ابن قطنا المشرف العام
المزاج : عدد المساهمات : 5145 نقاط : 6626 تاريخ الميلاد : 26/09/1988 العمر : 36 تاريخ التسجيل : 16/10/2009 مكان الإقامة : الرياض العمل/الترفيه : مخبري اسنان المزاج : معكر دائما ما معي مزح........
| موضوع: زهرات فلسطين .. فتيات غدون أمهات الأربعاء فبراير 10, 2010 4:12 pm | |
| بالأمس كنَّ زهرات تنتظرنَّ ربيعاً تتفتحنَّ فيه، وتنثرنّ عبق أريجهنّ بين حقوله.. أما اليوم فبتنّ أمهات لكنهنّ لم يغادرنَّ مرحلة الطفولة، فأعمارهنّ تتراوح بين التاسعة والسابعة عشر عاماً، لم يعتدِّ أحدٌ عليهنَّ فحملنّ وأنجبنّ وهنّ صغيرات ليكنّ أمهات لأبناء خرجوا من أرحامهنّ، لكنهنّ كانوا أمهات بديلات لأشقاء كنّ هنّ الأكبر سناً بينهم ووقعت عليهنّ مسؤولية الرعاية والاهتمام بعد أن غادرتهنّ أمهاتهنّ شهيدات في حرب الرصاص المصبوب على غزة قبل عام. في بيوت أمهاتهنّ التي تهاوت بعض أركانها، بعد أن تصعدت بفعل القصف الوحشي خلال أيام الحرب الثلاثة والعشرين منذ السابع والعشرين من ديسمبر 2008 وحتى الثامن عشر من يناير 2009، أعادوا تفاصيل الحياة بروح طفولتهنّ البريئة فكنَّ تماماً كما أمهاتهنّ أمهات قلوبهنَّ الصغيرة تفيض حناناً تذوب حنيناً، مع أشقائهن الصغار مارسنّ تقاليد الطفولة من اللهو والمرح قليلاً ومع الأكبر قليلاً، مارسنّ دور المعلم والصديق والشقيق الناصح والراعي للحقوق والمؤدي للواجبات على أتمها فاستحققن أن نسلط الضوء عليهنّ في سياق التحقيق التالي لـ" لها أون لاين " لنبصر بعضاً من تفاصيل حياتهنّ التي تغيرت فيها الأدوار والمسؤوليات، وتلاطمت فيها موجات الألم مع الإصرار على استكمال مشوار أمهاتهنّ في التربية، تابعوا معنا. أم بديلة في الثانية عشر إسراء جمعة: طفلة لم تتجاوز ربيع عمرها الثاني عشر، في ملامحها تقرأ تفاصيل حكاية خطت من دموع ودم، وجهها أنهكت معالمه أنات الحزن العميقة، وآلام الفقد المريرة، فبدت ذابلة العينين على غير عادت الأطفال في سنها، والابتسامة جافت أيضاً على غير العادة شفتيها، لكن تلك الملامح سرعان ما تتبدد إذا ما أبصرت وجه شقيقها الرضيع عبد الصمد، بين ذراعيها الصغيرتين تحتضنه وفي عمق قلبها تدسه تغدق عليه بالحب والحنان تماماً كما لو كان ابنها الذي نبت كفرع الصبار في رحمها وتغذى على غذائها، تقول بكلمات مسؤولة لا تخلو من البراءة وعفوية الطفولة: "منذ رحلت أمي وتدعى عفاف ربيع جمعة في الثاني عشر من يناير الماضي؛ أصبحت مكانها أماً لشقيقي الرضيع عبد الصمد، الذي كانت أمي ترضعه وقت سقوط قذيفة في غرفتها أدت إلى استشهادها ولأشقائي السبعة الآخرين". مشيرة إلى أنها كانت أكبر الفتيات بين أشقائها، يسبقها فقط عبد الله في الرابعة عشر من عمره، تؤكد أنه يساعدها وأبيها في حمل المسؤولية بالإضافة إلى الخالة الجديدة التي تزوج بها الأب قبل أشهر قليلة، تقول:"الخالة طيبة القلب وحنونة لكن وجودها لا يمنعني من القيام بواجبي نحو أشقائي الصغار فقط لأحقق أحلام أمي الحنون –عفاف-" وتستطرد الفتاة أن المعين الأول لها على النجاح في واجباتها كأم لأشقائها الصغار هي همسات والدتها التي ما تركتها لحظة أبداً، سواء قبل الرحيل أو بعده، كانت إسراء تبصر اهتمام والدتها بها وبأشقائها فأضحت بعد رحيلها تسير على نهجها صباحاً مع إرسال الشمس أشعتها تصحو من نومها تجهز للصغار مائدة الفطور والساندويتشات قبل الخروج إلى المدرسة. وفي المساء يكون عليها الاهتمام بالصغير عبد الصمد بنظافته وطعامه ولهوه وتتابع الأشقاء في دروسهم تنفرد بأحدهم تلو الآخر حتى ينهوا واجباتهم المدرسية، وتستذكر معهم الدروس الجديدة، وتزيد لهم في المعلومات قبل شرح المعلمة في الفصل. كما تراقبهم في سلوكهم فتعدل وتقَّوم بمزيد من النصح