مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني بمَنْزِلَةِ الرّبيـعِ مـنَ الزّمَـانِ
|
وَلَكِـنّ الفَتـى العَرَبـيّ فِيهَـا غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَـدِ وَاللّسَـانِ
|
مَلاعِبُ جِنّةٍ لَـوْ سَـارَ فِيهَـا سُلَيْمَـانٌ لَسَـارَ بتَرْجُـمَـانِ
|
طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيـلَ حتـى خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِـرَانِ
|
غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَـانُ فيهَـا على أعْرافِهَـا مِثْـلَ الجُمَـانِ
|
فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الحَرّ عنـي وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَانـي
|
وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابـي دَنَانِيـراً تَفِـرّ مِـنَ البَـنَـانِ
|
لهَا ثَمَـرٌ تُشِيـرُ إلَيْـكَ مِنْـهُ بأشْرِبَـةٍ وَقَـفْـنَ بِــلا أوَانِ
|
وَأمْوَاهٌ تَصِـلّ بهَـا حَصَاهَـا صَليلَ الحَلْيِ في أيدي الغَوَانـي
|
وَلَوْ كانَتْ دِمَشْقَ ثَنى عِنَانـي لَبِيقُ الثّـرْدِ صِينـيُّ الجِفَـانِ
|
يَلَنْجُوجيُّ مـا رُفِعَـتْ لضَيْـفٍ بـهِ النّيـرانُ نَـدّيُّ الدّخَـانِ
|
تَحِلُّ بـهِ عَلـى قَلْـبٍ شُجـاعٍ وَتَرْحَلُ منهُ عَن قَلـبٍ جَبَـانِ
|
مَنَازِلُ لمْ يَـزَلْ منْهَـا خَيَـالٌ يُشَيّعُنـي إلـى النَّوْبَنْـذَجَـانِ
|
إذا غَنّى الحَمَامُ الـوُرْقُ فيهَـا أجَابَـتْـهُ أغَـانـيُّ القِـيـانِ
|
وَمَنْ بالشِّعْبِ أحْوَجُ مِنْ حَمـامٍ إذا غَنّى وَنَـاحَ إلـى البَيَـانِ
|
وَقَدْ يَتَقَـارَبُ الوَصْفـانِ جِـدّاً وَمَوْصُوفَاهُـمَـا مُتَبَـاعِـدانِ
|
يَقُولُ بشِعْبِ بَـوّانٍ حِصَانـي: أعَنْ هَذا يُسَـارُ إلـى الطّعَـانِ
|
أبُوكُـمْ آدَمٌ سَـنّ المَعَـاصِـي وَعَلّمَكُـمْ مُفَارَقَـةَ الجِـنَـانِ
|
فَقُلتُ: إذا رَأيْـتُ أبَـا شُجـاعٍ سَلَوْتُ عَنِ العِبادِ وَذا المَكـانِ
|
فَإنّ النّـاسَ وَالدّنْيَـا طَرِيـقٌ إلى مَنْ مَا لَهُ في النّاسِ ثَـانِ
|
لَقد عَلّمتُ نَفسِي القَـوْلَ فيهِـمْ كَتَعْليـمِ الطّـرَادِ بِـلا سِنَـانِ
|
بعَضْدِ الدّوْلَةِ امتَنَعَـتْ وَعَـزّتْ وَلَيسَ لغَيرِ ذي عَضُـدٍ يَـدانِ
|
وَلا قَبضٌ على البِيضِ المَوَاضِي وَلا حَطٌّ مـنَ السُّمْـرِ اللّـدَانِ
|
دَعَتْهُ بمَفْزَعِ الأعْضَـاءِ مِنْهَـا لِيَوْمِ الحَـرْبِ بِكْـرٍ أوْ عَـوَانِ
|
فَمَا يُسْمـي كَفَنّاخُسْـرَ مُسْـمٍ وَلا يَكْنـي كَفَنّاخُسـرَ كَــانِ
|
وَلا تُحْصَـى فَضَائِلُـهُ بـظَـنٍّ وَلا الإخْبَارِ عَنْـهُ وَلا العِيـانِ
|
أُرُوضُ النّاسِ مِنْ تُرْبٍ وَخَوْفٍ وَأرْضُ أبي شُجَاعٍ مِـنْ أمَـانِ
|
يُذِمّ على اللّصُوصِ لكُـلّ تَجْـرٍ وَيَضْمَنُ للصّـوَارِمِ كـلَّ جَـانِ
|
إذا طَلَبَـتْ وَدائِعُهُـمْ ثِـقَـاتٍ دُفِعْنَ إلى المَحَانـي وَالرِّعَـانِ
|
فَبَاتَتْ فَوْقَهُـنّ بِـلا صِحـابٍ تَصِيحُ بمَـنْ يَمُـرُّ: ألا تَرَانـي
|
رُقَـاهُ كـلُّ أبيَـضَ مَشْرَفـيٍّ لِكُـلّ أصَـمَّ صِـلٍّ أُفْـعُـوَانِ
|
وَمَا تُرْقَـى لُهَـاهُ مِـنْ نَـدَاهُ وَلا المَالُ الكَريمُ مِـنَ الهَـوَانِ
|
حَمَى أطْرَافَ فـارِسَ شَمّـرِيٌّ يَحُضّ على التّبَاقـي بالتّفانـي
|
بضَرْبٍ هَـاجَ أطْـرَابَ المَنَايَـا سِوَى ضَرْبِ المَثَالِثِ وَالمَثَانـي
|
كأنّ دَمَ الجَماجِمِ في العَناصِـي كَسَا البُلدانَ رِيـشَ الحَيقُطـانِ
|
فَلَوْ طُرِحَتْ قُلُوبُ العِشْقِ فيهـا لمَا خافَتْ مِنَ الحَدَقِ الحِسـانِ
|
وَلـم أرَ قَبْلَـهُ شِبْلَـيْ هِزَبْـرٍ كَشِبْلَيْـهِ وَلا مُهْـرَيْ رِهَــانِ
|
أشَـدَّ تَنَازُعـاً لكَرِيـمِ أصْـلٍ وَأشْبَهَ مَنظَـراً بـأبٍ هِجَـانِ
|
وَأكثرَ في مَجَالِسِـهِ استِمَاعـاً فُـلانٌ دَقّ رُمْحـاً فـي فُـلانِ
|
وَأوّلُ رَأيَـةٍ رَأيَـا المَعَـالـي فَقَـدْ عَلِقَـا بهَـا قَبـلَ الأوَانِ
|
وَأوّلُ لَفْظَـةٍ فَهِمَـا وَقَــالا: إغَاثَةُ صَـارِخٍ أوْ فَـكُّ عَـانِ
|
وَكنْتَ الشّمسَ تَبهَرُ كلّ عَيـنٍ فكَيفَ وَقَدْ بَدَتْ معَهـا اثنَتَـانِ
|
فَعَاشَا عيشةَ القَمَرَيـنِ يُحْيَـا بضَوْئِهِـمَـا وَلا يَتَحَـاسَـدَانِ
|
وَلا مَلَكَا سِوَى مُلْـكِ الأعَـادي وَلا وَرِثَا سِـوَى مَـنْ يَقْتُـلانِ
|
وَكَـانَ ابْنـا عَـدُوٍّ كَـاثَـرَاهُ لَهُ يَـاءَيْ حُـرُوفِ أُنَيْسِيَـانِ
|
دُعَـاءٌ كالثّنَـاءِ بِـلا رِئَــاءٍ يُؤدّيهِ الجَنَـانُ إلـى الجَنَـانِ
|
فَقد أصْبَحتَ منـهُ فـي فِرِنْـدٍ وَأصْبَحَ منكَ في عَضْبٍ يَمَـانِ
|
وَلَوْلا كَوْنُكُمْ في النّاسِ كانـوا هُـرَاءً كالكَـلامِ بِـلا مَـعَـانِ
|