قطنا
مرحبا بك في منتديات قطنا الثقافية و العلمية
و نشكر زيارتكم
ولتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
و يرجى الانتباه بادخال الايميل الصحيح لانه عند التسجيل ستصلك رسالة تفعيل رمز الدخول الى بريدك الالكتروني و بعد التفعيل ستتمكن من الدخول بالاسم و كلمة المرور التي ادخلتها
كما ندعوكم لزيارة موقعنا قطنا نت www.qatana.net
قطنا
مرحبا بك في منتديات قطنا الثقافية و العلمية
و نشكر زيارتكم
ولتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
و يرجى الانتباه بادخال الايميل الصحيح لانه عند التسجيل ستصلك رسالة تفعيل رمز الدخول الى بريدك الالكتروني و بعد التفعيل ستتمكن من الدخول بالاسم و كلمة المرور التي ادخلتها
كما ندعوكم لزيارة موقعنا قطنا نت www.qatana.net
قطنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
قطنا

منتدى مدينة قطنا
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
"وقـل اعمـلوا فسـيرى الله عـملكم ورسـوله والمؤمنـون"    

 

 جبل الشيخ - الحلقة الأولى

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ابو محمد الشيخ
عضو فعال
عضو فعال
avatar


المزاج : قطنا
ذكر
عدد المساهمات : 111
نقاط : 331
تاريخ الميلاد : 30/01/1948
العمر : 76
تاريخ التسجيل : 08/11/2010
مكان الإقامة : سوريا-قطنا

جبل الشيخ - الحلقة الأولى Empty
مُساهمةموضوع: جبل الشيخ - الحلقة الأولى   جبل الشيخ - الحلقة الأولى Emptyالسبت فبراير 18, 2012 3:51 pm

جبل الشيخ – الحلقة الأولى
جبل الشيخ
جبل الشيخ كما يشاهد من داخل هضبة الجولان السورية المحتلة
موقعه :
يقع جبل الشيخ أو جبل حرمون عند مثلث الحدود اللبنانية ـ السورية ـ الفلسطينية.

أسـماه العرب جبل الشـيخ لوجود الثلج على قممه غالبية أيام السـنة حيث يشـبه بياض العمامة على رأس الشـيخ أو الجبل الشـيخ لمهابته وعظمته وكبره عما حوله ولقدسـيته .

أول قمة ظهرت فوق سطح المياه في العصر الجيولوجي الثاني هي قمة جبل الشيخ
جبل الشيخ هو جبل يقع بين سوريا ولبنان ، يمتد من بانياس وسهل الحولة في الجنوب الغربي إلى وادي القرن ومجاز وادي الحرير في الشمال الشرقي ، وهو بذلك يشكل القسم الأكبر والأهم والأعلى من سلسلة جبال لبنان الشرقية ، المعروفة باسم آنتي ليبون " أنتي لبنان " ، يحده من الشرق والجنوب منطقة وادي العجم وإقليم البلان " تسميتان قديمتان لمنطقة قطنا الحالية " ، وقد هجرتا منذ بعد استقلال سورية بفترة وجيزة ، وهضبة الجولان في سوريا ، ومن الشمال والغرب القسم الجنوبي من سهل البقاع ، ووادي التيم في لبنان . فيه ثلاث قمم : الأولى في الشرق وتعلو حتى ارتفاع 2145 م عن مستوى سطح البحر، والثانية في الغرب وتعلو حتى ارتفاع 2294 م ، والثالثة في الوسط وتسمى شارة الحرمون ، وهي قمـة جبـل الـشـيـخ المـعـروفـة بقـصـر عنتـر أو شـبيـب ، وهي الأعلى بين القمم ، ويصل ارتفاعها 2814 م( ).

الجبل الصامد منذ العصر الجوراسي الأوسط ، يشتهر بقممه العالية والشاهقة ، وأبرزها قمة قصر شبيب التي تعلو عن سطح البحر قرابة الثلاثة آلاف متر ( يقول عنصر من قوات الطوارئ الدولية هناك أن الارتفاع يتجاوز الثلاثة آلاف متر بنحو 15 مترًا ، ولكن المعلومات الرسمية تعطي رقم 2814 م ) . فكان لهذا محط أطماع الامبراطوريات والممالك الغابرة ، وكان محطة تعبد لبعض المعتقدات الدينية .

والجبل لا تعرف قممه العالية من فصول السنة سوى فصلي الشتاء والربيع ، وأروع ما يمكن لمتسلق “ جبل الشيخ ” أن يشاهده من قمة الجبل “ شروق الشمس ” التي تخرج من أسفل معلنة بدء يوم جديد ، حاضنة دمشق التي يراها الزائر وكأنها تخرج الشمس من بين بيوتها( ).

إن هذا الجبل الأجرد القليل السـكان كان في الماضي السـحيق مكسـوًا بالأشـجار والغابات الكثيفة ، حيث كانت الحيوانات منتشـرة بكثرة حتى الأسـود والنمـور كما ورد في التوراة . كما أنه كان أكثر عمرانًا وسـكنًا مما هو عليه ، لأن مناخه يتميز بالاعتدال صيفًا ، والجفاف وطيب الهواء ورطوبة وبرودة قارسـة شـتاءً ، حيث تهطل الأمطـار غزيرة على الأودية والمنخـفـضـات ، وأما الهضـاب والسـفوح والتلال والقمم فتتسـاقط عليها الثلوج ، لا سـيما في أشـهر كانون الأول وكانون الثاني وشــباط وآذار ، وربمـا تتســاقط في نيسـان وحـزيران أوان الحـصـاد .

تبلغ سـماكة الثلج عدة أمتـار في بعض السـنوات ، مما يسـمح للجبل باختزان كميـات لا بأس بها من المياه التي تتفجر ينابيع على جوانبه وفي أوديته ، منها ينابيع عرنـة وبيت جن وبانياس أحد روافد نهر الأردن في ســوريا ، ونبع اللدان في فلسـطين ، والحاصباني والوزاني وينابيع شــبعـا في لبــنان ، فضـلاً عن ينابيع وعيون أخرى كثيرة( ) .

وجبل الشيخ هو أشهر جبال بلاد الشام ، فهو يقع بين سوريا ولبنان ، ويطل على فلسطين والأردن ، أي أن رؤيته ممكنة من الكيانات السياسية الأربعة التي كانت تشكل قديمًا سوريا الطبيعية " سوريا ، الأردن ، لبنان ، فلسطين ". ويعتبر الجغرافيون جبل الشيخ أحد الجبال الثلاثة التي تتكون منها سلسلة جبال لبنان الشرقية وهي : " جبل الشيخ " و " جبل السماق " و" جبل روس "( ) .

وجبل الشيخ باسمه الحديث الحالي ، هو أعلى جبال السلسلة الشرقية المعروفة بأنتي لبنان ، الممتدة على الطرف الشرقي لسهل البقاع ، بطول 170 كم ، في وضع متوازٍ تقريبًا مع السلسلة الغربية . وهي تنحدر سريعًا نحو الغرب باتجاه البقاع ، تحت تأثير الأخدود الانهدامي . بينما تنحدر ببطء شديد إلى الشرق حيث البادية السورية . يخترقها شق عرضي عند وادي القرم ، ويقسمها إلى قسمين : القسم الشمالي ، وهو الكتلة الرئيسية ، ويبلغ أقصى ارتفاعه 2629م في قمة موسى , القسم الجنوبي ، وهو أقل اتساعًا من القسم الشمالي ، ولكنه أكثر ارتفاعًا ، وفيه جبل حرمون وارتفاعه 2814م . يقع الجبل على الحدود المشتركة لسوريا ولبنان وفلسطين ، ويمتد من مدينة بانياس السورية في الجنوب ، إلى جبل المازر المتاخم لقرية دير العشائر قضاء راشيا ، بطول 60 كم وعرض 30 كم . ويرتفع إلى أعلى بشكل هرمي ، يتصاعد باضطراد من الأودية السحيقة إلى القمة الشاهقة . وبالنظر لانحرافه منفردًا عن بقية الجبال من حوله ، فإن في وسع من يقف على هذه القمة أن يرى الشواطئ اللبنانية والفلسطينية حتى جزيرة قبرص ، وأن يشاهد القدس وجبل عجلون ، وسهول سوريا حتى بادية الشام ، وسهل البقاع حتى بعلبك ، وجبال لبنان حتى صنين( ). هذا الجبل الشـامخ المهيب يطل على أماكن واسـعة جدًا من البلاد السـورية ، فالواقف على ذراه ولا سـيما على قمة قصـر عنترة بإمكانه مشـاهدة مدينة دمشـق وسـهول حوران " أهراء القمح " وبادية الشـام وهضبة الجولان في سـوريا ، وقسـمًا من المناطق الشـمالية الأردنية ، وعلى هضـاب فلسـطين وجبال الجليل والخليل وسـهل الحولة " جـورة الذهـب " وبحيرة طبريا في فلسـطين ، كما يطل على سـهلي البقاع ومرجعيون وجبل عامـل وجبل الريحـان وتومات نيحـا وهضـاب سـلسـلة جبال لبـنان الغربية وقممها المطلة على البقاع كما يمكن رؤية البحـر المتوسـط وجزيرة قبرص( ).

وجبل الشيخ بتسميته الحالية لا ينطبق تمامًا على التسميات القديمة ، ولا على سلسلة جبال لبنان الشرقية بأكملها ، وإنما يشمل الجزء المحدد أعلاه فحسب ، وهذه الإشارة هنا ضرورية حتى لا تختلط علينا الأمور ، ولا يحصل الالتباس بشأنه عندما ندرس مسمياته الأخرى لاسيما التاريخية منها ، حيث نجد أحيانًا اسمًا عامًا يشمل سلسلة أو عدة سلاسل جبلية ممتدة طويلة ، واسمًا خاصًا لا يطلق إلا على جبل الشيخ بحدوده الجغرافية الحالية .