والإرشاد تماماً مثل أمها، وبعد العشاء تكون المهمة الأقسى على قلبها نوم الصغار، عندها تتداعى الذكريات إلى قلبها الصغير، فتبكي فراق والدتها تسمع همساتها وتشعر بدفء لمستها حين كانت تعمد إلى الاطمئنان عليها وأشقائها بين الحين والآخر قبل أن تخلد لغرفتها، فما يكون منها إلا أن تبدأ بسرد حكاية أم رحلت وتركت خلفها ثمانية أطفال كبيرهم لم يتجاوز الرابعة عشر، ترفع أكفها الصغيرتين وأشقائها بالدعاء وتغمض عيناها على صورة معلقة على حائط الغرفة ومنقوشة في صميم القلب والوجدان. بين القرآن ورعاية الأسرة ولا تختلف تفاصيل حياة شيرين السموني كثيراً، في الحرب فقدت الفتاة نبع المحبة والحنان، أمها وشقيقتها التي كانت لها نعمَّ الأخت والصديقة هدى. ومن بعد فراقهنّ انقلبت موازين الحياة، البيت أضحى كومة ركام، إلا أنه ما لبث أن عاد لكن ليس كما كان، خاوياً من الأم والشقيقة، وكان عليها أن تحمل راية المسئولية فتكون أماً بديلاً لأشقائها الستة بعد رحيل هدى التي كانت تشارك والدتها في رعاية أشقائها والحنو عليهم وتلبية احتياجاتهم. تقول شيرين التي لم تتجاوز ربيع عمرها السادس عشر ودموع الفراق تلون عيناها بحمرة تشبه زهر الحنون البري:" لم أملك بعد رحيل والدتي حنان السموني وشقيقتي الكبرى هدى، إلا أن أحمل راية المسؤولية وأكون على العهد والوعد وأكمل المشوار الذي بدأتاه في تربيتنا، المسؤولية عظيمة؛ لكني متأكدة أني سأكون على قدرها وفاءً لدماء أمي وشقيقتي"، وتسرد الفتاة تفاصيل يوم من أيامها كأم تحنو صباحاً هي أم تعتني بالصغار حتى يحين موعد الذهاب إلى المدرسة فتغدو طالبة علم تحرص على الجد والاجتهاد؛ لتحقق أحلام أمها وشقيقتها هدى. وعندما يسدل المساء ستاره تعود مجدداً أماً ومعلمة وصديقة لأشقائها تبصر واجباتهم المدرسية، وتعمد إلى مساعدتهم في حلها وتبثهم حبها وحنانها، وتطهو لهم ما يشتهون من طعامٍ. تقول شيرين ودموعها تسبق كلماتها المفعمة بأنين الفراق:"في كل عمل أقوم به؛ أسمع همس والدتي وشقيقتي فأحاول أن أنجزه بالطريقة المثلى كما عهدتها منهنّ في حياتهنّ، وحين تلقى قبول أشقائي وأبي أطير فرحاً، فأمي ستكون سعيدة بي" عندها تغيب في لحظات صمت ويزيد انزلاق العبرات على وجنتيها، تؤكد أنها سعيدة بالمسؤوليات الجديدة التي أوكلت إليها على الرغم من كبرها وعظم شأنها وكثرتها، بحيث لا يمكنها معها التمتع بأوقات الطفولة كما في السابق، في اللهو واللعب مع الصديقات. وتشير إلى أن المسؤولية التي تحملها والفقدان الذي عمَّ تفاصيل حياتها لم يزدها إلا قوة؛ فباتت إلى الله أقرب وعمدت إلى تنظيم وقتها بين الدراسة والتزامات البيت، وكذلك حفظ القرآن في المسجد الذي طالما استمعت جدرانه وأروقته لهمس والدتها بالتسبيح والاستغفار والصلاة. تؤكد الفتاة أن التزاماتها الكثيرة لم تمنعها من تحقيق حلم شقيقتها هدى التي رحلت في الخامس من يناير العام الماضي قبل أن تتمه وهو حفظ القرآن، اليوم ستحقق شيرين حلم شقيقتها بمزيد من الحب والوفاء وستهديها إياه على طبق من الإيمان والالتزام الأخلاقي والديني. أمهات أطفال تُربينَّ أطفال قد يكون هيناً على طفل في الثانية أو الثالثة من سني عمره أن يفقد إحدى والديه أو كليهما، فحتماً سيجد من يرأف به ويحتضنه ويبثه الحب والحنان والعطف والأمن والحماية، لكن حين تفقد الطفلة والدتها بأي حال من الأحول شهيدة أو إثر مرض عضال أو فجأةً بقضاء الله وأمره جل وعلا ولا تجد من يكبرها فيمنحها الحنان والعطف والحب الذي تحتاجه ويشعرها بالحماية والأمن، ويكون مطلوب منها أن تهب تلك المشاعر جميعها لأشقائها الصغيرة، وتكون بديلة لأمها التي رحلت على صغر سنوات عمرها التي لا تتجاوز السادسة عشر. في كثير من الأحيان لا يكون الأمر هيناً عليها أبداً، لكنها تسعى وتجتهد لتنجح وفاءً لأمٍ زرعت فيها منذ الصغر تلك المعاني والمشاعر، لكنها اليوم محتوم عليها أن تكون مصدرا لها تبثها أشقائها الصغار فتكون أم طفلة تربي أطفال. د. سمير زقوت الأخصائي النفسي ببرنامج غزة للصحة النفسية يصف حالة تلك الأمهات الصغار بجملة واحدة "طفل يربي طفل"، في إشارة منه إلى عظم المسؤولية التي تقع على عاتق الطفلة الفلسطينية التي أضحت بعد وفاة أمها أماً لأشقائها الصغار عليها أن تتناسى أحلام الطفولة أو تتركها جانباً قليلاً؛ لتقوم بدور الأم كما عهدته من أمها الراحلة فتكون على سنوات عمرها القليلة مصدراً للحب والعطف والحنان والحماية، في ظل حاجتها الماسة كفتاة صغيرة لا تتجاوز سنوات عمرها السادسة عشر لتلك المشاعر من الحب والعطف والحنان والحماية والأمان. ويتابع د. زقوت أن جوهر المعادلة يكون أصعب إذا اقترن الأب من بعد زوجته بأخرى، قد لا تتفهم لحاجة الأطفال الأيتام الذين حلت عليهم كبديل لأمهم لكنها لا تكون، مشيراً إلى أن المسؤولية الكبرى تتولاها تلك الطفلة، ففي ظل حاجتها الماسة للحنان والعطف والأمان تقوم على رعاية أشقائها الصغار، وتقدم لهم الحب والحنان والأمن والحماية. ويلفت د. زقوت إلى أنه من المفارقات العجيبة أن زوجة الأب الجديدة تكون غير مسؤولة عن أطفال زوجها الأيتام فلا تعمل بوصايا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال:"من مسح على رأس يتيمٍ أدخله الله الجنة" وقول الله عز وجل: }وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ{ بينما المسؤولة هي الشقيقة الكبرى لهم التي يتراوح عمرها بين الثالثة عشرعاماً والسادسة عشر عاما، الأمر الذي يراكم لديها عبء وضغط نفسي يضاف إلى حالة الحداد والحزن التي تمر بها على والدتها، مما يجعلها محبطة أحياناً وأحياناً أخرى منهارة ومقهورة. لافتاً أن مستقبل الأطفال الذين تربيهم شقيقتهم الفتاة الصغيرة بتلك النفسية المرهقة حزناً وقهراً وظلماً من ذوي القربى أحياناً، خاصة إذا كان بين الأشقاء أطفال في عمر الرابعة أو الثالثة مؤكداً أن نفسية الفتاة التي أضحت أمهم ستؤثر على تركيبة شخصية أولئك الأطفال؛ لأنه كما يقول د. زقوت السنوات الست الأولى هي التي تشكل شخصية الطفل، مشدداً على ضرورة اهتمام المجتمع الفلسطيني بتلك الأسر التي تفقد نبع الحنان ومصدر العطف والحب والأمن والحماية –أمهاتهم- وتقديم لهم الرعاية الخاصة من خلال جمعيات تساعد الأمهات الصغار، وتقدم لهنّ النصح بشكل عملي حتى تساعد الفتاة الصغيرة على التكيف والتوافق مع الظروف الصعبة التي تمر بها؛ لتتمكن من القيام بالعبء الذي ألقيَّ عليها بتربية أشقائها الصغار وتكون لهم أماً حقيقية تنتج أجيالاً شموعاً للمستقبل، لا أجيال شخصياتهم مغمورة بالحزن وآلام الفراق. عام كامل ازداد فيه عمر زهرات الربيع أضعاف مضاعفة، فكن نعم الأمهات والشقيقات اللاتي تُحسنّ الاستماع لأشقائهنّ وتحتويهنّ بحنان قلوبهنّ بكل تناقضاتهم وتمردهم، بمساعدة آباء لم يستطيعوا العيش فرادى فطرقوا أبواب زوجات جدد كنَّ لأبنائهم كأخوات كبريات تستشيرهنّ الأمهات الصغار في بعض الأمور التي تصعب عليهنّ فيجيبونهنّ. | |
|
الطير المسافر المشرفة العامة
المزاج : عدد المساهمات : 10067 نقاط : 13123 تاريخ التسجيل : 17/11/2009 مكان الإقامة : قلوب المحبيين المزاج : فايقة ورايقة
| موضوع: رد: زهرات فلسطين .. فتيات غدون أمهات السبت فبراير 13, 2010 10:22 pm | |
| | |
|
lolo عضو متميز
المزاج : عدد المساهمات : 945 نقاط : 1113 تاريخ الميلاد : 01/01/1989 العمر : 35 تاريخ التسجيل : 03/01/2010 مكان الإقامة : Riyadh
| موضوع: رد: زهرات فلسطين .. فتيات غدون أمهات الجمعة فبراير 26, 2010 8:53 pm | |
| | |
|