ثمانية وخمسون & ثلاث وثمانون

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ثمانية وخمسون & ثلاث وثمانون

إنه اليوم الأخير وهي لا تدري ما تفعل , أتدرس جيداً أم تفكر جيداً , فكرة عدم وجوده بجانب وجودها تزعجها , تجعل اتجاه أفكارها ينعكس , وتتخبط بلا هوادة , وتتركها كبلهاء صغيرة ضاع إدراك نظرها في أشياء غير مرئية .....

تقدمت نحو البهو المزروع بالقاعات الامتحانية لتقديم المادة الأخيرة لليوم الأخير في امتحاناتها وعقلها يراجعها رقمها الامتحاني لترسو عند القاعة الصحيحة ....

ها هي القاعة الصحيحة من الرقم السادس والأربعون حتى الرقم الخامس والتسعون حتماً إنها تتضمن الرقم ثمانية وخمسون , توجهت نحو منتصف القاعة واتخذت لنفسها مكاناً وبدأت برصف بطاقتها الامتحانية وأقلامها وما إلى ذلك مما يلزم في امتحانها على الطاولة أمامها بانتظار أن يكتمل عدد المتقدمين لهذه المادة في القاعة ليسودها الهدوء كي يبدأ الامتحان .

من بعيد شاهدت شبحه يقترب بكنزة زرقاء لم تتوضح بعد ملامحها وبنطال ربما جينز ذو لون أزرق داكن , سيتستغرق حتى الخمس إلى عشر دقائق لتكتمل صورته لعينيها ويتجسد أمامها بشراً سوياً , فهو بارد الطباع , سريع الملل , مقتصداً جداً بمشيه حتى أحياناً لتحسبه واقفاً لا يتقدم , حاد النظرة , مربوع الظل , داكن الشعر , فاتر العينين أخضرهما , متوسط الجسم , فاحت منه رائحة عطر بالكاد استطاعت أن تشتمها دون تميز لها , تخطاها ساحباً معه ما تبقى من شذى عطره بعد أن اتخذت عينيه زاويتهما اليسرى ورمقها بنظرة ألهتها عن حديث استرسلت به صاحبتها المتأبطة بذراعها ظناً منها أنها مدركة لما تقول , إلا أنها اقتربت من أذنها وصرخت معيدة للجملة الأخيرة التي نطقت بها بعد أن التمست منها الذهول محاولة إيقاظها من سكر نظرته تلك .....

استفاقت من ذهولها على صوت مراقبة القاعة المنتصبة أمامها توقظها من شرودها وتنبهها إلى وجوب البدء بالامتحان إذا أن أوراق الأسئلة والإجابة أصبحت بحوزتها الآن , ومضى على بداية الامتحان خمس دقائق .....

دونت المعلومات اللازمة على رأس ورقة الإجابة وأمسكت بورقة الأسئلة تتفحصها وتقرأ حظها وطالعها بين هذه الأسئلة , ها هو السؤال الذي كوى ضميرها وأدار عجلة تفكيرها قد أدرج ضمن الأسئلة , فلهجت نفسها بالحمد على ضميرها الصاحي الذي أنبها طيلة اليومين الفائتين لدراسته , ولو أنها عاندت ضميرها لكان هذا السؤال الآن أول بوادر سوء الطالع في علامتها .

ستبدأ الإجابة على السؤال " لما أحببتني " , كما عادته يدور ببصره الكرة الأرضية كلها قبل أن تنطق شفتيه بحرف واحد , عيناه تقولان الكثير ما لو جمع على سجلات لتنوء به العصبة أولو القوة , إلا أن لسانه لا يتحرك وشفتاه لا تنبس بشيء .

كلاهما يحد النظر بالأخر , هي مرة في محاولة لاستدرار عطفه بنظرة حانية فيرقّ قلبه فيجيبها ومرة بنظرة قاسية فيخشى فراقها فيسجيها , أما هو فبادلها نظرات مضطربة , متواترة , مكسورة الجناح , دافئة المشاعر , آسيرة الظروف , كمحاولة منه لتعدل عن سماع إجابة هو نفسه لا يملكها ولا يعرف من أين يأتي لها بها , فلماذا تطالبه بأن تنفرج شفتاه عن إجابتها الوهمية سجينة شفاهه المطبقة , كيف يقنعها وهي العنيدة يعرفها أنه ما من كلمات مسجونة في نفسه لسؤالها .

مضى ساعة وخمسون دقيقة منذ أول سؤال ابتدأته , فجمعت ما كتب من كلام وسطر على الأوراق , ولملمت ما تبقى من أرواح أقلامها المنهكة في هذا الامتحان وتقدمت به على المنصة مبيتة في نفسها الأمل, وأرسلت نظرة إلى من أمامها مرددة :

" انتهيت من الإجابات .... "

دوى وقع حذائها الصغير المرتفع بكعب بعلو ثلاثة سنتيمترات بأنغام حزينة متثاقلة إلى الأرض يعلمه أن وقت الامتحان قد انتهى , عازفاً المقطع الأخير من سمفونية الرحيل في أذنيه , منشداً له :

" انتهى وقت الامتحان يا صاحب الرقم ثلاثة وثمانون ....... "

هبطت كلتا يديه على الأغراض الملقاة على الطاولة أمامه , فحملها كيفما اتفق , منتفضاً من بين التسلسل الرقمي المتواجد هناك , صارخاً بأعلى صوته وقدماه تسبق صوته بالخروج من القاعة :

" انتهيت من الإجابة وأوراقي على الطاولة ... "

تابع خارجاً من القاعة محدثاً ورائه اختلالاً في تسلسل الأرقام المتواجدة في القاعة, ودوي صوته يردد ويجيب صداه بكامل البهو :

" أحبك لأني أحبك وفقط , يا ثمانية وخمسون ... "

11/7/2010
sanaa

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شكراً لك بس بحب اسمع رايك كمان بنسج القصة جيد ولا
والحبكة تبعها
يعني في أمل صير روائية