وأصبح الكل في الكل وهو في السادسة عشر من عمره.
أتى أمه يوما حزينا
قائلا:
لقد ماتت زوجة عمي
( يعني رئيسه في العمل )
ولقد كان يحبها جدا..
ماتت بدون مقدمات ..
ظهرت عليها الصفاري ( الصفراء )
وأخذت الدواء من قصبة الهنود ولكن الأجل داهمها .
تعرفين يا أمي أنه لا أولاد عنده فقد كانت له أما وأختا وابنة
وزوجة وصديقة.
لقد حزن عليها كثيرا وأنا حزنت كما لم أحزن من قبل..
قالت له :
سيعوضه الله ..
مضى عام سأله العم
قال:
من خالك ؟
قال : لا خال لي ..
من عمك ؟
أخو أبيك ..
قال لا عم لي ..
قال :
إذا من المسؤول عنك ؟
قال : أمي ..
فهي كل شيء, وحكي له الليالي والأيام وأفاض و أفاض..
قال العم
اشتقت إلى أكلة بيتيه..
فأخبر أمك بأنني مدعوا عندك للعشاء
ذهب صاحبنا إلى بيت اليتيم فوجد ترتيبا ونظافة وأناقة وبساطة
في البيت رغم الدخل المحدود
ولكنه متفوق برائحة الحب والعناية والاهتمام..
من خلف تلك الصفة الصغيرة استمتعت إلى كلمات الثناء
لابنها ..
ومباركة الرجل لأمه وكفاحها ..
غادر المكان مودعا من بيت عزيز إلى بيته الذي يكتسي بكل
أنواع الراحة من أثاث وخدم ..
وليس فيه عبق ذلك البيت المتواضع
في العيدروس شيخ الحارة
( الشيخ عبد الصمد )
توسط فخطبها وتزوجت من عمه
( رئيسه في العمل )
أنجبت منه أبناء ليكونوا أخوة له
أصبح الحلم حقيقة وازدانت جدة ..
بأم أنجبت أغلى الرجال ..
لقد وضعت ذاتها وإمكاناتها لتحقيق هدفها لابنها اليتيم ..
فأكرمها الله بعز ما كان لظنها أن يبلغه..
جلس بين يديها يملأ عينيه بوجه تلالا نورا وضياء ..
سألها :
كيف يكتسب العز يا أمي ؟
نظرت إليه بحب وإعجاب نظرة لا يعرفها إلا من كان محبا ومحبوبا..
يابني ..
دائرة الافلاك لا تديم نعمة ..
ولا تقيم نقمة ..
لقد وضع الله في كل قلب ما أشغله..
فاشتغل بذكر الله يطمئن قلبك ..
وأكثر من الصلاة على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
فإنها سكن النفوس وقربة للمؤمنين ودخولا لرحمة الله..
وقرأ ..
الا بذكر الله تطمئن القلوب
واقرأ ..
وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم
واقرأ ..
وصلوات الرسول إلا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في
رحمة واعلم إن أول الحكمة الشكر ..
واقرأ ..
ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله وعليك بالتقوى
والصبر ..
واقرأ ..
أنا يوسف
وهذا أخي
قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر
المحسنين
وأعفوا عمن ظلمك, وصل من قطعك
وأعط من حرمك
واقرأ ..
فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له
كاتبون
يابني ..
إذا أخطأت اعترف بخطئك ..
فإنه من يتكبر يطرد ..
ومن يستغفر يغفر له ..
فإن الشيطان استكبر فطرد وآدم استغفر فغفر له
يابني ..
كن مع الصادقين ..
وأحسن الظن بالله ..
فإن من لم ينفعه ظنه لا ينفعه يقينه
يابني ..
أصلح سرك وعلانيتك ..
إنما الأعمال بالنيات ..
ونية المرء خير من عمله
يابني ..
الحلال بين والحرام بين
إنما يتقبل الله من المتقين ..
فكثير المال عقاب وقليله حساب ..
والأكثرون هم المقلون يوم القيامة ..
إلا من قال هكذا وهكذا..
يابني ..
لا يهلك جمال النعمة عن جلال الوهاب ..
النعمة كائن حي ..
فإذا أحببتها في وطنها ..
أحبتك وجعلتك وطننا لها ..
ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ..
رزقك الله الخشوع والطاعة والقبول..
وقوة الإيمان وحلاوته
وصلي على السراج المنير المصطفى صلى الله عليه وسلم
العز ,, الإنتساب إلى الله !!