهول حوران وريف دمشق . ويشكل مجرى وادي سعار من جهة الشمال ــ عند سفوح جبل الشيخ ــ الحدود الشمالية للجولان ، حيث تمتد بين بانياس ــ منابع نهر الأردن ــ حتى أعالي وادي الرقاد جهة الشرق . والحدود الجنوبية للجولان يشكلها المجرى المتعرج لنهر اليرموك والفاصل بين هضبة الجولان وهضبة عجلون في الأردن . وتبعد هضبة الجولان 50 كم إلى الغرب من مدينة دمشق . وتقدر المساحة الإجمالية لها بـ 1860 كم2، وتمتد على مسافة 74 كم من الشمال إلى الجنوب دون أن يتجاوز أقصى عرض لها 27 كم . وتنتشر الصخور على سطح الجولان ، وهي صخور بازلتية ناتجة عن انفجارات بركانية . لكن للجولان تاريخاً جيولوجيًا أطول بكثير ، إذ يقسمه العلماء إلى الفترة » الكارتيكونية« أي » قبل 65-135 مليون عام « التي غطتها صخور كلسية تظهر في في منطقة جبل الشيخ ، ثم الفترة » الآوكنية« أي » قبل 44-50 مليون عام« حين غمر البحر أجزاء من المنطقة فتشكلت صخور كلسية ثم انحسرت المياه إلى الغرب لتعود ثانية في فترة » الأوكن المتأخرة« أي » قبل 35 مليون عام« قادمة هذه المرة من الشرق ، أي الخليج العربي . إذ تظهر في طبقات الأرض التي تعود لتلك الفترة تظهر أصداف وبقايا كائنات بحرية . وفي فترة » الميوكن« أي » قبل 25 مليون عام« انحسرت المياه مرة أخرى ، وتشكلت طبقتان من التراب : طبقة صفراء مفتتة تنتشر جنوب الجولان ، وطبقة يصل سمكها إلى250م تختلف تركيبتها من منطقة إلى أخرى . وقبل 5 ملايين عام تشكل لسان بحري امتد من منطقة حيفا ليغمر قسماً من الجولان . فتشكلت بحيرات وأنهار ذات مياه غير مالحة . وبعد ذلك بدأت الانفجارات البركانية في جنوب الجولان قبل 4 ملايين عام ، ثم امتدت تدريجياً إلى الشمال والشرق . وفصلت بينها أحيانًا أيام معدودة وأحيانًا مئات آلاف السنين . وحسب الاختبارات الإشعاعية فقد وقع آخر انفجار بركاني في الجولان قبل 4 آلاف عام ، في شمال شرقي الجولان . والجولان اليوم منطقة بركانية » نائمة« قد تنشط في يوم من الأيام .
إن الاشتقاق اللغوي لكلمة الجولان يدل على اتصاله بكلمة » جوال« وهي تعني البلاد التي تعج فيها الغبار ، ويثبت ذلك ما يحدث فعلاً في الجولان من هبوب للرياح وتعجيج الغبار في نهاية الصيف وبداية الخريف ، إذ تتغير اتجاه الرياح وتصبح عنيفة وغير منتظمة أو زوبعية أحياناً . وعلى مدى التاريخ سيطرت على المنطقة حضارات متعددة . ومع مطلع الألف الثالثة قبل الهجرة( ) سيطر عليها العموريون أو عَمُوليق الذين وصلوا في تلك الفترة إلى أواسط بلاد الرافدين وسوريا على شكل موجات كبيرة من شبه الجزيرة العربية ، واستمرت سيطرتهم حتى ظهور الآراميين ، الذين قدموا كما يعتقد من جنوب الجزيرة العربية ليؤسسوا مجموعات زراعية مستقرة ودولاً وأسر حاكمة في سورية . وقد ورد اسم الجولان قبل الإسلام ، فقد كان العرب يطلقون اسم الجولان على جبل في بلاد الشام يسمى جبل الجولان ، وكان جزءًا من إمارة الغساسنة العرب الذين حكموا في جنوب سورية ، وعاشوا وتركوا فيها آثارًا تنتشر في أنحاء كثيرة من سورية لعل أشهرها قصر الحير ، وفي العهد القديم يذكر اسم جولان كإحدى مدن الملجأ الثلاثة الواقعة عبر نهر الأردن ، والتي يلجأ إليها من قتل إنسانًا سهوًا وخشي من الانتقام . وتذكر مدينة جولان كمدينة واقعة في منطقة باشان ضمن الأراضي التابعة . وهذا التفسير الذي يحاول ضم الجولان إلى أرض باشان غير صحيح ، لأنه اسم المنطقة بالأصل لمحلة معروفة باسم سحم الجولان من أرض باشان ، والحقيقة إن سحم الجولان اسم مكان أضيف إلى إقليم الجولان الموجود قبلاً ، فيقول الدكتور : ر.دوسويري : » إن التعسف في استخدام اللغة هو الذي أعطى لاصطلاح باشان وبخاصة في الأدب العبراني مفهوماً أوسع تتجاوز بموجبه مملكة عوج ملك باشان حدود باثانيا » وهذه هي أرض باسان اسم بيت سان - بيسان« ، ولكن هذا لا يبرر تعديلاً في قيمة الاصطلاح الجغرافي فالاتجاه الذي يبديه محرروا أسفار التوراة لتوسيع اصطلاح باشان ليشمل كل ممتلكات عوج يجب تصحيحه ، ولقد جرّ ذلك إضافات على النص التوراتي من السهل تقصيها واكتشافها لسبط منسي« ( ). ويصف يوسيفوس فلافيوس» 604 – 539 ق.