زوجة الرئيس التركي ورحلتها مع الحجاب

منذ غربت شمس الدولة العثمانية عام 1924م آخر امبراطوريات الحضارة الإسلامية، وآخر دولها التي استمرت لأكثر من سبعمائة عام، والجهود المضنية تبذل لسحق الروح الإسلامية في هذه الدولة التي هتفت أوروبا مشيدا بعدلها ذات يوم حين قال سكان البلقان "عمامة السلطان محمد الفاتح ولا تاج البابا المثلث".

وكانت أكثر الجهود التي بذلها خصوم دولة بني عثمان التي حوربت على أكثر من محور هو الحرب على هوية المرأة المسلمة وتغييبها تماما، ونتيجة لتزامن تطور الآلة الإعلامية الضخمة؛ نجح الخصوم جزئيا في تصوير الأتراك أو التركيات بالأحرى بعيدات عن التدين الصحيح غير راغبات في مظاهر الإسلام المتمثلة في الحجاب، لكن الأحداث تكشف يوما بعد يوم أن الروح الإسلامية الصافية باقية في الوجدان التركي رجالا ونساء.

وفي عام 2007 حين تولى عبدالله جول الرئاسة أصبحت سيدة القصر محجبة بعد أن حرم القصر الرئاسي من النساء المحجبات منذ العهد الكمالي إبان سقوط الخلافة الإسلامية.

وقد كتبت الصحف الإسلامية وقتها واحتف بالسيدة الأولى وحجابها التي أظهرت اعتزازها به، وأعلنت عن رغبتها في الدراسة الجامعة دون أن يعارض أحد حجابها.

حين كان عمر خير النساء 15 عاما تركت دراستها الثانوية بسبب منعها من ارتداء الحجاب، وتزوجت من عبد الله غول الذي كان عمره 32 عاما وأثمر زواجهما ثلاثة أبناء.

ومرّة ثانية، لم تستسلم، وظلّ حلم العودة إلى مقاعد الدراسة موجوداً بقوة في وجدانها. وبعد أكثر من 17 عاماً على هذه الحادثة، أعادت المحاولة مجدّداً. وفي عهد رئاسة نجم الدين أربكان (رمز الحركة الإسلامية في تركيا) للحكومة، رافق عبد الله جول زوجته المحجّبة إلى المدرسة لتقدّم امتحانتها وتجتازها أخيراً بنجاح. وبعدها، رغبت بتسجيل اسمها في صفوف الجامعة لتتعلّم اللغة والأدب العربيّين، وهي سبق لها أن تعلّمت البعض من هذه اللغة في مدينة جدّة السعودية، حيث مكثت أعواماً إلى جانب زوجها الذي عمل لحساب "المصرف الإسلامي للتنمية".

لكن فور العودة إلى تركيا، تزامن موعد بدء العام الدراسي الجامعي مع تاريخ 28 من شباط 1997، حين أجبر مجلس الأمن القومي حكومة أربكان على الاستقالة، في ما بات يُعرَف باسم "الانقلاب الناعم". ولا يزال كثُر يذكرون الصور التي التقطها الصحافيون لدى حضورها إلى جانب زوجها النائب والوزير حينها، إلى الكلية في أنقرة لتقديم طلب التسجيل في صفوفها، حيث رُفض الطلب مرّة أخرى.
ويعرف عنها بأنها سيدة ودودة، تحب وتتجنب الأضواء إلا أن حجابها جعلها في محط الضوء حين هاجمها العلمانيون بسبب حجابها، وحين دافع عنها مناصرو الحجاب، وكانت قدوة حسنة لنساء تركيا، وقدمت من نفسها الصورة الصحيحة للمراة المسلمة بالعمل لا بالقول.

ويعتبر حجاب السيدة الأولى من القضايا الرئيسية التي أثارها المعارضون في وجه جول أثناء ترشحه رئيسا للبلاد، والذي آثار أزمة سياسية حادة مطلع وقتها بين الحكومة ذات الجذور الإسلامية والجيش العلماني.
حيث كانت الدولة تفرض حظرا على ارتداء الحجاب في المكاتب الحكومية والجامعات التركية ـ وما زالت بالرغم من الجهود الكبيرة لخلخلة هذا الوضع ـ وهذا ما جعل من الصعب على العلمانيين تقبل مسألة دخول خير النساء القصر الرئاسي الذي يعتبر البيت الذي يرمز لمصطفى كمال اتاتورك مؤسس العلمانية في البلاد والذي يتمتع بمنزلة خاصة في تركيا.
وبحكم كونها زوجة الرئيس فقد زارت العديد من دول العالم وتقول: "إن حجابها لم يتسبب لها بأي مشكلة في أي بلد سوى بلدها تركيا!!
وتؤكد أنها ترفض القيود المفروضة على النساء في بعض الدول الإسلامية، والتي تحد من تدينها وممارسة حريتها الدينية.
ولكنها تبقى من الشخصيات المكروهة لدى العلمانيين المتشددين؛ لأنها تدافع مدافعة قوية عن الحجاب الذي يزعمون أنه يمثل تراجعا عن الاصلاحات الهائلة التي طبقها أتاتورك لتحرير المرأة، والتي أثبتت الأيام فشلها بالتأكيد، فلا المرأة تحررت ولا تقدمت! ولا أدل على ذلك من تلك الأشواق لعودة الفتيات التركيات للحجاب، والمطالب القوية بالسماح لهن بارتداءه في الجامعات والمدارس، ولوكانت دعوات حرية المرأة صادقة لما حالوا بينها وبين ما تريد!

مشكور ابن قطنا على الموضوع الرائع

الله بجزاك الخير

» الريف التركي - صور
» نور الحجاب ..
» الحجاب
» ونطق الحجاب
» هذي صورتي قبل وبعد الحجاب,,,,,,,,,,,