تصاميم :
بِسْمِ الْلَّهِ الْعَلِيُّ الْعَلِيْمُ
من على طريقِ السفرِ متجهاً إلى عنيزةٍ غادرتُ المنطقةَ الشرقيةَ مستقبلًا الرياض لأحضرَ زواجَ أحدِ الأصحابِ
انطلقتُ بعدَ أحدِ المعاملِ الدراسيةِ بعد موقفٍ غريبٍ -بعض الشيء- حيث أنَّ أحد الزملاء بدأ بالتهكُّم والسخريةِ
من ذكاءِ زميلٍ لنا آخر بأنه ضعيفٌ دراسياً لولا ملكة الحفظ التي حباها الله إياه وأنه لولاها لما استطاع أن يمضِّيَ
يوماً آخر في مثل هذه الجامعةِ !
استوقفني هذا الموقف ولم أعلق عليه وافترقنا وما زال كلام صويحبي يدور في بالي … كيف استطاع أن يحدد
معيار الذكاء لصاحبنا ذي الذاكرةِ الحديديةِ وأنهُ لولاها لما كان من ذوي الدرجاتِ العلى ؟
كثيراً ما نسمع مثل تيكَ العبارةِ تتردد على ألسنة الناس ، عن أناس نعيش معهم ، ندرس معهم ، نسمع أن زيداً من الناس
ليس بالذكي إنما هو آلة حفظ جوفاء وبدون الحفظ لما كان كعمرو المجتهد الفطن.
أو أن خالداً -ما شاء الله– لا يدرس ولا يجتهد ويحصل على علامات كاملةٍ ليس كعليِّ الذي يقضي أيامهُ عاكفاً
على كتبه ومذكراته يقرضها قرضاً ولا يدع أستاذاً إلا سأله ومع هذا بالكاد يحصل على ما يحصل عليه خالد.
أو كمحمد الذي أتقن اللغة الانجليزية وهو الذي لم يغادر بلدته ولم يعاشر أصحاب اللغة ومع هذا يتفوق على السعيد الذي قضى
سني عمره ما بين أهل اللغة يحدثهم صباح مساء ومع هذا كله نجد أن مستواه لا يزيد عن مستوى محمد.
ما هو سبب الاختلاف في الأمثلة السابقة ؟
بلا شك هو الذكاء وهو أنواع تزيد وتنقص لدى البعض وقليل منهم حازها كلها ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) الجمعة -٤-.
فمن أنواع الذكاء :-
- الذكاء الإجتماعي.
- الذكاء العاطفي.
- الذكاء اللغوي.
- ملكة الحفظ.
وغيرها ……
يختلف الناس فيما بينهم بقدر ما يهبهم الله من الذكاء من تلكم الأنواع.
حقيقة لا أعلم حتى هذه اللحظة كيف قام صويحبي بذلك الإستنتاج العجيب في طريقته والبغيض في اسلوبه! قد يسأل البعض كيف ذلك ؟
فأقول: أني قد لمست من هذا الشخص في تلك العبارة ازدراءاً لزميلنا وتعاليا ليس بالهين ؛ لا أنكر أن صويحبي هذا فطن وذكي ولماح لكن
هذا لا يبرر تلكم النظرة أوليس كذلك ؟
لا أعلم يقينا لم أصادف كثيراً ممن وهبهم الله ذكاءاً وفطنه أرى فيهم نظرة ازدراءٍ لم هم أقل حظاً من الذكاء ؟!
ولكن في نهاية المطاف وقد اقتربت مركبتي من الرياض تبادر إلى ذهني مقولة باللغة الإنجليزية
- والعذر منكم يا سادة على استخدام الإنجليزية في حضرة العربية ولكن كما يقول الأول: لكن الضرورة دعتني ولولا الضرورة لم آته وعند الضرورات آتي الكنيف -
يقول المثل :
I’ll Try To Be Nicer if you try to be smarter
وترجمته : ” سأحاول أن أكون ألطف إذا حاولت أن تكون أذكى “
وهو من أعجب ما قرأت عيني وسمعت أذني ؛ وفي ذي العبارة من التعالي والكبر مالله به عليم ومن خرجت منه ملئ فمه قاصداً بكلِّ ما تحملهُ من معنى
لرجل لم يؤتيه الله حظاً كحظِّه من الذكاء ؛ فلا أدري ماذا أقول سوى هل من الممكن أن يصبح الشخص غبياً وذكياً في آن واحد ؟
فيا أيها الذكي الغبي قل لي بربك كيف تفخر وتتكبر بشيء لا يد لك فيه ولا فضل ولا منّه ؟
وكيف تحتقر أقواماً ليس لهم من الأمر من شيء في ما نالوا ؟
حتى الآن لم أجد جوابا…………
ووصلت بسلامة الله للرياض…