هـ تقريبًا« ( ) منطقة الجولان في كتابه » حروب اليهود« ، ويذكر معركتين حدثتا فيه : معركة بين الملك اليهودي إسكندر يناي الحشموني والملك العربي النبطي عبادة ، ومعركة بين اليهود المتمردين والجنود الرومان في مدينة جملا » نحو سنة 570 قبل الهجرة« ( ) . و في القرن الرابع عشر الهجري( ) عند رسم الحدود الدولية في عام 1342هـ( ) بقيت منطقة الجولان داخل الحدود السورية ، وهذا استنادًا إلى اتفاقية سايكس بيكو - بتعديلات قليلة - بين بريطانيا وفرنسا اللتين احتلتا بلاد الشام من الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى . وبعد تأسيس سلطة الانتداب الفرنسي على بلاد الشام ، قررت فرنسا تقسيم منطقة الانتداب إلى وحدتين سياسيتين - سوريا ولبنان - وحددت الجبال الواقعة شمالي الجولان » جبل روس ، جبل الشيخ وغيرهما« الحدود بين البلدين . ولكن السلطات الفرنسية لم ترسم الحدود بين سوريا ولبنان بدقة لاعتبارها حدودًا داخلية ، مما أثار الخلافات والمشاكل بين البلدين عندما استقلت كل منهما من فرنسا ، حيث أصبحت الحدود الفرنسية حدودًا دولية . وما زالت هذه المشاكل قائمة في منطقة مزارع شبعا وقرية غجر ، وتعقدت إثر تداعيات احتلال الجيش الإسرائيلي لهضبة الجولان عام 1387هـ( ). حيث احتل 1260 كم2 من مساحة الهضبة بما في ذلك مدينة القنيطرة . ونزح جميع سكان القنيطرة عن بيوتهم إثر الاحتلال ، ولجؤوا إلى داخل الأراضي السورية ، وكذلك نزح الكثير من سكان القرى الجولانية من بيوتهم ومزراعهم ، ولكن سكان القرى الدرزية شمال شرقي الجولان بقوا تحت السيطرة الإسرائيلية . أما سكان قرية غجر العلويون فبقوا في منطقة متروكة بين الجيش الإسرائيلي ولبنان ، وبعد عدة أسابيع لجؤوا إلى الحاكم العسكري الإسرائيلي ليعتني بهم عندما أخذوا يعانون من نقص التغذية . وفي رمضان عام 1393هـ( ) اندلعت الحرب بين العرب وإسرائيل ، وفي عام 1394هـ( ) أعادت إسرائيل لسوريا مساحة 60 كم2 من الجولان تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية الرفيد في إطار اتفاقية فك الاشتباك ، وقد عاد إلى هذا الجزء بعض سكانه ، باستثناء مدينة القنيطرة التي ما زالت مدمرة . وفي السنوات الأخيرة شهدت المنطقة المجاورة للقنيطرة نموًا سكانيًا ونشاطًا عمرانيًا واقتصاديًا لافتًا ، ولكن الدخول إلى بعض المناطق المجاورة لخط الهدنة لا يزال ممنوعًا حسب تعليمات السلطات السورية إلا بتصريح خاص . وفي عام 1402هـ( ) قرر الكنيست الإسرائيلي ضم الجزء المحتل من الجولان الواقع غربي خط الهدنة 1394هـ( ) إلى إسرائيل بشكل أحادي الجانب ومعارض للقرارات الدولية . وتبلغ مساحة المنطقة التي ضمتها إسرائيل 1200 كم2 من مساحة سورية بحدود عام 1342هـ( ) البالغة 185،449 ألف كم2 وهو ما يعادل 0،65% من مساحة سورية ، ولكنه يمثل 14% من مخزونها المائي قبل عام 1387هـ( ). كما أن الجولان هو مصدر ثلث مياه بحيرة طبرية التي تمثل مصدر المياه الأساسي لإسرائيل والأراضي الفلسطينية . ويطمع الإسرائيليون بهضبة الجولان لأنهم يرون أهمية كبيرة في السيطرة عليها لما تتمتع به من موقع استراتيجي . فبمجرد الوقوف على سفح الهضبة ، يستطيع الناظر تغطية الشمال الشرقي من فلسطين المحتلة ، إسرائيل اليوم ، بالعين المجردة بفضل ارتفاعها النسبي . وكذلك الأمر بالنسبة لسورية ، فالمرتفعات تكشف الأراضي السورية أيضًا حتى أطراف العاصمة دمشق . وقد أقامت إسرائيل محطات إنذار عسكرية في المواقع الأكثر ارتفاعًا في شمالي الهضبة لمراقبة تحركات الجيش السوري( ).

الباحث : محمود بن سعيد الشيخ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تابع جبل الشيخ - حارث الجولان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تابع جبل الشيخ - حارث الجولان - 2
» تابع جبل الشيخ - جبل سريانا
» تابع جبل الشيخ - جبل الأرز - 2
» تابع جبل الشيخ - جبل الأرز - 1
» تابع جبل الشيخ - جبل طور تلجا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قطنا :: المنتديات العامة :: شخصيات لها تاريخ-
انتقل الى: