قطنا
مرحبا بك في منتديات قطنا الثقافية و العلمية
و نشكر زيارتكم
ولتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
و يرجى الانتباه بادخال الايميل الصحيح لانه عند التسجيل ستصلك رسالة تفعيل رمز الدخول الى بريدك الالكتروني و بعد التفعيل ستتمكن من الدخول بالاسم و كلمة المرور التي ادخلتها
كما ندعوكم لزيارة موقعنا قطنا نت www.qatana.net
قطنا
مرحبا بك في منتديات قطنا الثقافية و العلمية
و نشكر زيارتكم
ولتتمكن من الإستمتاع بكافة ما يوفره لك هذا المنتدى من خصائص, يجب عليك أن تسجل الدخول الى حسابك في المنتدى. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه.
و يرجى الانتباه بادخال الايميل الصحيح لانه عند التسجيل ستصلك رسالة تفعيل رمز الدخول الى بريدك الالكتروني و بعد التفعيل ستتمكن من الدخول بالاسم و كلمة المرور التي ادخلتها
كما ندعوكم لزيارة موقعنا قطنا نت www.qatana.net
قطنا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
قطنا

منتدى مدينة قطنا
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
"وقـل اعمـلوا فسـيرى الله عـملكم ورسـوله والمؤمنـون"    

 

 تابع جبل الشيح - جبل الجليل - 4

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو محمد الشيخ
عضو فعال
عضو فعال
avatar


المزاج : قطنا
ذكر
عدد المساهمات : 111
نقاط : 331
تاريخ الميلاد : 30/01/1948
العمر : 76
تاريخ التسجيل : 08/11/2010
مكان الإقامة : سوريا-قطنا

تابع جبل الشيح - جبل الجليل - 4 Empty
مُساهمةموضوع: تابع جبل الشيح - جبل الجليل - 4   تابع جبل الشيح - جبل الجليل - 4 Emptyالخميس يوليو 12, 2012 3:23 am

تابع جبل الشيح - جبل الجليل - 4
وذكر القاسمي موقف نصارى عصره في اعتقادهم فقال : « أخذ بعض نصارى هذا العصر يتذبذب في الاعتقاد ، فطفق يرد على المسيحيين قوله بتثليث الآلهة ، وأنه مضاد لصريح نصوص الوحي ، وأخذ يسلم بحقية القرآن ، وكذا التوراة والإنجيل الموجودين وأنهما لم يحرفا تحريفاً جوهرياً ، واعتقد بصلب المسيح يقيناً ، وصار بناقش المفسرين فيما فسروا به الآية المذكورة ، أعني آية الصلب ، زاعماً أن المنفي عن اليهود فيها هو نسبة الفعل لهم توبيخاً لتهكمهم وازدرائهم ، وَرَدَّ فعل الصلب إليه تعالى . وقد توسع في هذا الموضوع وألف كتاباً سماه « المعتقد الصحيح في صلب السيد المسيح » ولما كان مبحثه غريباً جداً ، أردت أن أورد هنا بعض تمويهاته في رسالته ، وأعقبها بما فوِّق عليه من سهام ردود تهافته . قال في أول رسالته : إن التباس فهم آية الصلب هو غالباً في تقدير نائب الفاعل لفعل « شُبّهَ لَهُمْ »( ) فإنا إن قدرنا نائب الفاعل مصدراً مأخوذاً من الفعل السابق المذكور في الآية : « وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ »( ) وكان التقدير شبه لهم أنهم قتلوه وأنهم صلبوه ، أو شبه لهم قتلهم له وصلبهم إياه ، والمعنى أنه