وضعه السياسي الحالي :
القسم الجنوبي الغربي منه اليوم تحت الاحتلال الإسرائيلي بنسبة 7% من مساحته ، وتقع ضمن هضبة الجولان السورية المحتلة ، بينما الجزء الأعظم منه يقع ضمن السيطرة السورية واللبنانية( ) ، ويطل على مرتفعات الجولان التي تم تحريرها . ويشرف من أعلى قمته على لبنان وسوريا و" فلسطين المحتلة " والأردن ، ويستطيع زائر أعلى قمته (2814م) التي تقع على الحدود السورية اللبنانية أن يرى أماكن واسعة من سورية ولاسيما دمشق وسهول حوران وبادية الشام والجولان وقسماً من الحدود الشمالية الأردنية والفلسطينية وتحديداً جبال الجليل والخليل ومحافظة إربد وسهل الحولة وبحيرة طبرية ، وكل جنوب لبنان وسهل البقاع وسلسلة جبال لبنان الغربية . كما يعد جبل الشيخ المنبع الرئيسي لنهر الأردن والعديد من المجاري المائية في المنطقة( ) .
تسميته
لقد سمي الجبل على مدار التاريخ بأسماء كثيرة . قال علماء اللغة : إن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى ، كما تعبر عن أهميته ومكانته المرموقة ، وقليلة هي الأماكن التي كثرت أسماؤها لاسيما الأماكن المقدسة ، وجبل الشيخ – كما سنرى – واحدًا منها لدى الشعوب ، لذا لا عجب إن تجاوزت أسماؤه العشرين اسمًا ، فكثرت أسماء الجبل حسب الأقوام التي استوطنته ، أو مرت به ، وذلك حسب معتقداتها الدينية ، وظروفها التاريخية المختلفة ، وفترة لبثها فيه ، والتي أثرت تأثيرًا ملموسًا في التسمية . ولا غرابة إن تعددت أسـماء هذا الجبل ، فهو في قلب منطقة حفلت بالأحداث التاريخية منذ أقدم العصـور حتى اليوم ، وتعاقب فوق ثراها الكثير من الشـعوب والعديد من الأمـم ، وشـهدت حـروبًا ومعـارك لا تعد ولا تحصـى ، وإذا أتيح للمؤرخين أن يدونوا الكثير منها فلا شـك أن الكثير قد ضـاع وأغفل أيضًـا( ) . ويمكن استعراض ما عثرنا عليه منها في هذه العجالة بما يلي :
1- جبل الشيخ ، وهو الاسم الحالي .
2- الجبل الشيخ
3- جبل سعار " سعير".
4- جبل الأرز .
5- جبل سيريون " سيرون ".
6- جبل أرض الحياة .
7- جبل أرض الخالدين .
8- الجبل المقدس .
9- جبل شوبا " أرض شوبا "
10- جبل سفيرو .
11- جبل شنير .
12- طور تلجا " ثلجا " .
13- طور طبرية .
14- جبل أنتيليبانوس .
15- جبل « فيوماجستو »
16- جبل الثلج .
17- جبل سنير " سنيرو ".
18- جبل سيئون
19- جبل الحرمون .
20- جبل بعل حرمون .
21- جبل حرمون سيرون .
22- جبل الرؤى .
23- جبل بني هلال .
24- جبل لبنان .
25- جبل الدروز .
1- جبل الشيخ
اسم جبل الشيخ هو التسمية الحالية الرسمية التي يعرف بها ، أما الأسماء الأخرى فهي أسماء تاريخية ، وإن كان بعضها أشهر من بعض ، أو يحمل معنى القداسة " حرمون " التي كانت سببًا في استمرارية استخدامه عبر الأجيال المختلفة ، والشعوب التي تعاقبت على المنطقة . وقد اختلف الكتاب في سبب تسميته بهذا الاسم ، ويمكن تلخيص أقوالهم فيما يلي :
1- القول الأول يرى أصحابه أنه : إشارة إلى الرأس المكلل بالثلج ، حيث تكلل الثلوج أعلى قممه طوال العام ، كما يكلل الشيب رأس الشيخ( ) .
2- القول الثاني يرى فيه أتباعه أنه : تعبير عن العمامة البيضاء التي كان العلماء المسلمون ولا يزالون يلبسونها على رؤوسهم ، فيشبهون الثلج الذي يغطي رأسه بعمامة الشيخ التي تغطي رأسه .
3- القول الثالث : رأي آخر يقول أنه شبه باللباس التقليدي عند الدروز ، خاصة أن القرى الدرزية تطوق الجبل منتشرة على سفوحه( ). وهذا القول يدخل في عموم القول الثاني حيث يتعلق بلباس الرأس ، لكنه يخص طائفة منهم كانت تضع الطربوش وتلف العمامة حوله على هيئة خاصة مميزة .
4- القول الرابع : سمي بـ" الجبل الشيخ " نسبة إلى كبر حجمه وضخامته وعظمته وارتفاعه عما حوله من جبال ومرتفعات ، ولمهابته وقدسيته التي تميز بها من بين الجبال بين مختلف الأمم التي استوطنته( ) ، ويمكن إضافة قول علماء الجغرافيا وعلماء الجيولوجيا الذين يقولون : إن أول قمة ظهرت فوق سطح المياه في العصر الجيولوجي الثاني هي قمة جبل الشيخ " حرمون "( ). وبذلك يكون أقدم جبال المنطقة على الإطلاق ، وبذلك يشبه الرجل المتميز بكفاءته ومهارته وصفاته ومؤهلاته وأخلاقه وأقدميته وطول عمره ، فيسمو على أقرانه لدى القبائل العربية ، فيصل إلى مرتبة شيخ القبيلة . فجبل الشيخ له من الصفات ما يجعله شيخ جبال بلاد الشام كلها بهذا الاعتبار .
5- القول الخامس يرى المدلون به أنه : نسبة إلى الشيخ حسن الراعي القطناني كما يقول كبار السن من أهل مدينة قطنا وتوابعها ، وأن هذه التسمية قد تعود إلى القرنين السادس والسابع الهجريين حيث عاش الشيخ حسن في تلك الفترة الزمنية ، وكان يرعى الأغنام لأهل قطنا الرابضة في سفوح جبل الشيخ الشمالية الشرقية ، واشتهر هو وذريته من بعده في بلاد الشام كلها والعراق وغيرها على اعتباره خليفة الشيخ " أحمد الرفاعي " في البلاد الشامية ، وقد تأكدت التسمية في أوائل القرن الحادي عشر الهجري عندما جعل السلطان العثماني أحمد الأول بلدة قطنا وتوابعها وقفًا على ذرية الشيخ حسن الراعي عام 1013هـ( ) ، والجبل في الواقع يطل على هذه المنطقة الوقفية من الغرب ويعتبر جزءًا منها ، لذا فإن تسميته بهذا الاسم يرجع إلى الشيخ حسن الراعي المتوفى عام 606 هـ( ) .
والشيخ حسن الراعي – كما يصفه من ترجم له - من أولياء الله تعالى ، ومن العلماء الربانيين العاملين بالكتاب والسنة ، وعلوم الشريعة المطهرة على منهاج النبوة ، لذا أكرمه الله تعالى وأجرى على يديه بعض الكرامات . وقد عاش في عهد السلطانين البطلين نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي ، وصلاح الدين يوسف بن أيوب " الأيوبي " وخلفائه من بعده - أي عاصر ذرورة الحروب الصليبية في بلاد الشام ، وذاق من أهوالها ما ذاق أهالي دمشق وحوران وقطنا والجولان وغيرها من بلاد الشام ومصر – فهو قد هاجر من شهبة حوران إلى بلدة قطنا ، وعمل راعيًا لدى بعض سكانها ، ولما مرَّ الشيخ أحمد الرفاعي مع صحبه به سنة 555 هـ ، اعتقده وتتلمذ على يديه ، وأخذ علوم الشريعة عنه ، حتى صار عالماً من علماء الإسلام ، وجلس في زاويته يربي الناس ويرشدهم إلى طريق الحق ، ويعلمهم الكتاب والحديث الشريف ، ويزكيهم ويطهر نفوسهم بما يلقيه عليهم من كلمات ومواعظ ويوجههم إلى ما يجب عليهم من سلوك إسلامي سليم ، ويرشدهم إلى آداب الإسلام وقيمه الرفيعة وتعاليمه السامية السامقة . وكان تأثيره في الناس عظيماً حتى غدا خليفة للشيخ أحمد الرفاعي في بلاد الشام كلها . كما كان يتجول في بلاد الشام كلها لرعاية أتباع الطريقة ، وللدعوة إلى الله حتى أنه عمر عدة زوايا في بلاد الشام في قطنا وبيروت ، وحلب وفلسطين .

