تابع جغرافية قطنا - 5
دراسة البيئة وعواملها المختلفة :
» رياح ، حرارة ، رطوبة ، صقيع «
تشتهر قطنا بطقسها البارد والثلجي شتاءً ، واللطيف صيفًا ، والفعالية الزراعية لبلادنا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمناخ ، فالأمطار قليلة إلا في المرتفعات التي تزيد عن »1500« م ، أو في المناطق المفتوحة على البحر . وتقلبات الطقس تؤثر على أشجارها الحراجية والمثمرة ، وعلى جودة محاصيلها الزراعية ، وخاصة على أشجارها المثمرة ، وجودة الموسم ترتبط دائمًا بغزارة المطر .
وتتبع بلادنا في مناخها مناخ البحر المتوسط الذي يتصف بفصلين متباينين :
• الأول : ماطر ، وهو فصل الشتاء وأوائل الربيع .
• والآخر : جاف ، وهو فصل الصيف وأوائل الخريف .
1- الأمطار : إن معدل الأمطار في قطنا يبلغ 250 مم ، وقد يزيد هذا المعدل في بعض السنين أو ينقص ، ويبدأ المطر بالهطول في تشرين الأول ، وقد يتأخر أحيانًا إلى تشرين الثاني ، كما حدث عام 1372هـ( ). وقد هطلت في هذا العام أكبر كمية للأمطار في شباط ، إذ بلغ معدل ما هطل في هذا الشهر 144 مم من أصل 250 مم ، ويستمر هطول المطر خلال أشهر كانون الأول وكانون الثاني وشباط وآذار ، وليس لهطول الأمطار قاعدة عامة ، فقد تمر سنين لا تهطل منها ولا قطرة ماء خلال أشهر تشرين الثاني وكانون الأول وكانون الثاني ، وعدم انتظام هطول المطر يختلف بين عام وعام حسب تأخر مرور قوافل السكلونات وإسراعها بالمرور ، ومعدل الأمطار في نيسان منخفض تقريباً قد لا يتجاوز 13 مم وأحيانًا لا تهطل أمطار مطلقًا ، وكذلك شهر أيار فقد لا تهطل فيه أمطار إطلاقًا . وقلة الأمطار في هذين الشهرين تؤثر بلا شك على الموسم الزراعي ، إذ أن الزرع يحتاج إلى سقاية خيرة في هذين الشهرين .
2- الثلج : أما الثلج فلا يسقط بغزارة في منطقة قطنا باستثناء منطقة عرنة والمرتفعات ، حيث تتراكم الثلوج في هذه المرتفعات ، ولا تذوب إلا في فصل الصيف . ويؤكد المتقدمون بالسن : أن الثلوج في منطقة قطنا كانت أغزر من هذه الأيام ، وإن تهطال الثلج منذ ثلاثين سنة تقريبًا كان يستمر أكثر من خمسة عشر يومًا بصورة متواصلة ، وإن كثافته كانت تصل إلى أكثر من مترين .
صورة للثلج في قطنا وهو يغطي الأشجار( )
3- الحرارة : الحرارة في قطنا كثيرة تقلباتها ، ويبلغ معدل الحرارة السنوي 18,5° ، إذ تقع المنطقة بين خطين من خطوط الحرارة المتطاولة السنوية : خط الحرارة 20° وخط الحرارة 18° ، وهذا لا يكفي لتعيين أثر الحرارة في المناخ ، إذ من الواجب معرفة فروق الحرارة السنوية ، وفروق الحرارة الشهرية واليومية ؛ وهكذا فإن الفروق بين أكثر الأشهر حرارة وأكثرها برودة تزيد عن 19,5° ، فمتوسط الحرارة في آب 28,1° وفي كانون الثاني 10,9° ، ولا تعطي الحدود القصوى والدنيا فكرة تامة عن أقصى وأدنى ما تصل إليه درجات الحرارة ، فبينما لا يزيد معدل الحدود القصوى عن 27° نرى أن معدل حرارة شهر آب قد يزيد عن 40° في بعض السنين ، وبالمقابل نرى أن معدل الحدود الدنيا السنوية للحرارة تبلغ الصفر كما حدث في عام 1384هـ( ) ، أما فروق الحرارة اليومية فهي شديدة : فقد تصل في بعض الأيام إلى 40° في الظل ، وتنخفض في الليل إلى 18° ، فالفروق اليومية شديدة وتبلغ 22° . وكذلك فإن الحرارة شتاء تهبط تحت الصفر فيحدث الصقيع ، كما حدث عام 1382هـ( ) ، وقد لا يدوم طويلاً ، وكثيراً ما يصيب الصقيع وادي التنور نظراً لانخفاضه .
وهكذا يبدو لنا المنطقة حسب نظرية العالم الإفرنسي مسيو امبرجي ، ونتيجة لقانونه في المناخ : تقع بين المنطقة النصف جافة ( آ ) والمنطقة الجافة :
أعلى درجة الأمطار الشهرية في السنة ×1000
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = معدل المطر السنوي
(مربع متوسط أعلى درجة الحرارة الشهرية في السنة) – ( مربع أقل درجة حرارة شهرية في السنة )
4- الرياح : تنشأ الرياح من عوامل محلية وضغوط مرتفعة أو خفيفة محلية ، وهذا ما يجعل تعليل الرياح صعبًا ، ورياح هذه المنطقة كبقية بقاع سورية شديدة وكثيرة ، وهي تدعى » منطقة رياح « . وهناك رياح تهب شتاء وتدعى » رياح الشتاء « ، ورياح تهب صيفًا وتدعى » رياح الصيف « .
ورياح الشتاء تسيطر بشكل رياح الاضطرابات الزوبعية ، وعندئذ يضطرب الهواء ، وتهب رياح غربية وجنوبية غربية ماطرة ، ويسود بين هذه الفترات المضطربة فترات هادئة ، وتهب رياح من الشمال والشرق : والشمالية تجلب معها طقسًا باردًا أو طقساً مثلجًا ، وتسود هذه الرياح في أواخر الشتاء ؛ أما الرياح الشرقية فتؤدي إلى طقسين :
• الأول :- في الشتاء ذو رياح باردة تنقشع فيها السماء وتسقط درجات الحرارة .
• الثاني : في الربيع حيث ترتفع درجات الحرارة وتسقط الرطوبة ، وتجلب الرياح معها كميات كبيرة من الرمال ، وتدعى رياح الخماسين .
أما رياح الصيف فهي رياح غربية وجنوبية غربية ، وهي ليست شديدة ، وترجع هذه الرياح لأسباب مختلفة ، منها : وجود ضغوط خفيفة على القارة في النهار ، وبينما يكون البحر باردًا فيحدث فيه ضغط مرتفع ، فتهب الرياح من منطقة الضغط المرتفع » الثقيل « إلى منطقة الضغط المنخفض » الخفيف « فتهب رياح من البحر إلى البر . بينما يحدث عكس الآية في الليل ، وقد تؤثر الصحراء في هبوب هذه الرياح . وعنف هذه الرياح أحيانًا يدفع للاعتقاد بأن الرياح الغربية التي تهب أحيانًا تتفق في اتجاهاتها مع اتجاهات رياح البحر ، لذلك تشتد ؛ بينما إذا تضادت الحركتان تصبح رياحًا خفيفة . ومما يجعلنا نشعر بوجود هذه الرياح – إن كانت برية أو بحرية – إنما هو انتظام هبوبها وفقًا لحركة الشمس . فهذه الرياح تبدأ خفيفة صباحًا ، وتشتد بعد الظهر ، وتنعدم ليلاً .
وإجمالاً إن منطقة قطنا جافة ، ونحن نعلم أن الزراعة ترتبط بالماء ، لذا فإن الزراعة فيها ترتبط بالماء والري على نقيض المناطق ذات المناخ الرطب والمطر الغزير ، لذا نرى أنه لا بد من إلقاء نظرة على المياه الجوفية والمياه السطحية في هذه المنطقة ، نظرًا لما لها من أهمية وأثر بالغ في منطقة تحتاج إلى كل قطرة ماء .
وهنا جدول مقارنة يبين الأمطار ، ودرجة الحرارة القصوى والصغرى لمنطقة قطنا لعامي 1373هـ ، 1384هـ( ) :
الحرارة » 1373-1374هـ « الحرارة » 1383-1384هـ «( )
المسلسل الأشهر الحرارة العظمى الحرارة الصغرى الأمطار ( مم ) الأشهر الحرارة العظمى الحرارة الدنيا الأمطار ( مم )
1 كانون الثاني 11 2 68 كانون
الثاني 12 ـ 5 30,5
2 شباط 12 2 90,5 شباط 16 1 140
3 آذار 23 7 11 آذار 20 6 14,5
4 نيسان 24 6 50 نيسان 24 18 10,5
5 أيار 25 11 2 أيار 28 18 15,5
6 حزبران 27 16 0 حزبران 31 21 0
7 تموز 31 23 0 تموز 31 21 0
8 آب 33 22 0 آب 33 22 0
9 أيلول 34 16 0 أيلول 28 14 2
10 تشرين الأول 30 16 0 تشرين
الأول 30 14 10
11 تشرين الثاني 24 11 37 تشرين
الثاني 22 14 0
12 كانون الأول 13 0 99,5 كانون
الأول 13 0 90
من هذا الجدول نلاحظ الفرق الشاسع من حيث كمية الأمطار الهاطلة في عام 1373هـ( ) وعام 1384هـ( ) ، فالفروق كانت كثيرة ، لا بأس بها ، حتى تدنت هذه الكمية فأصبحت من 37,5 مم إلى 80 مم عام 1379- 1380هـ( ) ، ثم ارتفعت هذه الكمية فأصبحت عام 1381- 1382هـ( ) 180 مم تقريبًا ، ثم ارتفعت عام 1383- 1384هـ( ) لتصل إلى 72,5 مم كما هو مبين قي الجدول . وهذه الكمية لا بأس بها بالنسبة لحاجة المحاصيل الزراعية من المياه . ونأمل من الله أن يكون موسم الأمطار هذا العام جيدًا ، كذلك نلاحظ من الجدول أن فترة الصقيع انحصرت ما بين كانون الثاني وشباط عام 1384هـ( ) وهي لم تؤثر في المحاصيل والأشجار بسبب تحملها ، وكذلك عام 1373- 1374هـ( ) انحصرت في كانون الأول وشباط ولم تؤثر على المحاصيل كما استعلمت من دائرة الزراعة في قطنا .
مما يلاحظ من هذا أن فترة الصقيع التي تحدث في قطنا قليلة ، ولفترة بسيطة لا تضر المزروعات وأزهار الفاكهة إلا في أحيان قليلة نادرة الحدوث في بعض السنين .
الباحث : محمود بن سعيد الشيخ