مُثِّلَ أو خُيِّلَ لهم أنهم كانوا هم القاتلين وهم الصالبين - انحلت المسألة تقريباً ، وزالت كل صعوبة تأويل ، حيث إن السيد المسيح لم يقتل أصلاً ، ولا صلب قهراً ، أو مات جبراً ، أو اضطراراً ، بل هو من نفسه - على زعمه - قدم ذاته للصلب عن رغبته واختياره ورضاه ، فكأن اليهود لم يفعلوا شيئاً بقدرتهم ومجرد إرادتهم ، حتى يحق لهم الافتخار بأنهم قتلوه ، وأما إن قدِّر المسيح نائب الفاعل لـ « « شُبّهَ »( ) تعقدت المسألة وضاع السياق اللغوي ، لأنه لا وجه ، لغوياً ، في الآية يثبت وقوع الصلب على رجل آخر غيره ، إذ لم يذكر صريحاً ولا إشارة . ثم ذكر في الفصل السادس أن القرآن العزيز لم يؤنب النصارى ، ولا مرة ، على ضلال اعتقادهم بصلب المسيح وموته وقيامته ، ولا كذب الإنجيل أو الحواريين ، ولا لام الذين آمنوا بصلب المسيح ، حال كونه نبههم مراراً على غير ضلالات عندهم . وذكر فيه أيضاً : لم ترد أحاديث صحيحة عن الرسول - صَلّى اللهُ عليّه وسلّم - بنفي صلبه ، وفيه أيضاً : أن هذه الآية يصح تأويلها إيجابياً طبقاً لما في الإنجيل ، بما أن عدة آيات أخرى قرآنية مجانسة لها أولت بخلاف ظاهرها اللفظي ، كأفعال المبايعة والرمي والموت والحياة وما أشبه ذلك ، التي نسبت صريحاً لغيرها فاعلها الظاهر . وقال في الفصل العاشر : أما قولنا إن القرآن العزيز قصد نفي نسبة فعل الصلب لليهود وإسناده لله حقيقة ، فهو استناد على قوله : « فَلم تَقْتُلُوهُمْ ، وَلَكِنّ اللّهَ قَتَلَهُمْ ، وَمَا رَميتَ إِذْ رَميتَ ، وَلَكِنّ اللّهَ رَمَى »( ) ، وقوله : « إِنّ الّذِينَ يُبَايِعُونَكَ ، إِنّمَا يُبَايِعُونَ اللّهَ ، يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ »( ) ، فهنا الفاعل الظاهر - حساً وفعلاً - إنما هو الرسول محمد - عليه الصلاة والسلام - ولكن الفاعل الحقيقي إنما هو الله الفاعل كل شيء في الكل . ثم قال : وربما يعترض أنه ذكر في الآية نفسها أن « الله رمى » ، وإنه تعالى هو المبايع ، فنقول : كذلك في آي الصلب ، وإخباره مراراً عديدة ، صرح في الإنجيل أن الفاعل والمسلم والبازل والحاكم والآذن في أمر الصلب إنما هو الله - جل جلاله - ثم قال : نقول أخيراً : إن آية الصلب القرآنية هي صحيحة في ذاتها تماماً وكمالاً ، ومطابقة أشد المطابقة لما ورد في نفس القرآن بهذا الشأن ، ولكل فَحْوى أسفار الميثاقين أو العهدين ، بكل بيان ، إنما تفسيرها بمطلق النفي كان وما زال غلطاً وضد الحقيقة والذوق اللغوي ، وضد ما جانسها في الآي الأخرى من نفس القرآن ، ومن نصوص سائر الكتب المنزلة ، ولا سيما الإنجيل ، الذي زبدته وروحه وقوامه وخلاصته هي كون المسيح صلب ومات ، وقام وعرج إلى السماء ، وأرسل البارقليط الآخر الرسول محمداً مبلغ القرآن العظيم ، الحاوي روح الصدق والحق ، والمذكر بكل ما قال المسيح في الإنجيل الشريف . ثم قال : إن إنكار أمر الصلب أو إثباته ليس من الأركان في الدين عند