طبعا هذا الموضوع منقول عن الاستشاريه باعلم الجلطات
هنادي
لا تكاد تمر دقيقة واحدة ، إلا ويصاب في أمريكا ثلاثة أشخاص بجلطة في القلب وواحد من هؤلاء يلقى حتفه قبل أن يصل إلى المستشفى لتناول العلاج .. وتودي جلطة القلب بحياة نصف مليون أمريكي سنويا ، كما تودي بحياة 150 ألف إنجليزي في العام الواحد !! وللأسف الشديد ، نجد تزايدا مريعا في حدوث هذا المرض في بلادنا العربية .
ما هي جلطة القلب Myocardial Infarction :
تنجم جلطة القلب ( احتشاء العضلة القلبية ) عن انسداد في أحد شرايين القلب التاجية . ويؤدي ذلك الانسداد إلى تموت جزء من عضلة القلب كان يروى بذلك الشريان ويشكو المريض حينئذ من ألم شديد جدا في الصدر يصاحبه تعرق وغثيان .
أما الذبحة الصدرية Pectoris Angina فهي ألم في منتصف الصدر يحدث عند الجهد ويزول عادة بالتوقف عن الجهد، وتنجم عن تضيق ( وليس انسداد ) الشرايين التاجية . ما هي العوامل المهيئة للإصابة بمرض شرايين القلب ؟
تقسم عوامل الخطر التي تهيئ للإصابة بهذا المرض إلى عوامل لا يمكن التحكم فيها : كالعمر والجنس والوراثة .
وعوامل يمكن التحكم فيها والسيطرة عليها كالتدخين وارتفاع كولسترول الدم ، وارتفاع ضغط الدم ومرض السكر والسمنة ، وعدم القيام بالرياضة البدنية والضغوط النفسية . وتكمن الوقاية من هذا المرض بالتحكم بعوامل الخطر الأخيرة والسيطرة عليها أو تجنبها .
كيف تقي تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم من جلطة القلب :
ارتفاع كولسترول الدم والبدانة : ينجم ارتفاع الكولسترول غالبا عند الإفراط في تناول الدهون الحيوانية من لحوم وقشدة وزبدة وجبنة وسمن وغيرها ، وقد يكون هناك استعداد عائلي لهذا الارتفاع .
وليس هناك أدنى شك في أنه كلما ارتفع كولسترول الدم زاد احتمال الإصابة بمرض شرايين القلب .
أما البدانة فتؤهب لحدوث مرض السكري وارتفاع ضغط الدم كما أنها تؤهب لحدوث مرض شرايين القلب وخصوصا عند الرجال في أواسط العمر ، ونحن نعلم جيد أن البدانة تنجم غالبا عند الإفراط في الطعام وقلة الحركة . ويوصي خبراء التغذية الآن بتناول غذاء فقير بالدهون المشبعة والكولسترول وبالمحافظ على الوزن المثالي للجسم .
فكيف تستطيع ذلك ؟ لقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاعتدال في الطعام وتجنب التخمة وعدم الإفراط في تناول ما لذ وطاب من طعام . فعن ابن عمر رضي الله عنه قال :
تجشأ رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كف عنا جشاءك فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة " رواه الترمذي وابن ماجة
وروى عن عائشة رضي الله عنها قالت : أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبع فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم وضعفت قلوبهم وجمحت شهواتهم " رواه البخاري .
والله لكأن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – بيننا الآن ترى ما حدث في هذه الأمة ، فلقد شبعت البطون من الطعام ، وسمنت الأبدان ، وضعفت القلوب .. وجمحت الشهوات !!
وثالثة الأثافي أن أصابنا هذا الترف في وقت يموت فيه أناس مسلمون من الجوع في بقاع شتى من العالم الإسلامي !!
ولقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نأكل كل ما تشتهيه الأنفس ، فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من الإسراف أن تأكل ما اشتهيت " رواه ابن ماجة >
وإذا كنا بحق نريد اجتناب السمنة وما فيها من مشاكل على القلب والرئتين والمرارة ومرض السكر وغيرها كثير فما علينا إلا أن نتذكر ونطبق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عند كل طعام : " ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه " رواه الترمذي .
ولقد جمع الله تعالى علم الصحة والغذاء في آية من ثلاثة كلمات فمن وعاها كانت له السعادة في الدنيا والآخرة ، ومن هجرها شقي في الدنيا وكان في الآخرة من الخاسرين . قال تعالى : " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا " صدق الله العظيم . وتوصي المنظمات الصحية الأمريكية بأن يشكل زيت الزيتون ما لا يقل عن ثلث الدهون المتناولة يوميا ، فقد أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة فائدة زيت الزيتون في خفض كولسترول الدم كما أن الدراسات قد أظهرت أن بدان حوض البحر المتوسط هي من أقل البلدان إصابة بمرض شرايين القلب بسبب كثرة تناول سكانها من زيت الزيتون .
هذا الزيت الذي أوصانا رسول الله عليه السلام بتناوله حيث قال : " كلوا الزيت وادهنوا به ،فإنه من شجرة مباركة " .
وهي الشجرة التي ذكرها الله تعالى في قرآنه حيث يقول : ( يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية )
ويوصي خبراء التغذية وأطباء القلب في العالم بتناول وجبتين من السمك في الأسبوع على الأقل ، والرسول عليه السلام قد لفت النظر إلى نعمة السمك فقال : " أول طعام أهل الجنة زيادة كبد الحوت " . والسمك والحوت سيان .. فزيت السمك الذي ينصح به الأطباء كعلاج لارتفاع الغليسريدات الثلاثية Triglyceries ( وهي إحدى دهون الدم ) يستخلص من كبد الحوت نفسه !! وتناول السمك لا يفيد في الوقاية من مرض شرايين القلب وارتفاع دهون الدم فحسب بل إن له فوائد أخرى في علاج صداع الشقيقة ومرض المفاصل نظير الرئوي وغيرها كثير .
الرياضة البدنية :
أكدت مقالة نشرب في مجلة B.M.T الشهيرة أنه للوقاية من مرض شرايين القلب والجلطة القلبية يجب على الإنسان أن يمارس نوعا من أنواع الرياضة البدنية كالمشي السريع ، أو الجري أو السباحة لمدة 20 – 30 دقيقة مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع على الأقل .
ولهؤلاء نقول : لقد حثنا رسول الله عليه السلام على المشي إلى المساجد مرتين أو ثلاث في الأسبوع بل خمس مرات في اليوم الواحد وقد يكون المسجد على بعد عشر دقائق أو يزيد .
أليس في هذا رياضة للبدن .. ووقاية للقلب ؟ ولقد أكد رسول الله عليه السلام على أن أعظم الناس أجرا في صلاة المسجد أبعدهم إليها مشيا .. فقد روى البخاري ومسلم في صحيحها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم والذي ينتظر الصلاة يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام " .
وقد روى مسلم والترمذي وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط " .
ويؤكد الأطباء على ضرورة أن يكون المشي سريعا وقويا لا متواصلا ومتهاديا . أليست هذه هي مشية المسلم الحقيقي الذي يقتدي برسول الله عليه السلام في كل أعماله ؟
كيف كانت مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ يقول ابن القيم رحمه الله تعالى : كان رسول الله عليه السلام إذا مشى تكفأ تكفؤا وكان أسرع الناس مشيا وأحسنها وأسكنها .
وكان أبو هريرة رضي الله عنه : ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى له ، وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث . وإذا كان العالم السويدي " لينغ " قد نشر ما يسمى بالرياضة السويدية في أوائل القرن التاسع عشر فإن الإسلام قد سبقه في نشرها وتطبيقها بأكثر من اثني عشر قرنا حيث أدرجها في صلب أكثر فرائضه تكرار ألا وهي الصلاة .
الامتناع عن التدخين :
أجمعت الدراسات العلمية قاطبة على أن خطر مرض شرايين القلب عند المدخنين يبلغ ثلاثة أضعاف ما هو عليه عند غير المدخنين ولا يخفى على أحد ما في التدخين من أضرار على القلب والرئتين وغيرها من أعضاء الجسم ولا شك في أن التدخين وهو أحد أهم ثلاثة عوامل تؤهب للإصابة بجلطة القلب .
وقد أقر العديد من الفقهاء بتحريم التدخين عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " . والمسلم الحق لا يدخن ويأبى أن تهدر الملايين من الدولارات سنويا من أموال المسلمين على ما يؤذيهم ولا ينفعهم .
معالجة ارتفاع ضغط الدم ومرض السكر :
من المؤكد أن السيطرة على ارتفاع ضغط الدم ومعالجة مرض السكر تساهم في الوقاية من مرض شرايين القلب . ولقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوي حيث قال : " تداووا عباد الله ، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء ، غير داء واحد : الهرم " .
مواجهة الضغوط النفسية :
أكدت الدراسات العلمية أن التعرض للضغوط النفسية والكروب أو الانفعالات الشديدة يمكن أن يثير نوبة ذبحة صدرية ، وهناك دلائل علمية حديثة تشير إلى أن الذين يغضبون بشدة هم أكثر عرضة للإصابة بمرض شرايين القلب . وكلنا نعلم حديث رسول الله عليه السلام المشهور ، وهو يوصي رجلا جاء يسأله .. يا رسول الله أوصني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تغضب " . " إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع " .
وقد علمنا الإسلام الصبر على الشدائد والمصائب . فقد ابتلى الله تعالى الأنبياء بالأحزان والمصائب ، فألقي إبراهيم في الناس لولا أن تداركته رحمة ربه ، وأوذي يوسف من إخوته وبيع بثمن بخس ، وابتلي أيوب عليه السلام بالأمراض ، وقوبل النبي صلى الله عليه وسلم بالتكذيب والابتلاء ، وحاول المشركون قتله ، وصبر في كل الأمور . وكيف لا يطمئن المؤمن إلى قضاء الله والرسول عليه السلام يقول :
" عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر ، فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " .
فكيف لا يسلم المؤمن أمره لخالق الأرض والسماء !!
الحمد لله على الصحه والعافيه
[img][/img]