الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض.. وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون.. والصلاة والسلام على المعلم النحرير، والهادي والبشير النذير، محمد بن عبد الله.
أما بعد..
إخواتي في الله.. لقد حمل آباؤكم هذه العقيدة في الوغي ففتحوا بلاد الفرس والرومان، وحفظوا حدود الله في أيامه وتباعدوا عن طاعة الشيطان.
فانظر لمن تنكب طريقهم؟ من الذين هجروا المساجد والصلاة، وتركوا سنن الرسول ومنهج القرآن، ونادوا بتحرير المرأة وخروجها من بيتها لتخالط الرجال.. وتزاحمهم في كل مكان.
يقول الشاعر فيهم:
أمـا التـــلاوة فالغنــــاء لديهـم
لعـب البلــوت وجلـــسة الـــدخان
أكلوا الــربا وتسابقــــــوا كسبه
وتصـــارعوا لمــخــدر فـــتــان
فاستأهلوا غضب الإله فدكـــهـــم
بالجــوع والتكسيــر والفيضــــــان
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (النحل:112)
(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102)
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً) (8(فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً) (الطلاق:8/9) .
في العدد الأخير من جريدة (المسلمون) نبأ مخيف ومرعب.. خبر مزعج ..قصة طويلة لأربع نسوة عرب في بلد عربي يدعي الإسلام.
أولئك النسوة انتقلن إلى بلد عربي آخر فقبضن كمروجات مخدرات.. وهؤلاء النسوة تصل أعمار بعضهن الستين! معهن أطفال وأزواج وبنات وأولاد!
ولكن من نسي الله قطع الله حبله.
فحكم عليهن بالإعدام.. ونحن لا نعترض علي الإعدام .. فهذا أقل جزاء لمثل هذا النموذج من الناس.
(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة:33)
إنما نتساءل : ما أسباب هذه الجريمة التي أغضبت الله؟ وما أسباب هذه السقطة التي ما بعدها سقطة؟ ما هو التحليل الاستقرائي والاستنتاج العلمي لهذه المعصية التي يقع فيها المجتمع المسلم صباح مساء؟ وتشارك الفتيات مع الشباب في ترويج المخدرات والزنا والعهر والجلسات الحمراء، وإغضاب الله الواحد الأحد.
السبب هو أنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم، (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُم)(الحشر: الآية19).
بل وحد في بعض المناطق أن بعض النساء بلغت الأربعين وهي لا تصلي! ولا تعرف أحكام الحيض ! ولا أحكام الغسل من الجنابة!
إنه نسيان الله.. إنه الجهل بالدين.
واستبدلوا هذا الإيمان بهذه المغريات الحادثة، كالفيديو الذي يهدم في الساعة الواحدة ما يهدمه جيش نابليون وهتلر في السنة.
وبالمجلة الخليعة التي أصبحت تباع مع الخضروات والخبز.. وتهدم بالصور العارية ما تهدمه الجيوش العالمية في ستة أشهر.
ثم يوحد معهن زوج أو أب يأكل ويشرب لكنه لا يحمل الإيمان.. لا يحمل الغيرة ولا الغضب لانتهاك حدود الله، فلا يزعجه أن تخرج امرأته سافرة.. متبرجة.. متعطرة..متزينة.. فتذهب الساعات الطويلة في الأسواق . وتخرج الفتاة وتعا-بالهاتف من شاءت، وتراسل من شاءت.. إلا من رحم الله.
والأب لم يدخل الإيمان البيت، ولم يعلم أهل بيته الصلاة، ولم يدخل لهم الكتيب الإسلامي ولا الشريط الإسلامي.
ولم يصطحب أهله إلى درس إسلامي أو محاضرة إسلامية، فتبقي المرأة جاهلة بالإسلام، تسمع ألف أغنية.. وتري ألف مسلسل.. وتشاهد ألف مسرحية.. وتطالع ألف مجلة.
ولكنها ما سمعت تلاوة للقرآن، أو حديثاً نبوياً، أو محاضرة ، أو درساً.
وقد زاد من هذا التحلل والفساد وجود طبقة من المجتمع الإسلامي تسعي بعلم أو دون علم إلى هدم أخلاقه.. ونشر الرذيلة فيه.. فمثلاً:
إحسان عبد القدوس له أكثر من ثلاثين سنة نشرة يكتب فيها، فيستهزئ بالرسول صلي الله عليه وسلم ، ويستهزئ بالرسالة، ويستهزئ بالدين.. وله كتاب عنوانه ( أنا حرة) ينادي فيه المرأة أن تعصي زوجها وأن تصاحب من شاءت من الناس وان تصادق كل أحد.. ثم يقول : الزنا عرف تقليدي!!
ونجيب محفوظ الذي أخذ جائزة نوبل علي الدجل.. لأنه روج للإلحاد .. ولأنه أداة للصهيونية العالمية.. له قصة بعنوان ( أولاد حارتنا) يستحي الشيطان أن يقرأها! من الخبث والدعارة والانحطاط الذي فيها )أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ )(الجاثـية: الآية23)ز
إن اعظم واجباتنا في الحياة أن تكون أمة تشهد على الناس )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )(البقرة: الآية143)، نكون شهداء على الناس إذا قمنا بواجب الله بأنفسنا .. وبدين الله في مجتمعنا .. والشهادة على الناس بأن نشهد على الأمم هل هم مستقيمون أم منحرفون؟ هل هم عاصين أم ضالون؟ هل هم راشدون أم غاوون.
لكن كيف نشهد على الناس إذا كنا منحرفين متهاونين عاصين متمردين على شرع الله؟
يقول تعالي: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )(آل عمران: الآية110)، نكون خير أمة إذا أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر.. وهي مسالة ماتت إلا في قلب من رحم الله، وأصبحت عند كثير من الناس، بل الرأي العام، منوطة بفئة من الناس لا يجوز أن يأمر إلا هم .. ولا ينهي إلا هم.. ولا يدعو إلا هم، وهذا خطا.
قال تعالي: )لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المائدة:78/79) .
فواجب علينا أن نهتم بأمر النساء بالمعروف ونهيهن عن المنكر، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم أخبر أن اشد فتنة تقع فيها الأمة هي فتنة النساء.
وأن نستهل موضوع الزواج، وأن نرحب بالصالحين من شباب المسلمين، وأن نمنع تكدس الفتيات في البيوت !
فتاة من الفتيات بلغت الأربعين ، ومنع أبوها أن تتزوج، وغيرها كثير.. فواجب أن ننصح هؤلاء الآباء بعدم المغالاة في مهور بناتهم..
وأن يحرصوا على إعفافهن .. في زمن كثرت فيه الفتن.
فالزواج من سنن المرسلين (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً )(الرعد: الآية38).
فالواجب على المسلمين أن يسهلوا أمور الزواج، فأشرف بنات العالمين فاطمة الزهراء بنت محمد صلي الله عليه وسلم ، أم الحسن والحسين، مهرها درع لا تساوي درهمين.
وبنت سعيد بن المسيب يتقدم لها الوليد بن عبد الملك ابن خليفة المسلمين فيرفضه سعيد.
قالوا : لم؟
قال: أأنقلها من بيت القرآن إلى بيت الغناء والقيان؟
ثم زوجها بدرهمين لفقير من طلابه، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم يقول: (( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)).
والله أعلم، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.