وقد أصبحت الزاوية التي أسسها في قطنا ، مقصدًا للزائرين ، واشتهر أمره في بلاد الشام كلها ، ولما أصبحت بلاد الشام ضمن أراضي الدولة العثمانية وصل خبره إلى أسماع السلاطين العثمانيين ، الذين أكرموا ذريته من بعده ، وأوقفوا عليها الأوقاف الكثيرة في الغوطة وقطنا وتوابعها وفي غيرها من الأماكن ، ولا زالت سندات التمليك التي تصدر عن دائرة الطابو تذكر الأراضي الموقوفة باسمه إلى وقتنا الحاضر . ولما كان جبل الشيخ ولاسيما سفوحه الشرقية والشمالية منسوبة إليه فقد اشتهر باسمه " جبل الشيخ حسن الراعي " ، وقام السلاطين العثمانيين بتشييد جامع الشيخ حسن بجوار زاويته ، وتجديد زاويته وبناء مقام على ضريحه حتى غدا مقصدًا للزائرين من بلاد الشام كلها ، ومن بلاد أخرى نائية من أتباع الطريقة الرفاعية وغيرها . وقد أفرد بعض المؤلفين سيرته في كتب مستقلة . وسنقوم بإفراد ترجمته في كتاب مستقل - إن شاء الله تعالى - يجمع عدة مخطوطات حصلنا عليها ، ونحاول أن نحصل على بعضها الآخر - ونحيل القارئ الكريم إلى ما كتبناه ونكتبه بعنوان " أضواء على ألقاب الشيخ المذكور وسيرته " في منتديات قطنا . لذلك نكتفي بهذه الإشارة العابرة عنه في هذا السياق .
6- القول السادس : ترى فيه فئة أخرى استوطنت أجزاء كبيرة منه في العصور الحديثة ، أن تنسب تسميته إلى زعيم روحي من زعمائها ، عاش في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين ، وهو الشيخ محمد أبو هلال "987 – 1050هـ"( ) ، وقد ترجم له خير الدين الزركلي ، فقال : محمد أبو هلال المعروف بالشيخ الفاضل : من أشياخ بني معروف " الدروز " وزهادهم . نشأ يتيمًا من الأب ، في الشعيرة بوادي التيم " في سورية( ) " وأقام في كوكبة وسفوح جبل الشيخ . وتوفي بعين عطا " بين حاصبيا وراشيا " . كان يعمل في رعي المعزى وتربية دود القز، واتصل بشيخ اسمه محمد أبو عبادة فأخذ عنه المذهب وجاراه في العبادة والزهد . وغرق أبو عبادة في نهر الليطاني ، فرحل أبو هلال إلى دمشق في طلب العلم ، فحفظ القرآن وقرأ بعض تفسير البيضاوي وعاد إلى بلده فاشتهر . وكان له تلميذ من حلب يدعى عبد الملك بن يوسف ، أبو علي الحلبي أقام في خدمته عشر سنوات وصنف فيه كتابًا سماه "آداب الشيخ الفاضل محمد أبي هلال – ط " في نهاية كتاب "التنوخي " لعجاج نويهض . وله تآليف نافعة منها التاريخ الكبير ، ومنها الكتاب الذي سماه الهفوات النادرة من المغفلين الملحوظين والسقطات البادرة من المغفلين المحظوظين ، جمع فيه كثيرًا من الحكايات التي تتعلق بهذا الباب( ) .

