تابع جبل الشيخ - جبل سعار
8- جبل سعار
أطلق الكنعانيون على جبل الشيخ اسم « سعار»( ) إضافة إلى اسم حرمون ، ولم أجد معناها بلغة الكنعانيين ، ولعل السبب في تسميته تلك إطلاله على وادي سعار الذي لا زال يحمل هذا الاسم إلى وقتنا الحاضر . ويعتبر مجرى وادي سعار في الوقت الحاضر الحد الفاصل بين سلسلة جبل الشيخ الوعرة وهضبة الجولان ، وهضبة الجولان منطقة وعرة مغطاة بالصخور البازلتية البركانية السوداء , تمتد من وادي سعار في الشمال وتنتهي عند مجرى نهر اليرموك في الجنوب , وفيها تقع قريتا مسعدة وبقعاثا. ويفصل وادي سعار بين حرمون وبين الجولان الأوسط والجنوبي , وهو يمتد من قرية مسعدة ، مروراً بقرية عين قنية ، حتى بانياس ، لينضم إلى الفروع الرافدة لنهر الأردن . ويتغذى من مياه رأس النبع والسيول الجارية من مجدل شمس ومسعدة وسفوح جبل الشيخ .
وادي سعار
ويقع في مسار مجرى وادي سعار عدد من الشلالات أهمها وأشهرها شلال سعار ، بين عين قنية وبانياس ، ويتساقط من ارتفاع يقارب العشرين مترًا . ويبلغ شلال سعار أوجه مع نهاية فصل الشتاء وبداية الربيع ، ويبلغ ذروته في شهر نيسان ، حيث تغذي الأمطار وذوبان الثلوج على جبل الشيخ وادي سعار ، الذي يمتد من قرية مسعدة في الشرق حتى مشارف بانياس في الغرب ، على مسافة تقارب الخمسة كيلومترات ، وبانحدار يبدأ من ارتفاع 900 متر عند مسعدة ليصل إلى أقل من 400 متر عن سطح البحر عند بانياس . ويشكل وادي سعار أكثر من شلال في مساره ، ولكن أشهرها وأعلاها هو الشلال المعروف بـ « شلال سعار » الذي يقع في ثلثي الطريق بين عين قنية وبانياس عند الجسر المعروف بجسر سعار ، إذ يبلغ ارتفاع هذا الشلال قرابة 22 متراً . أما وادي سعار نفسه فيشكل فاصلاً طبيعياً للبيئة المحيطة ، بين الجولان البازلتي جنوباً وبين جبل الشيخ الذي يتكون من الصخور الجيرية شمالاً .
وكان شلال سعار على الدوام محط إعجاب الزائرين والمارين في المنطقة ، وذلك لجمال الطبيعة الأخاذ ، ووفرة المياه والخضرة ، وتضاريس المكان ، التي وضعت الشلال ضمن منظر بانورامي غاية في الروعة ، يمتد من جبل الشيخ شرقاً مروراً بقلعة الصبية وحتى بانياس وسهل الحولة شمالي فلسطين . إذ يقف الزائر على تلة مرتفعة في الوسط في مواجهة جبل الشيخ ووادي سعار وشلاله شرقاً ، ثم يحول ناظريه إلى الشمال ثم إلى الغرب بأكثر من 180 درجة ، ماراً ببانياس أم المراعي وحاضنة الصنم المعبود من دون الله « بان » ، عبر منابع نهر الأردن ليختفي المنظر بعيداً في أفق سهل الحولة.( )
ولأمية بن أبي الصلت يذكر أمر الغراب والحمامة اللذين أرسلهما نوح ، ففرَّ الغراب وعادت الحمامة بغصن الزيتون ، فقال :
وإذا هـــم لا لبوس لهم تقيهم ... وإذا صمُّ السلام لهم رطاب
عشية أرسل الطوفانُ يجري ... وطاف الماء ليس لهُ جرابُ
على أمواج أخضر ذي حبيكٍ ... كأن سعارَ زاخرهِ الهضاب
بآية قــام ينطــقُ كلُّ شــــيءٌ ... وخانَ أمانةَ الديك الغـــرابُ
وأرســلت الحمامةُ بعد ســبعٍ ... تدلُّ على المهالك لاتهـــابُ
تلمسُ هل ترى في الأرضِ عيناً وعائنةً بها المـــــاءُ العبابُ
فجاءت بعد ما ركضتْ بقطفٍ ... عليهِ الثأطُ والطينُ الكبابُ
فلمّا فرســـــوا الآيات صاغوا ... لها طوقاً كما عقد السخابُ
إذا ماتــت تورثـــهُ بينـــــــها ... وإن تقتل فليس لها استلابُ
جزى الله الأجلُّ المرءَ نوحـاً ... جزاءً البـــــر ليس لهُ كذابُ
بما حملتْ ســفينتهُ وأنجـــت ... غداةَ اتاهُم المــــوتُ القلابُ
وفيــها منــة أرومتــهِ عيــالٌ ... لديه لا الظلماءُ ولا السغابُ( )
شلال وادي سعار
صورة ثانية لشلال سعار
الباحث : محمود سعيد الشيخ