المحمديين ، ولا هو محرِّم قطعاً الاختلاف في تفسير بعض آيات ، وقد وجد ويوجد عدة اختلافات عند اليهود والنصارى والمسلمين ، وليس ذلك محرماً إلا إذا آل لإنكار أو لإفساد نفس الآيات ، أو إيقاع الشبهة على ذات نصوص الوحي ، ففي آية الصلب ليس شيء من ذلك ، بل بالعكس تأييد كل النصوص الإلهية . هذا خلاصة ما أورده في رسالته ، وقد رد عليه من الفضلاء المسلمين عدد وافر ، في تآليف بديعة ، منها كتاب « السيوف البتارة » اعتمد مؤلفها في إيراد حججها على التواريخ الإفرنجية المعول عليها ، فإن الإفرنج أعرف من غيرهم بحقيقة ما يهمهم ، وأبعد من مظنة التشيّع في شهادتهم على أنفسهم ، في أمر دينهم . قال : « يعلم الواقف على حقائق التاريخ أن مسألة الصلب من أهم المسائل التي ولدت الشقاق والنفرة فيما بين النصارى عموماً ونصارى مصر والشام في الأجيال الأولى خصوصاً ، فإنهم كانوا غالباً يرفضون حصول الصلب رفضاً باتاً ، لأن بعضهم كان يعتبره إهانة لشرف المسيح ، ونقصاً فاضحاً ، والبعض الآخر كان يجحده ارتكاناً على الأدلة التاريخية ، وهؤلاء الجاحدون للصلب طوائف كثيرة ، منها : الساطرنيوسيون ، والمركيونيون ، والبارديسيانيون ، والتاتيانيسيون ، والكاربو كراتيون ، والمانيسيون ، والبارسكاليونيون ، والبوليسيون ، إذ كلهم اعتقدوا ، مع كثيرين غيرهم ، بأنه لا يمكنهم أن يسلموا بنوع من الأنواع ، أن المسيح سمر فعلاً ، أو مات على الصليب حقيقة ، حتى استَخَفُّوا بالصليب والصلب ، وقال بعض المؤرخين الأفاضل : إن الخلاف الذي وقع بين النصارى في مبدأ الأمر الذي كان سبباً في انسلاخ جملة طوائف وتشتتها واعتبارها في رأي آخرين مارقة من الدين ، ولكن هذه الطوائف المضطهدة المهضومة كانت أفكارها منطبقة على الأصول النصرانية عقلاً ونقلاً ، بخلاف أفكار مضطهديهم ، فإن هذه الطوائف بنت على ألوهية عيسى - عليه الصلاة والسلام – أنها لا يجوز أن يمتهن ، واستنتجت من هذا أنه لم يصلب قطعاً ، وأن ألفاظ التوجع والتضجر ، التي نسبتها إليه كتب النصارى المتأخرين ، لم يتفوه بها ، ولا تصح نسبتها إليه . وبالجملة إن الشخص المصلوب غير عيسى قطعاً ، وأنه - عليه الصلاة والسلام - لم تسلط عليه أيدي مضطهديه ، بل رفع إلى السماء . ومن القائلين بهذه الأفكار : الدوسيتية ، والمرسيونية ، والفلنطانيائية . وغير خاف أنه حتى على فرض البنوة فقط ، لا يمكن عقلاً أن يتصور صلبه . ويؤيد هذا ما قاله الباحث الشهير الموسيو « إدوار سيوس » ، أحد أعضاء « الانستيتو دي فرنس » في باريس ، المشهور بمعارضته المسلمين في كتابه « عقيدة المسلمين في بعض المسائل النصرانية » صفحة « 49 » : إن القرآن ينفي قتل عيسى وصلبه ، ويقول بأنه ألقي شبهه على غيره ، فغلط اليهود فيه وظنوا أنهم قتلوه ، وإن ما قاله القرآن موجود عند طوائف النصرانية منهم الباسيليديون ، كانوا يعتقدون ، بغاية السخافة ، أن عيسى وهو ذاهب لمحل الصلب ، ألقي شبهه على سيمون السيرناي تماماً ، وألقي شبه سيمون عليه ، ثم أخفى نفسه ليضحك استهزاء على مضطهديه الغالطين ، ومنهم السيرنتيون ، فإنهم قرروا أن أحد الحواريين صلب بدل عيسى ، وقد عثر على فصل من كتب الحواريين ، وإذا كلامه نفس كلام الباسيليديين . وقد صرح « إنجيل القديس برنابا » باسم الذي صلب بدل عيسى قال : إنه يهوذا . ولم يردّ المؤرخ ، المترجم كلامه ، على هذا الإنجيل ، إلا بدعوى أنه كلام لا يعول عليه . وهذا الرد من رجل صدر نفسه للرد على المسلمين غير كاف ، فيستفاد من جميع ما ذكر أن جماً غفيراً من طوائف النصارى ذوات البال والأهمية ، كانت تنبذ عقيدة صلب المسيح نبذاً ، وتفندها تفنيداً وما زالوا كذلك حتى جاء الإسلام فدخلوا فيه أفواجاً ، لإنكار القرآن ، وما أنكروه من الصلب وغيره . وبالجملة إن أغلب الشعوب الشرقية ، قبل الفتح الإسلامي ، رفضت القتل والصلب ، حتى قال ياسيليوس الباسليدي : إن نفس حادثة القيامة ، المدعى بها بعد الصلب الموهوم ، هي من ضمن البراهين الدالة على عدم حصول الصلب ، ومن المعلوم أن نصارى الشام هم الذين وقعت هذه الحادثة بينهم ، فهم أقرب الناس إلى العمل بحقيقتها ، وكذلك من جاورهم من نصارى المصريين وغيرهم ، لحصول الجواز وقرب المسافة ، فكيف لا تكون شهادتهم هي عين الصواب ؟ وبذلك يتبين أن دعوى « صاحب جريدة شهادة الحق » الإجماع على الصلب وانفراد القرآن الشريف بنفيه - غير مسلمة ، مع وجود هذه الطوائف المنازعة في الصلب ، وقد صرح القرآن بأن رسول الله - صَلّى اللهُ عليّه وسلّم - إنما بعث لتصديق ما بين يديه من الحق ، وتبيين ما اختلف فيه طوائف النصارى مع اليهود ، والنصارى مع بعضهم بعضاً ، ولو حكمنا التاريخ لشهد لهؤلاء الناس وبرز أقوالهم ، وذلك أن أهل فلسطين كانوا يعبدون الأوثان ، ويخالفون بني إسرائيل في ديانتهم ، فكان من مبادئهم ، العاملين عليها في سياستهم العمومية ، بذل المجهود وإفراغ الوسع في معاكسة عقائد اليهود ، لإدخالهم في الديانة الوثنية وتقويض دعائم الشريعة الموسوية ، والضغط على شعائرهم الملية . يشهد لهذا أقوال الكاتب الشهير « أرنست رنان » العضو في « الأكاديمية الفرنساوية » المنفرد بالإجادة والشهرة في رسالة نشرت في جريدة العاملين في 15 مارس 1893م ، معنونة بـ « اليهود تحت حكم الرومان » حيث قال : إن كل المناصب ذوات المرتب الباهظ كانت تعطى غنيمة باردة لليهود الذين يطرحون دينهم ظهرياً ، ويجعلون شعائرهم الملية شيناً ، ويعتنقون ديانة الرومان الوثنية ، فكان من ضغط الرومان ، ومن تزلف اليهود إليهم ، ومن أطماعهم إلى الرتب والألقاب ، أن ارتد غالب سواد اليهود وعبدوا جوبيتر الألومبي ، وكان الواحد منهم يخاف الاختتان بعملية شاقة جداً « ذكرها سلسل المؤرخ الروماني الشهير » ثم يتزيى بزي الرومان ، ويسحب ذيوله تيهاً وإعجاباً بنفسه وبعوائد الرومان ، وازدراء واحتقاراً لبني جلدته وذوي ملته ، فرحاً بلقمة يلتقمها ، أو مرتبة يتربع في