هذا الشيخ المكنى بـ" أبو هلال " ، والملقب بـ " الشيخ الفاضل " كان قد التجأ إلى الجبل ، وعاش فيه فترة من حياته . فمن صاحب هذه الشخصية الذي اعتنى بذكره أتباعه ، وجعلوه الشخصية الثانية التي يتلقون عنها عقائدهم وأفكارهم وتعاليمهم ؟ يقول الدروز - الموحدون كما يحبون أن يسموا أنفسهم - عنه في كتاباتهم الدينية : إنه " الشخصية الدينية الثانية بعد الأمير السيد (؟)( ) منذ تأسيس دعوة التوحيد حتى اليوم ، وقد عرفت الطائفة الدرزية شخصيات دينية على مستوى رفيع بعد ذلك ، قامت بأعمال وإنجازات كبيرة ، وكانت لها شهرة ونفوذ وتقدير واحترام عند الدروز في كل مكان ، إلا أن المركز الذي بلغه الشيخ الفاضل في حياته ، وبعد وفاته ، ومنذ عصره حتى اليوم ، لم يبلغه شيخ آخر .

ويضيفون أنه قد ولد الشيخ في قرية " كوكبا " الواقعة على سفح جبل الشيخ سنة 987 هـ( ) لعائلة فقيرة ، وربما كان في هذا الواقع تأثير على منزلته وكيانه ، وقد توفي سنة 1050 هـ( ) ، وبذلك يكون قد عاش وعاصر عهد الأمير الدرزي الكبير فخر الدين المعني الثاني (980 - 1044 هـ) ( ) ، وربما كان في هذه الحقيقة أيضًا مساهمة في المركز الكبير الذي بلغه.

كانت سيرته مشهورة ومعروفة في حياته ، وقد زادت شهرة واحترامًا وتبجيلاً بعد مماته ، فقد كان المرجع الديني الأول للدروز في كل المنطقة ، وذلك لتقواه وزهده وسلوكه التوحيدي المميز ، فقد كان المرجع الأكبر لكل الفتاوى والأمور والمسائل المذهبية في العصر الذي جاء بعد نشر الأمير السيد لتعليماته وشروحاته ، وقد قال عنها الشيخ الفاضل : شروحات الأمير السيد هي المرجع وعليها نُحاسَب يوم القيامة. ولد الشيخ الفاضل في عهد الأمير قرقماز بن فخر الدين الأول . وأطلق على المولود الصغير اسم محمد ، وقد توفي والده قبل ولادته ، فتربّى يتيمًا في قريته الصغيرة ، وليس هناك من يهتم به ولا من يرعاه ، وكان والده قد ترك له بعض عنزات ، فسعت والدته أن يقوم برعايتها وليشغل نفسه بها ، وتكسب البيت بعض المؤونة . وكان الولد الصغير يقظًا نابهًا متفتحًا ، وربما نضج وكبر بسبب الفقر والفاقة التي عاناها ، فكان أكبر من جيله وأقوى من طفولته ، وربما بتأثير الجو الديني الذي ساد في تلك الفترة ، أو بقربه من مدينة حاصبيا التي كانت عاصمة وادي التيم ، مهد الدعوة الدرزية في لبنان ، شعر الفتى الصغير بميل إلى الدين وإلى مطالعة كتب الحكمة الشريفة ، وإلى الاندماج في الصفوف النيّرة ، وكان لا يعرف القراءة والكتابة ، لأن أحدًا لم يعلمه ، ولم تكن هذه مشكلة أمام الفتى الطموح الناضج ، فألهمه الله تعالى أن اصطنع لوحًا خشبيًا مطبقًا، كعادة رجال الدين في ذلك الوقت ، وطلب من الفاهمين في قريته ، أن يعلموه الخط ، فكان بعضهم يكتب له الأحرف ويقوم هو بنسخها عشرات المرات وحفظها وتصويرها في عقله ، واستغل وجوده في البر ، يرعى عنزاته ، فحفظ أحرف الهجاء العربية ، واستعملها في كلمات ، وأتقن بعد فترة ، أصول القراءة والكتابة ، وأصبح من الشباب القلائل المتنورين في قريته ، لمجرد أنه صمم أن يعرف فعرف ، وقرر أن يتعلم فتعلم ، لذلك فٌتحت أمامه كل الكنوز الثمينة المتوفرة في الكتب المقدسة. ولما شبّ ، ترك عنزاته قرب البيت ، ولجأ إلى الشيخ أبي عبادة أبو محمد آل زاكي في راشيا ، لقرابة تربطه به ، وكان أبو عبادة شيخًا متدينًا فاضلاً ، أنعم الله عليه بأرزاق وأملاك ، فقبله في مجموعة خدمه ، وألقى عليه مهمة حراثة الأرض ، وتربية دود القز . انغمس الشاب محمد في عمله الجديد ، وأخلص لسيده ، وأتقن كل ما طُلب منه ، وزادت الخيرات بوجوده ، وكان كلما انتهى الموسم ، يتفرغ إلى الكتب المذهبية التي أصبح يعرف كنهها ، ويستطيع قراءتها ، وكان الشيخ أبو عبادة يتحاور وإياه في الأمور المذهبية ، فاكتشف فيه قدرات كبيرة ، جعلته يحب هذا الفتى ويحترمه ، ويقدّم له المخطوطات ليقرأها ويحفظها ويتحدث معه عنها . وتبحّر الفتى بالعلوم الدينية ، فكان إذا انتصف الليل ، يترك البيت ويذهب إلى صخرة يتعبد فيها ، ويقرأ الفروض ويدعو لتحسين الأوضاع ، ويعود إلى المنزل مع اقتراب الفجر، فيقدم الأكل للحيوانات ، ويوقظ العمال ، ويبدأ الحراثة في يوم جديد . وبعد فترة ناداه الشيخ أبو عبادة ، وقال له : " إن قلنا لك يا محمد ، نرى ذلك قليلاً عليك ، وإن قلنا لك يا شيخ محمد ، نرى ذلك كثيرًا عليك ، فنقول لك يا أبا هلال " وصار الشيخ أبو عبادة يحترمه ويضمه إليه ، وأصبحا كأخوين ورفيقين ، يراجعان المحتويات الدينية ويتعبدان ويقومان بكل الفرائض . لكن هذه النعمة لم تدم ، فقد كان الشيخ أبو عبادة يحاول يومًا ، قطع نهر الليطاني ، فغرق في لجة الماء ، وحزن أبو هلال لفقده مرشد ورفيق وأب روحي . وعاد إلى قريته كوكبا ، متابعًا مسلكه التوحيدي ، متوغلاً في الزهد والتقوى والورع والعفاف ، فعلت درجته ، وتحدث عنه الناس ، وأخذوا يقصدونه . وقد يسر له الله أخوين جديدين ، هما الشيخ أبو صافي محمد أبو ترابي من قرية عين حرشة من منطقة راشيا ، والشيخ أبو جابر ناصر الدين كبول من بلدة عرنة في إقليم البلان ، فلحقا به ، وعاشا وإياه حياة الزهاد والشيوخ الأتقياء . وقام أبو هلال ورفاقه بانتهاج مسلك الزهاد كطريق لحياتهم وعبادتهم ، وقد لحق بهم عدد من الشباب العابدين ، فكانوا جميعًا يقيمون حلقات الصلاة والذكر بشكل مستمر ، إلا أن أبا هلال كان كثيرًا ما يترك إخوانه وزملاءه ، ليذهب إلى مكان بعيد ، يتعبد فيه لوحده ، في كهف في موقع يسمى " الشقيف" في أعالي جبل فوق منحدر يشرف على سهل واسع . وتذكر الروايات أن الله - سبحانه وتعالى - سخر له خلية نحل ، كانت في سقف الكهف كان يتغذى من عسلها كلما ألم به الجوع . وقد سمع الناس في حينه بقصة الكهف والعسل ، فتقاطروا إلى المكان ، وشاهدوا بأم أعينهم ما يجري ، واعتبروها كرامة من الكرامات للشيخ . لكن الأمور لم تستتب للشيخ كثيرًا ، فقد اغتاظ أحد الحاسدين لتعلق الناس بالشيخ ، وأشعل النار بالكهف ، وقضى على خلية النحل ، وحرم الشيخ من صومعته . وقد لقي هذا الحاسد اللوم والتقريع من الناس ، واضطر إلى النزوح عن البلدة ، إلى مكان بعيد ترافقه لعنة الجماهير . ولم تغلق الأبواب أمام زاهد متقشف كالشيخ الفاضل ، فقد وجد كهوفًا أخرى في المنطقة ، لجأ إليها وتعبد فيها ، وواصل مسيرته التوحيدية. وما زال الكهف الأول الذي تعبد فيه الشيخ قائمًا حتى اليوم ، ويزوره المشايخ للتبرك والصلاة . وقد لجأ الشيخ إلى كهف آخر في موقع يقال له ظهر الزنار وتعبد فيه وتحول هذا الموقع إلى مزار ثانٍ بعد ذلك . هكذا بنى الشيخ محمد أبو هلال مسيرة حياته ، وأصبح علمًا دينيًا لامعًا في صفوف الطائفة ، يؤخذ برأيه ويستنار به ، ويعتمد عليه ، وعندما انتقل الشيخ بدر الدين حسن العنداري التنوخي (969- 1020 هـ)( )- شيخ عقل الطائفة الملقب بشيخ مشايخ العصر ، وهو خال الأمير فخر الدين المعني الثاني ومقربًا إليه - إلى رحمته تعالى ، اجتمع شيوخ الدين وأعيان البلاد للتشاور وانتخاب شيخ عقل جديد ، فاستقر الرأي على انتخاب الشيخ محمد أبو هلال لهذا المنصب ، لما بلغه من مرتبة سامية ومكانة رفيعة وثقة كبيرة . توجه إليه عدد من المشايخ باسم باقي رجال الدين ، وطلبوا منه أن يتولى شؤون مشيخة العقل ، لأنه أحسن من يدير شؤونها ، فرفض رفضًا باتًا ، مفضلاً أن يكرس وقته للعبادة والصلاة ، ولا يريد أن يشغل نفسه بأمورالدنيا . عاد المشايخ أدراجهم والحسرة تنهش بهم ، وأعلموا بقية المشايخ بما حصل ، لكن الجميع أصروا أنهم يريدون الشيخ لهذه المهمة ولا يتنازلون عنه بتاتًا ، وطلبوا من البعثة أن تعود مرة أخرى إلى كهف الشيخ وتحاول إقناعه ، فعاد المشايخ إلى الكهف واجتمعوا بالشيخ وأبلغوه أن الجماهير كلها تريده ، وأن لا يمكن أن يخيب آمالها ، فوصل الطرفان إلى حل يرضي الجميع ، وهو أن يقوم الشيخ مرة في السنة ، في فصل الصيف ، ولعدة أيام بالاجتماع بالمشايخ في قرية منعزلة عن بقية قرى المنطقة ، وهناك يعرض أمامه المشايخ المشاكل المستعصية ويقوم بحلها . وعندما ينتهي من ذلك ، يعود إلى مغارته وصومعته للتعبد والزهد . وهكذا جرت الأمور خلال خمسة وعشرين سنة ، وصار المشايخ وإخوان الدين ينتظرون الزيارة في موعدها كل سنة بالشوق العظيم ، ويلاقون فضيلة الشيخ ، ويسمعون رأيه في المشاكل التي يعرضونها أمامه ، لتصبح سنة متبعة بين جميع الموحدين . وقد جرت الاجتماعات في بلدة شوبا ، تحت شجرة سنديان ما زالت قائمة حتى اليوم. وفي مرحلة من حياته ، قرر الشيخ محمد أبو هلال أن يحذو حذو الأمير السيد (ق)( ) ، وأن يذهب إلى دمشق ليتلقى الدراسة هناك ، بعد حفظ كل ما قرأ وتبحر في العلوم الدينية كما يجب ، فنزل والتقى بشيخ عالم كبير المقام قرأ عليه في النحو والفقه والحديث الشريف ، ولحقه إلى هناك عدد من المريدين في طلب العلم وحصلوا هم كذلك على علوم استوعبوها بنهم وشغف . وقضى في دمشق مدة عاد بعدها إلى قرية الشوبا وإلى كهفه وإلى متابعة حياته في الزهد والعلم والصلاة. وفي هذه الأثناء ، تغيرت الأحوال ، وحلت بالبلاد محنة كبيرة ، فقتل الأمير فخر الدين المعني ، وقام ربيبه الذي رعاه أحمد كجك ، وطارد الموحدين وأعلن أنه يريد أن يحتجز الشيخ الفاضل لكي يقوم الدروز بافتدائه ويدفعون الأموال الطائلة ، لذلك أعلن الشيخ أمام مريديه وإخوانه ، أنه في حال قبض عليه أحمد كجك وأسره طلب منهم أن " حرام على من يخسر علي قرشًا ، أما الروح فمقصر عنها ، وأما الجسم فليفعل فيه ما يشاء ، وخلاصي في ذلك ." لكن الحاكم عدل عن ذلك بعد أن فهم أن الشيخ غال جدًا على مريديه وهم يستطيعون أن يفدونه بأغلى الأثمان ، لكن الشيخ بنفسه حرم ذلك عليهم ، وهو لن يجني شيئًا. وبسبب رداءة الأحوال وتقلب الزمان ، انتقل الشيخ مع رفيقيه ومريديه للسكن في قرية عين عطا ، وهناك قوبل بالترحاب وخصص له بيت مناسب يليق به وبمريديه . وذكر تلميذ الشيخ الفاضل الشيخ عبد الملك أن الشيخ توجه وزار الأربعة بلدان والقصد هنا في الأربعة بلدان : دمشق ، وفلسطين ، والشوف ، ووادي التيم . وكان فضيلته قد زار قرية عين قني في الشوف واجتمع بأهلها . وذكر الدكتور الشيخ فؤاد أبو زكي في كتابه : شيخ مشايخ الموحدين الدروز الشيخ الفاضل محمد أبو هلال سيرته وآدابه ، الصادر عن الدار الوطنية ب. ت. ص148 أن الشيخ الفاضل زار قرية كفر سميع ، بعد أن سمع بعبادها السبعة ، ومكث هناك فترة من الزمن ، واستشهد المؤلف ببحث الدكتور سلمان بهذا الخصوص . وقام بعد ذلك الشيخ بزيارة قرية "عرنة " في الطريق إلى دمشق ، ثم بزيارة مدينة دمشق نفسها . وعاد الشيخ إلى قرية "عين عطا " واستمر في حياته الزهدية هناك ، وزاد إقبال الناس عليه ، وقام بزيارته وفد من مشايخ الحلبية في الجبل الأعلى ، وحصلت بينه وبينهم بعد ذلك مراسلات. ومع مرور الأيام اعتلت صحة الشيخ وكابد المرض ولحق به إعياء شديد ، وظل حوالي السنتين يعاني من أوجاع أليمة ، لكنه ظل صابرًا يتحمل الألم ، وكله إيمان وتقوى . وتدهورت صحته وكان قد أوصى أن يدفن بعد موته في حقل يحرث لئلا يظل له أثر ، لكن مريديه أبوا ذلك ، واتفقوا أن يدفنوه في مقبرة القرية ، وأن لا يقوم أحد برثائه ، وأن لا يجري له مأتم ، وإنما يعزي الناس بعضهم بعضًا وهم في بلادهم وهكذا كان. وبعد وفاة الشيخ الفاضل أقيمت له عدة مزارات ، منها مزار في قريته الأصلية كوكبا ، ومزار آخر في عين عطا ، وهذا هو المزار الثالث يقام في قرية كفر سميع( ).

وقد أكـد المؤرخ فيليـب حـتـي : أن الاسـم الأصـح لجبل الشيخ هو : الجبـل الشــيخ . وفي رحـلة ابن جبير المتوفى سنة 614 هـ التي وصف بها مدينة دمشـق فقال : والمدينة تشـرف على سـهل يمتد جنـوباً في غرب ، نحو قمة مهيبة من قمم لبـنان ، يسـميها العـرب جبل الشـيخ ، لأنها مجـللة أبـداً بالثلوج . كما ورد في كتاب المقدسـي المتوفى سنة 380هـ أحـدث التقاسـيم في معرفة الأقاليم : جبل الشـيخ أو جبل الثلج . وقد أتاه سـكانه عمومـًا من شـرق سـورية( ) .

ومن الطريف أن يرد اسم جبل الشيخ محرفًا عن جبل الثلج في شعر حسان بن ثابت الأنصاري كالتالي :
ملكـاً من جبل الشـيخ إلى جانبي أيلـة من عبـدٍ وحـرّ( )
وسيأتي ذكر البيت صحيحًا في اسم " جبل الثلج " ، ولا أدري إن كان الخطأ مطبعيًا أو من كاتب النص على الشبكة العنكبوتية أو من مؤلف كتاب " شبعا نافذة على التاريخ " !؟ وبحثت عما ذكره عن جبل الشيخ في النص المطبوع بين يدي من رحلة ابن جبير فلم أجده ، وما ذكره عن المقدسي في أحسن التقاويم ليس صحيحًا ، إذ أن المقدسي لم يذكر سوى " جبل الثلج " ، ولعل المؤلف وضع كلمة " جبل الشيخ " تفسيرًا لجبل الثلج ، فدمجهما الكاتب وفصل بينهما بكلمة أو ؟ وهذا لبس لا يفيد التاريخ والمؤرخين .

وفي التاريخ الحديث بنى الأمير نجم الشهابي في عام 1195هـ( ) قصرًا قريبًا من قصر شبيب على قمة جبل الشيخ لغرض الاستجمام في فصل الصيف ، وفيه فاضت قريحة الأمير ببعض الأبيات من الشعر منها:
ومنزلاً فوق قنّ الشـيخ بتّ به معانق الأنس واللذات والطـرب
أهدى لنا من ربا نجد معطرة ومنظرًا من ديار العجم والعرب( )
وفي ختام البحث في تسمية جبل الشيخ بهذا الاسم نترك للقارئ الكريم ترجيح السبب أو الأسباب التي أدت إلى تسميته بهذا الاسم . وقد تكون اشتركت بعض الأسباب أو العوامل الأخرى التي لم نطلع عليها حتى هذه اللحظة في هذه التسمية التي أصبحت تسمية رسمية له . وأيًّا كان السبب في التسمية ، فإن الجبل يبقى شامخًا سامقًا كما كان عبر الأجيال منذ بدأ الخليقة وإلى وقتنا الحاضر ، يقدم عطاءه الخيّر الذي حباه الله إياه ، والذي سنراه – إن شاء الله - في الحلقات القادمة ، بعد ذكر تسمياته الأخرى .
الباحث : محمود بن سعيد بن محمود بن يوسف بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ، أبو محمد الشيخ القطناني المكي . مكة المكرمة 26/3/1433هـ

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور قطنا
عضو متميز
عضو متميز
نور قطنا


المزاج : قطنا
empty
انثى
عدد المساهمات : 672
نقاط : 722
تاريخ الميلاد : 27/12/1986
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 21/12/2009
مكان الإقامة : دبي

جبل الشيخ - الحلقة الأولى Empty
مُساهمةموضوع: رد: جبل الشيخ - الحلقة الأولى   جبل الشيخ - الحلقة الأولى Emptyالإثنين فبراير 27, 2012 12:03 pm

جبل الشيخ - الحلقة الأولى Vwu
جبل الشيخ - الحلقة الأولى 404896

معلومات قيمة فعلا


شكرا كتير لطرحك المتميز

و ننتظر دائما ما تنثره من روائع على منتديات قطنا


جبل الشيخ - الحلقة الأولى 580820
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ihab
عضو متميز
عضو متميز
ihab


المزاج : قطنا
ذكر
عدد المساهمات : 659
نقاط : 769
تاريخ الميلاد : 09/05/1993
العمر : 30
تاريخ التسجيل : 22/03/2010
مكان الإقامة : قطنا

جبل الشيخ - الحلقة الأولى Empty
مُساهمةموضوع: رد: جبل الشيخ - الحلقة الأولى   جبل الشيخ - الحلقة الأولى Emptyالأربعاء فبراير 29, 2012 6:30 pm

الله يقويك معلومات قيمة جدا الله يئويك
ننتظر جديدك بفارغ الصبر
في امان الله جزاك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/FIERY.ICE.IAA
أطناوي وأفتخر
عضو مميز
عضو مميز
أطناوي وأفتخر


المزاج : قطنا
empty
ذكر
عدد المساهمات : 313
نقاط : 327
تاريخ الميلاد : 25/04/1982
العمر : 42
تاريخ التسجيل : 09/01/2010

جبل الشيخ - الحلقة الأولى Empty
مُساهمةموضوع: رد: جبل الشيخ - الحلقة الأولى   جبل الشيخ - الحلقة الأولى Emptyالخميس مارس 01, 2012 3:58 pm

جبل الشيخ - الحلقة الأولى 169580

جزاك الله خير

ننتظر المعلومات القيمة دائما منك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جبل الشيخ - الحلقة الأولى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قطنا :: المنتديات العامة :: شخصيات لها تاريخ-
انتقل الى: