يا بني .. إذا دخلت الجنَّة فارتح
" ذو الهمة إن حُطَّ، فنفسه تأبى إلا عُلُوّاً، كالشعلة ِ من النار يُصَوِّبُها صاحبها، وتأبى إلا ارتفاعا "
حيـن تبـدأ الطيـور بالتحليـق,لا شـك أنها ستسقـط لأنها خائفـة,من تجـربة جـديدة..
إلا أنهـا تنهـض لتحـلق وتصـادق قمم الجبـال الشـامخـة,لتصـادق بهمـتها العاليـة القمم المرتفعـة فيرفـرف الشمـوخ..
كلنـا نعمـل أعمـالاً كثيرة..
ولكـن هل كانت همتنـا فيهـا عاليـة ..
أم أننا أدينـاها علـى أنها عمـل "مجـرد" عمـل؟
قـد يكـلل مجهـود كلا العمـلين بالنجـاح..
إلا أن النجـاح الحقيقي هـو حليف ذي الهمـة العاليـة..
فهـي المـطر الذي يـروي ورود الإخـلاص وطلـب الـزاد من العمل الصـالح للـدارين...
أتـرضى أن تكـون رفيـق قـوم لهـم زاد وأنت بغيـر زاد؟!..
ولـم يغفـل الإسـلام جانب الهمـة:-
قال صلى الله عليه وسلم:
" من همَّ بحسنة، فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة " رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم:
" من سأل الله الشهادة بصدقٍ، بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه "
رواه مسلم وغيره
عـالي الهمـة الصادقة كالنخـلة,تعطـي جـزيل العطـاء,وتقـذف بالحصـى
إلا أنهـا ثابتـة شـامخـة
لأنها لا تنتظـر الجـزاء منهـم,وتـرنو إلى العـلا..حتـى الطيـور الجـريحة تحـاول دوماً أن تـرتفـع بجنـاحها الضعيـف إلى الأعـلى
وأن تنشـر جناحيهـا في السمـاء وإن تسـاقط دمهـا..
إن عـالي الهمـة يمشـي في دروب النجـاح المـزهـرة..
فهـو لا يأبـه لأشـواك المكـاره والمصـاعب..
ويـرى دائمـاً أن الخيـر هو ما اختـاره الله له ..
فـرضي بقضـاءه
ولـم يستنفـد طاقته في التكـدر
وعـلم أنه لا معطـي لما منع الله ,ولا مانـع لمـا أعطـى الله..
فقـد حقق معنـى "( فإذا عزمت فتوكل على الله )"
وهـو دائمـاً فـارس ينطلـق بإقـدام..في سـاحات المصـاعب
لا تثنيه عـن عزمـه بل يراها كقطرات النـدى إن تساقطت على الورد زادها جمالاً..
ومـن أهـم أسبـاب علـو الهمـة في الطاعـات
أن يتـذكر المـرء مـا أعـد له من الجـزاء إن أحسـن عملـه وما أعـد له إن أسـاء عمله
فبين خـوف ورجـاء يتحـرك في ثبات
وكذلك من أهم الأسبـاب الاجتهـاد في العمـل ومحـاولة النجـاح فيه
وان يحتسـب أجـره عنـد الله..
إذا كان هنـاك شخص يبنـي منزلاً فشعـر بالتعـب,وفكر في ترك عمله,لكنه عـدل..لماذا؟
لأنه تـذكر صورة المنزل المريح الذي يرنو إليه
فكم سيكون مريحاً تحيط به حديقة غناء
وتطل نوافذه على أجمل المناظر
كما انه سيرتاح يوماً ما من عناء البنـاء.
فلم لا يكمل عمله؟
لقد أكمل عمله بكل نشاط وجدية وصورة المنزل لا تكاد تفارق خياله,إلى أن حصل عليه.
كذلك المؤمن فإنه يتعب في الدنيا ليرتاح في الآخرة
روي أن عبدالله بن أحمد بن حنبل سأل أباه :-
يا أبتِ,متى ترتاح
فقال –رحمه الله- :-
أرتاح إذا وضعت أول قدم في الجنـة
وتحضرني قصة ذاك الطالب الذي كانت أمه توقظه لقيام الليل,فكان يطلب إليها أن تتركه يرتاح
فقالت له:-
يا بني إذا دخلت الجنـة,فارتح.
وكذلك من أهم أسبـاب بلوغ همتك السحـاب قصـر الأمل
فإن اقتنعت أن الوقـت قصيـر والـدرب طويل
لهبيت من فورك تعد الزاد لملاقاة رب العبـاد.لتفـوز برضـوانه.
واجعـل الإخـلاص خير رفيق لهمتك العاليـة
فإنه يصقلها ويزيـدها,ويزكيها ..