دستها ، وما زالت اليهود تَتَرَوْمَنُ حتى أن الأحبار غادروا الهيكل والمجامع ، واشتغلوا بملاعب الرومان الرياضية ، وأخيراً آل الأمر ، قبل وجود عيسى - عليه السلام - إلى إدخال صنمهم الأكبر ووضعه في محل تقريب القربان نفسه ، بحيث أن القربانات كانت تعمل أمامه ، حتى كادت معالم اليهودية أن تنمحي من صحيفة الوجود ، ووقع ذلك سيء الوقع ، وأثر أردأ تأثير في نفوس البقية القليلة من اليهود التي اعتصمت بدينها . ويعلق القاسمي على ذلك قائلاً : وبهذا يعلم مقدار ضغط الرومان على اليهود لمحو آثار دينهم من الوجود ، فليس من المعقول أن الحكومة ، وهي ما ترى من الكراهة الدينية لليهود ، تجيبهم إلى ما طلبوا من تنفيذ أمر الصلب ، أو تعيره أدنى ذرة من الأهمية ، خصوصاً والحاكم الروماني على فلسطين في ذلك الوقت ، كان يكره اليهود كما يكره أن يلقى في النار ، وهم يكرهونه أشد من ذلك . دليلنا على ذلك ما كتبه المسيو رنان المذكور في كتابه المشهور المسمى « حياة المسيح » حينما تكلم على شكاية اليهود من عيسى بدعوى أنه غيّر التوراة ، وكان ذلك - على زعمهم - ليستوجب قتله ، حيث قال : إن حاكم فلسطين المسمى « بونسيوس » الملقب « بيلاطس » أظهر عدم عنايته بمنازعات اليهود الداخلية وشكاويهم وخصوماتهم ، بل كان يعتبر أن هذه الأعمال صادرة عن عقول مختلفة وأفكار معتلة ، وبالإجمال ، كان يكره اليهود وهم يكرهونه أشد من كراهته لهم ، لأنهم كانوا يجدونه قاسياً ذا أنفة وكبر ، غير مكترث بهم ، ولقد رموه وعابوه بجنايات لا يسعها عقل عاقل ، والمتمسكون بدينهم منهم رأوا أن غرض بيلاطس هذا ، سحق أثر الشريعة الموسوية سحقاً ومحوها محواً ، وتعصبهم الأعمى وكراهتهم الدينية له جعلاه يأنف من أفكارهم ، فإنه كان يميل كل الميل إلى الأحكام الوضعية الرومانية ، التي كانت نهاية فخر كل رومانيّ في ذلك الحين ، وكان يرى أفكار اليهود سخيفة تقهقرية ، لأنه اهتم بجلب النافع العام ، وسن مشروع يضمن الراحة والرفاهية ، قام الأحبار عن آخرهم وعارضوه بتفسير التوراة التي كانت تسد في وجهه أبواب التحسين والتغيير . فلم يعتن بجرح حواسهم ومس شرفهم ومعالمهم الدينية ، وعاملهم بالقسوة والكبر وعدم تنفيذ رغباتهم ، فانشغب الأمر ودام الفشل ، وأخيراً اضطرت الحكومة إلى إقالته من منصبه بسبب قيامة اليهود عليه . ولقد كانت نفس بيلاطس تضيق ، وصدره يحرج عند مجيء شكوى ضد عيسى - عليه الصلاة والسلام - حيث كان لا يسمح بتنفيذ أمر القتل عليه ، وعيسى ضد اليهود ، ويعيب التوراة كما يقولون . فكان ذلك عن رغبة الحاكم ، وجل ما يتمنى ، فكيف يكون هو الآمر والمنفذ لقتله ؟ مع أنه كان قادراً على تنفيذ رغباته المضادة لليهود على خط مستقيم ، والحقيقة أن بيلاطس كان ميالاً كل الميل لخلاص السيد المسيح من هؤلاء الظلمة ، ولعله رأى ما فيه من جميل الشيم والأخلاق الكريمة الطاهرة ، فَرَاقه ذلك ، زيادة عن كراهته لليهود ، فعمل على خلاصه من الصلب ، كما يتضح من إنجيل متى « 24 : 27 » ، ولوقا « 12: 23» ، ويوحنا « 13 : 23 » . وفي بعض آيات الإنجيلين أن عيسى سوعد من زوجة بيلاطس الحاكم القائلة كما هو مذكور في إنجيل متى « 19: 27 » : « إياك وهذا البارّ ، لأني تألمت اليوم كثيرًا في حلم من أجله » ، ولعلها رأته فبهرها كماله ووقاره وحشمته وبلوغه الغاية في الأدب والشمائل الطاهرة ، والظاهر أنها رأت هذا الشاب البريء المبجل من إحدى نوافذ قصرها المطلة على أفنية هيكل سليمان - عليه السلام - فظهر لها بكماله الحقيقي فاستفظعت إهدار دم هذا البريء الوقور . وكيفما كان السبب فالذي لا يشك فيه أحد ، أن بيلاطس كان محباً لعيسى - عليه السلام - حباَ شديداً ، ولذلك سأله بكمال اللطف والأدب ليفرغ ما في وسعه لتبرئته . فيؤخذ من كلام « رنان » أن الحاكم المنوط به الأمر والتنفيذ ، كان مضاداً للصلب ، فلا غرابة في عدم حصوله للمسيح - عليه السلام - وتبديله بآخر ، وكراهة هذا الحاكم لليهود مشهورة لا تحتاج لزيادة إيضاح ، حتى إن « ترتوليانوس » ، أحد آباء الكنيسة النصرانية ، جزم بأن بيلاطس الحاكم كان نصرانياً في الباطن . وفي الجزء الأول من تاريخ الديانة النصرانية لمؤلفه « ملمن » : إن تنفيذ الحكم كان في وقت الغلس وإسدال ثوب الظلام . فيستنتج من ذلك أيضاً إمكان استبدال السيد المسيح بأحد المجرمين الذين كانوا في سجون القدس ، منتظرين تنفيذ حكم القتل عليهم ، كما اعتقد بعض الطوائف ، وصدقهم القرآن . ولقد جرى على هذا الرأي جماعة من المؤرخين المهمين « كالمسيو شارل بيكار » و « أرنست دي بونس » وغيرهما ، فإن الأول قال : إن مسألة صلب المسيح كلها مبتكرة مخترعة لا غير ، لتوافق اعتقادات قديمة ، مآلها : أن الله لا يسكن غضبه إلا بسفك دم القربان من بني آدم ، وكانت اليهود تقدم أولادها قرباناً للذبح استجلاباً لإسكان غضب الخالق وجلب رضاه . ويقول : إنهم ربما أكلوا لحوم القربان الآدمي وشربوا دمه . ولما قامت الأنبياء في بني إسرائيل واضطهدت هذه العادة الشنعاء ، بدل ذبح الآدمي قرباناً بذبح الحيوان . وأطال المسيو « بيكار » في شرح ارتباط تضحية سيدنا عيسى - عليه الصلاة والسلام - مع هذه العوائد القديمة ، فأفاد أن نفس الصليب كان مستعملاً رمزًا عن شيء عندهم اسمه « اللنجام » وهو عبارة عن خشبتين متصلبتين متداخلتين في بعضهما . وأما المسيو « أرنست دي بونس الألماني » فإنه قال في كتابه المسمى بـ « النصرانية الحقة » « صفحة 142» ما معناه : إن جميع ما يختص بمسائل الصلب والفداء ، هو من مبتكرات ومخترعات « بولس » ومن شابهه ، من الذين لم يروا المسيح - عليه الصلاة والسلام - لا من أصول النصرانية الأصلية .
الباحث : محمود بن سعيد الشيخ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تابع جبل الشيح - جبل الجليل - 4
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قطنا :: المنتديات العامة :: شخصيات لها تاريخ-
انتقل الى: