إلا كل عاشق صغير ...

رسالةٌ إلى كلِّ ......عاشق ٍ صغيرٍ

أيها المراهق...عفواً العاشق الصغير

حياكم الله وسلامه عليكم ورحمته وبركاته

أتحسسُ شكواكَ الغير معلنة تحمل فى طياتها كل صنوف التردد, وبين ثناياها شتى أنواع القلق, أراك تقبلُ على الحياة أحياناً فتحبُّ كل ما فيها, وتارة تدبرُ وكأنك تخاصمُ كل أهليها, وتخفى فى نفسك ما الله مبديه, والصبُّ يا صغيرى تفضحه عيونه, لماذا كل هذا أيها القيس الصغير؟ على رسلك ودعنا نناقش الأمر فى رويةٍ واطمئنان, وليكن ما يكون لنصل إلى نقاطٍ ثابتة ومبدأ نلتزم به.

أيها المحب الابن الصغير..لا أخفى عليك أن هواجسك أدخلت على نفسى أكثرمن إحساسٍ, أو على الأصح مزيج من السعادة والخوف, ولنكن أكثر صراحةٍهل يا سيدى فى دنيانا سعادة دون خوفٍ؟ كلا لأن الإنسان فى هذه الدنيا وفى لحظات سعادته هناك هاجس خفى ٌّ داخله وربما لا يشعر به, وهو الخوف من أن يترك هو مصدر سعادته, أو تتركه سعادته وتزول عنه, وأعتقد أن هذه الأفة لا تختفى إلا فى عالم النعيم الأخروى.

...سعيدٌ بأنك تخوض أول تجربة حب فى حياتك فى هذا السن المبكرة, وإن كان لها سلبياتها القاتلة فى أغلب الأحايين, وخشيت من الأحساس الانهزامى داخلك على كافة الأصعدة, والذى شعرت به من خلال علامات القلق والاستفهام التى ترتسم على محياك يا صغيرى, فلا أزكى نفسى وأنا العالم بهذه القضايا جيداً.

ففى مثل مجتمعاتنا أو عالمنا التسعين وليس الثالث كما يدعون, ومن خلال جلساء المصاطب ومتسكعى النواصى والأزقة يحارب المحب ُّ أناساً ليس لهم دخل فى معركته أو تجربته الخاصة.

ولكن هون عليك وأمسك بزمام أمرك وحكِّم عقلك وقلبك ولكن بحكمةٍ. آسفٌ لأنى أسترسلُ كثيراً ولكن هذا الموضوع بالذات يثيرُ لدى شجونأ, وأخشى أن يترك لديك آثاراً قد لا تمحوها السنون, ولنناقش الموضوع...

حقيقة ً...قدينصح الإنسان كل الناسِ ِ, ويفتى فى كافة ِالقضايا, ويُنَصِّبُّ نفسه للناس إماماً, ولكن حين تكون النصيحة لأهله, أو القضية تمسُّ أقاربه, أو من يهمه أمرهم....فلابد أن هذه القضايا والأراء تحتاج منه بعداً خاصاً, وروية وحكمة قد لا يؤتاها الجميع . ومشكلتى الأن من أى منطلق وكيف أناقش قضيتك؟ فقد سألتنى الرأى والمشورة وأحكمت العقدة, فقلت أنك لا تستطيع أن تتخلى عن فتاتك وتترك هذا الحب الجميل.

أيها العاشق...إذا سألتك من أنت؟ فبماذا تكون إجابتك فى لحظة صدق ٍبينك وبين نفسك؟ وفى صفاء ليل ٍوحدك. بالله عليك من أنت؟ ولماذا تحيا؟ وأى مبادئ تريد ترسيخها فى ذاتك؟

أقول لك يا صديقى....لست َ أول من أحبَّ, ولا أخر من أحبته أنثى, وإن دمرك حبك فلن تكون أول من دمره حبُّه, وإن بناك وأعلى شأنك فلن تكون الأول والأخير, فقبلك ملايين العشاق وألاف الصرعى ومئات من الذين بنوا بالحب بيتاً لن يهدمَ, ولن تتوقف عجلة الحياة وتترصدك أقلام التاريخ لتؤرخَ وتنسجَ أعظم القصص وأنبلها, فهناك الكثير والكثيرولا تفهم كلامى وتفسره بغير ما أقصد ولكنى وحتى الأن أتكلم بشكل عام.

وكل الذى أريده منك أن أشعر أنك ومحبوبتك أكبر من التجربة, وليس العكس, بمعنى أن تحتوى تجربتك وتقلل من آثارها السلبية بقدرما تستطيع, ولن يرحمك أحدٌ ولا هى إذا شعر الآخرون أنكما عاجزان, وأن موضوعكما أكبر من سنكما. افرضا ذاتكما على الجميع بالأدب والقوة والأمانة, وانجحا سوياً ولا تثيرا القلاقل, ولا تفعلوا مشكلة, واستعينوا على قضاء حوائكم بالكتمان, وفى النهاية سيصفق لكما الجميع إذا نجحتما, وسيديرون رؤسهم الى قصة أخرى يتوقعون لها الفشل.

هذه طبائع مجتمعاتنا يا صديقى مجتمعات تعانى الفقر وفقر الفكر وفكر الفقرفالفقر يورث الكسل والكسل يُورثُ الحقد والحقد يقف فى طريق كل تجربة ناجحة. فإذا وقف الجميع عقبة فى طريقك فاعلم أنك على شبه صواب, وإذا انحاز البعض إلى جانبك بعد فترة فاعلم أنك فى طريقك للصواب, وإذا انعكس الموقف وكثر أتباعك ومؤيدوك فثق أنك على حقٍّ. وقس على ذلك كل تجارب الصالحين وأصحاب الدعوات الخالصة للحقِّ, وكل من ترك أثراً خالداً فى التاريخ.

اعلم يا سيدى أن ما قلته إلى الأن كلاما عاماً خذ ما شئتَ منه واتركه جميعاً إن أحببت, والأن ما أريد قوله:

- أن الإنسان إذا أحبَّ لابد أن يحافظ على محبوبته, ويرى مصلحتها من مصلحته.

- أنك إنسان لك سمعةٌ وهى أيضاً, فلابد أن تكون حريصاً على سمعتها أكثرلأنها فتاة.

- ما لا ترضاه لأختك بأى حالٍ من الأحوال لا تقبله على أولاد الناس وبخاصة من تحب.

- إن كنت تهوى فتاتك فلابد أن تنجح وهى كذلك, حتى لا تدعا مجالاً للألسنة لتلوك فى سيرتكما.

- الحب يا عزيزى ما يبنى ويدوم...وليس الأوهام والخيالات التى تدمر فتترك أنقاضَ رجال ٍ

وأشباه نساءٍ.

- من حكَّم فى حياته الهوى ذلَّ وهوى ومن كان الشرعُ قائده من الكوثرِ روى.

- تحلى بآداب النخوةِ والشهامة والشرف حتى وإن خسرت وظننت أن من يخالفوك قد ربحوا فإن ربحهم يا سيدى هو الخسان المبين

- إياك ثم إياك أن تأتى ما يُخجلكَ ويشينك وليكن سرك وعلانيتك سواء

هذه قضيتك أنت وهى وعلى قدروعيكما ستدوم أو تنتهى.

اجلسا معاًوليكشف كل منكما أوراقه للآخر, وحددا أين المصلحة المشتركة, وأعتقد أن الهيام والشوق والغرام والنار المتأججة فى البدايةتكفى وتزيد, فلابد أن يأخذ الموضوع منعطفاً أخرلأن الفترة القادمة هى التى ستحدد نجاحه فيما بعد, وأى مشكلة فى الدراسة لك أولها ستقف حجرعثرة فى إتمام موضوعك, فلا لقاءات ولا اتصالات إلا فى أضيق الحدود ولابد من نضج فى التفكير.

إلى كل قيسىٍّ صغير: لا أعرف ليلتك أو لُبنتك أو عبلتكَ, ولتكن أى فتاة اخترتها أنت, ومقتنع بها, فهذا أدنى حقوقك فى الحياة, بشرط ألا تهمل حقوق الآخرين, لأنك إنسان تحيا فى مجتمع أكثر عاداته جاهلية, وأقل عاداته الصحيحة, وحتى الصحيح منها لا نلتزم به إلا إذا كانت مصلحتنا معه, وإلا أدرنا لها ظهورنا.

المحب الصغير.....كلامى قد يكون أقرب للإنشاء منه للرأى والمشورة, ولكنى أفهم جيداً فكر الإنسان الذى يحب, لا يترك محبوبه إلا إذا كان مضطراً لذلك, وأُغْلِّقتْ كل الأبواب فى وجهه.

هذه مشاعروحِدَّةُ الشباب يا صديقى لأن المحبَّ يشعربذاته من منطق من يهوى وأهميته, وأتحداك إن رأيت حبيباً ترك حبيبته لأى سبب من الأسباب بشرط أن يكون صادق فى حبه, وإن تركها قالباً فلن يتركها قلباً.

أكرر عليك....المقدمات الطبيعية تؤدى إلى نتائج طبيعية. فليحدد كل منكما هدفه وطريقه ويرسم صورة واضحة فى غياب المشاعر, وليكن بمنطق العقل, وما سيفرضه العقل لابد وأن تسلما به سواء كان الاستمرار, أو أن يترك كل منكما خليله, وأعتقد بمرور دراستكما على خير وبتفوق ٍودون مشاكل يمكن أن يكون هناك رأى آخر لمن حولكم, وهذه الفترة هى الحد الأدنى لكما لكى يبدأ بينكما الحواربشكل صحيح وتستطيع أن تقول :أنا فلان وتصبح لك ماهية.

اما الأن فيجب أن يكون الموضوع فى أقل حيزممكن, أما بالنسبة لى لابد أن تكون إنسانا ناجحا, وتحرص على بنات الناس وسمعتهم,وألا يكون حبك عقيماً....فالحبُّ العقيم:

- تتجلى فيه همومه وتنعدمُ لذته.
- يرفضُ الحلَّ الذى لاتُحَلُّ المسألةُ إلا به.

فلا تجزعنَّ فلستَ أولَ مُغرمٍ.......فتكتْ به الوجناتُ والأحداقُ

واصبر على هجرِ الحبيب فربما.... عاد الوصالُ وللهوى أخلاقُ

.....فحافظ على الصلاة.....وورد القرآن....لا تجعل حبك يحتويك بل احتويه أنت, واجعله يدور فى فلكك أنت, ولا تكون أنت التابع. أعطِ نفسك ثقة وإحساس أنك أكبر منه.

ليس هذا الموضوع تحديدأ ولكن كل موضوعات الدنيا لا تجعلها مركزك, ولتكن دائرتك ومركزك وأقطارك وأوتارك القضايا السامية التى تمس العقيدة والإيمان والآخرة.

واستمد ثقتك من الله فقط ...فهو خير معين.

ونعم بالله

يوسف

طرح مميز

الله يعطيك العافية