تابع جبل الشيخ - جبل سريانا
36- جبل سريانا Syriana « شريانا »
يرى بطرس ضو أن : اسم جبل حرمون لدى العموريين « الأموريين » هو « سريانا » . ولما كان الصيدونيون والأموريون فصيلتان من الشعب الكنعاني - الفينيقي ، فإن اسمه الكنعاني « سريون ، وسريانا » هما صيغتان أو لهجتان معناهما واحد . ومن هذه اللفظة اشتق القدماء اسم سوريا . ومعنى « سريون ، وسريانا » : الصخرة الكبيرة ، ومنها في اللغة اللبنانية العامية لفظة الشراي : الصخر الكبير . هذا اسم حرمون بلغة الكنعانيين من صيدونيين وصوريين وأموريين هم اللبنانيون القدماء . وفي نص المعاهدة المعقودة في السنة 2034 ق.هـ( ) بين الحثيين من جهة والعمورين من جهة ثانية ورد اسم حرمون هكذا : « شريانا » . فاللغة السريانية نسبة بالأصل إلى « سريانا ، سريون ، وشريانا » أي جبل حرمون أو لبنان الشرقي( ) .وهنا يتبادر للذهن سؤال أطلقه المطران لويس ساكو : لماذا أطلق على الآراميين اسم « سِريان » ؟ وأجاب عنه الشماس كوكيس مردو بقوله : إنَّ مَن أطلق اسم « السريان » على الآراميين هم المصريون في البداية ، ثمَّ تلاهم اليونانيون عند احتلالهم لمناطق غرب الفرات ، والتي اختلفت الآراء في تسمية تلك البلاد بـ « سوريا » التي مِنها اشتُقَّ اسم « السريان » ، ولكن العُلماء والمؤَلفين المسيحيين ينسبونها إلى اسم « سوروس » ... وِمن هؤلاء المؤَلفين ابن علي صاحب القاموس الشهير حيث يقول : سوريا هي البلاد التي تمتد مِن أنطاكية وحتى الرها ، دُعيَت سوريا نسبةً إلى اسم سوروس ... وقال حسن بن بهلول في قاموسه : اسم سوريا مُشتق مِن اسم سوروس قاتل أخيه وخَلفِه بحكم البلاد التي سُمِّيَت بإسمِه ، وإن السريان كانوا يُسَمَّون آراميين في السابق . أما ابن الصليبي في كتابِه « ܐܪܘܥܘܬܐ - المُلاقاة » فيقول : لكنَّهم « أعني اليونانيين » يدعوننا يعاقبة بدل السريان مِن باب التعيير والانتقاص ، ولكننا نَرُدُّ عليهم بالمقابل : بأن الاسم « السريان » الذي أطلقتموه علينا وتتعمدون تجريدَنا مِنه لم يكن بالنسبة لنا مِن الأسماء التي نعتزُّ بها ، لأنه مُشتق مِن اسم سوروس الذي مَلِكَ في أنطاكية ودُعِيَت المملكة كُلَّها على اسمِه ... إننا بنو آرام وبإسمِه « آراميين » كُنّا نُسَمّى . وفي موضعٍ آخر مِن نفس الكتاب يقول : دُعينا سرياناً على اسم سوروس باني أنطاكية والبلاد المُجاورة لها وسُمِّيَت كُلُّ المنطقة بإسمه ( ).قال المطران الكلداني « يعقوب أوكين – أوجين - منّا » عن تاريخ الشعب السرياني ، في تسمية الآراميين بالسريان في بلاد السريان ولغتهم الصحيحة ، وذلك لأهميتها في توضيح الأصل الآرامي الذي يشترك به كل من الكلدان والسريان والآشوريين في كتابه « دليل الراغبين في لغة الآراميين » وهو « قاموس آرامي - عربي » : إن ما حمله إلى إفراد فصل خصوصّي للموادّ المذكورة حسم النزاع الواقع فيها بين كثير من الكلدان والسريان ، لكون كل منهما يدّعي الأصالة والقدميةّ لنفسهِ ، دون استنادٍ على دليل راهن أو برهان علمّي مكين . فبياناً لحقيقة الأمر ومنعاً للمشاجرات نقول : إنّ جميع القبائل الساكنة قديمًاً في البلاد الفسيحة الواسعة المحدودة ببلاد الفرس شرقاً والبحر المتوسط غرباً ، وبلاد الأرمن وبلاد اليونان في آسيا الصغرى شمالاً وحدود جزيرة العرب جنوباً ، كانت قاطبةً معروفة ببني آرام أو الآراميين . نعم إنّ بعضاً من هذه القبائل كانت تسمّى أيضًا بأسماء خصوصية كتسمية أهل بابل ومايجاورها بالكلدانيين ، وتسمية سكًان مملكة آثور بالآثوريين ، وتسمية أهل الشام بالآدوميين ، ولكن مع ذلك كانت تسمية الآراميين تشملهم جميعاً . كما أنّ تسمية الطّائي مثلاً وقريش وحمير وكنانة لا تخرج هذه القبائل من كونهم عرباً . أما كون أهل بابل وآثور آراميين فظاهر مما ورد في سفر دانيال عن الكلدان حيث قال : « ܘܡܠܠܘ ܟܠܕܝܐ ܩܕܡ ܡܠܟܐ ܐܪܡܐܝܬ » أي وتكلّم الكلدانيون أمام الملك بالآرامية « دانيال 4:2 » وذكر عزرا الكاتب انّ سكان السامرة قدّموا إلى أرتحششت ملك الفرس المالك يومئذ في بابل عريضة بها يشكون على اليهود وكانت بالآرامية « ܘܟܬܒܐ ܕܐܓܪܬܐ ܟܬܝܒ ܗܘܐ ܐܪܡܐܝܬ ؛ ܘܡܬܬܪܓܡ ܗܘܐ ܐܪܡܐܝܬ » أي وكتاب الرسالة كان مكتوباً بالآرامية وترجمته بالآرامية « عزرا 7:3 » وذُكروا في سفر الملوك الثاني أنّ وزراء حزقيآء الملك طلبوا إلى قائد سنحاريب ملك آثور أن يخاطبهم بلغتهِ الآرامية قائلين : « ܡܠܠ ܥܡ ܥܒܕܝܟ ܐܪܡܐܝܬ ܡܛܠ ܕܫܡܥܝܢܢ ܘܠܐ ܐܡܠܠ ܥܡܢ ܝܗܘܕܐܝܬ ܩܕܡ ܥܡܐ ܕܥܠ ܫܘܪܐ » أي خاطب عبيدك بالآرامية لأننا نفهم ولا تخاطبنا بالعبرانيّة أمام الشعب الواقف على السور . فالكلدانيون إذاً والآثوريون آراميون وإلاّ لما كانت لغة ملوكهم الرسمية آرامية حتى بعد انتقال صولجان ملكهم إلى يد الغرباء . وناهيك أنّ بلاد بابل وآثور سميت في جميع الأجيال حتى بعد استيلاء العرب عليها « ܒܝܬ ܐܪܡܝܵܐ » أعني بلاد الآراميين . ولا حاجة إلى إيراد الشواهد غير المحصاة لإثبات ذلك ، وهو حقيقة يقرُّ بها مذعناً من كان لهُ أدنى إلمام بأخبار الكنيسة الشرقية ، لأنّ كتب أجدادنا مشحونة من ذكر ذلك .
وكذا بلاد ما بين النهرين عُرفت دائمًا ببلاد آرام . ذُكر في سفر التكوين « 10:24» أن اليعازر عبد إبراهيم سافر إلى آرام نهرَين إلى مدينة ناحور ليخطب زوجةً لإسحاق « ܘܩܡ ܘܐܙܠ ܠܐܪܡ ܢܗܪܝܢ ܠܩܪܝܬܐ ܕܢܚܘܪ » ، وفي الفصل الحادي والثلاثين يدُعى لابان الحرّاني الجزري آرميا « ܐܪܡܝܐ » ، وقد أثبت هذا القول المؤلفون الكنسيون أيضاً فإنهم وإن سمًوا أهل الجزيرة تارة سرياناً وأخرى فرثيين نسبة إلى نهر الفرات إلا أنهم يسّمونهم غالباّ باسمهم آراميين . قد ذكر أوسابيوس القيسري في تاريخهِ البيعي السفر الأول المبحث الثالث عشر : أنّ الرسالة التي بعث بها أبجر ملك الرها إلى ربنّا ايشوع المسيح كانت محفوظة في خزانة تلك الدولة باللغة الآرامية ، وكذلك جميع القيودات والأخبار المنوطة بأعمال مملكة الرها كانت بالآرامية . وفي السفر الرابع المبحث السادس والعشرين الذي عنوانهُ : « ܥܠ ܒܪܕܝܨܢ ܐܪܡܝܐ » أي في برديصان الآرامي . يقول : « ܘܒܝܬ ܢܗܪܵܘܬܐ ܒܐܘܪܗܝ ܒܪܕܝܨܢ ܓܒܪܐ ܝܕܝܥܐ ؛ ܕܒܠܫܢܐ ܐܪܡܝܐ ܡܗܝܪ ܗܘܐ ܛܒ، ܘܠܘܩܒܠ ܗܠܝܢ ܕܒܝܬ ܡܪܩܝܘܢ ܘܠܘܩܒܠ ܐܚܪܵܢܐ ܕܩܝܡܝܢ ܥܠ ܐܦܵܝ ܝܘܠܦܢܵܐ ܡܦܪܵܫܐ ؛ ܘܐܟܬܒܗ ܠܡܐܡܪܐ ܒܠܫܢܐ ܕܝܠܗ ؛ ܥܡ ܡܐܡܪܵܐ ܐܚܪܵܢܐ ܣܓܝܵܐܐ ܕܐܟܬܒ؛ ܐܝܬ ܗܘܘ ܠܗ ܕܝܢ ܝܕܘܵܥܐ ܣܓܝܵܐܐ ܕܚܝܠܬܢܝܢ ܒܡܠܬܐ ؛ ܘܗܢܘܢ ܐܦܩܘ ܐܢܘܢ ܠܡܐܡܪܵܘܗܝ ܡܢ ܠܫܢܐ ܐܪܡܝܐ ܠܝܘܢܝܐ » أي وبين النهرين في الرها برديصان الذائع الصيت الماهر جدّا باللغة الآرامية ، كتب بلغته مقالةً ضد أشياع مرقيون وغيرهم من الذين يناضلون عن بدعِ مختلفة ، وكتب مقالات أخرى عديدة ، وإذ كان لهُ كثير من معارف أقوياء بالكلام فقد نقلوا مقالاتهِ من الآرامية إلى اليونانية . وقال يعقوب السروجيّ في تقريظه لماري أفرام : « ܗܢܐ ܕܗܘܐ ܟܠܝܠܐ ܠܟܠܗ ܐܪܡܝܘܬܐ ؛ ܘܒܗ ܐܬܩܪܒܬ ܕܬܡܛܐ ܠܫܘܦܪܵܐ ܪܵܘܚܢܝܐ » أي هذا الذي أضحى إكليلاً للأمة الآرامية جمعاء ، وبِه نالت محاسن روحية . وقال عن العذارى الرهاويات تلميذات القديس إفرام مشبهاً إياهنً بالعبرانيات : « ܝܒܒ ܗܘܝ ܓܝܪ ܥܒܪܵܝܬܐ ܒܦܠܓܝܵܗܝܢ ؛ ܘܗܪܟܐ ܡܫܒܚܢ ܐܪܡܝܬܐ ܒܡܕܪܵܫܝܗܝܢ » أي رتلت العبرانيات بدفوفهنّ ، وهنا تمجد الآراميات بمقالاتهنً . فترى من الشواهد الموردة وغيرها : أن أهل الرها والجزيرة بأسرها كانوا آراميين ملةً ولغةً .
وأما سكان الشام فالأمر أوضح من بيان ، وكفانا دليلاً ماجاء في سفر الملوك الثاني « 6:16 » عن راصان ملك دمشق قاعدة الشام حيث يقال : « ܒܙܒܢܐ ܗܘ ܐܗܦܟ ܪܨܢ ܡܠܟܐ ܕܐܪܡ ܠܐܝܠܬ ܠܐܪܡ ܘܐܦܩ ܠܝܗܘܕܐ ܡܢ ܐܝܠܬ ܘܐܪܡܝܵܐ ܐܬܘ ܠܐܝܠܬ ܘܝܬܒ ܬܡܢ ܥܕܡܐ ܠܝܘܡܢܐ » أي في ذلك الزمان أعاد راصان ملك آرام أيلة الى آرام ، وأخرج اليهود من أيلة ، فأتى الآراميون إلى أيلة وسكنوا هناك إلى اليوم . وستأتيك شهادات المؤلفين الكنسيين إثباتاً لذلك . فقد ااتضح إذًا أنّ جميع البلاد المعروفة بالسريانية سواء كانت شرقية أم غربية كانت معروفة في قديم الزمان بالآرامية ، وهذه كانت تسميتها الحقيقية . فمتى إذًا وكيف سميت بالسريانية ؟
وقال المطران الكلداني « يعقوب أوكين – أوجين - منّا » : إنّ جميع البلاد المعروفة بالسريانية سواء كانت شرقية أم غربية كانت معروفة في قديم الزمان بالآرامية ، وهذه كانت تسميتها الحقيقية( ). فمتى إذًا وكيف سميت بالسريانية ؟ وأجاب : قد اختلفت آرآء العلماء في لفظة سوريا التي منها سُمي السريان أي اختلاف . فلقد ذهب البعض منهم لا سيما العلماء في أصل لفظة سوريا مشتقة من آثور أو آشور ، اشتقها اليونانيون بعد استيلاء ملوك الآثوريين على الديار الشامية . قال المعلم المشهور رينان الفرنساوي في تاريخ اللغات السامية : « أخبر أن اسم آرام بدل في زمان الملوك السلوقيين في المشرق باسم سوريا ، التي ليست إلا اختصار آسوريا « أعني آثور- يقصد المؤلف آشور - أو آثوريا حسب اللفظ اليوناني » وهو اسم عام كان يطلقه اليونانيون على آسيا الداخلة كلها . لكن مع ذلك لم يُفقد اسم آرام من بلاد الشرق بالكلية بل اختصً بالآراميين الذين لم يعتنقوا الديانة المسيحية كالنبط وأهل مدينة حران ، ولهذا السبب جُعلت لفظة الآرامي عند علمآء اللغة السريانية مرادفة للفظة الصابيء والوثني . وقال غيرهم : إن سوريا متأتية من مدينة صور قاعدة بلاد فنيقية ، أو خارو المصرية ، لأنّ المصريين كانوا يسمّون جميع البلاد الواقعة إلى سواحل المتوسّط خارو ، ثم بُدّلت خارو بشارو ، ثم بدلت بسوريا لمقاربة اللفظ . أمّا المؤلفون السريانيون من الشرقيين والغربيين فيزعمون أن لفظة سوريا متأتية من « ܣܘܪܘܣ » سوروس ، وهو رجل من الجنس الآرامي بنى على زعمهم مدينة أنطاكية ، واستولى على بلاد سوريا وما بين النهرين ، ومنه سميت البلاد سوريا ، وأهلها سريانيين ، كما يسمى اليوم جميع سكان المملكة العثمانية عثمانيين . قال ابن علي صاحب القاموس الشهير : « ܣܘܪܝܐ ܬܘܒ ܟܠܗ ܐܬܪܐ ܕܡܢ ܐܢܛܝܘܟܝ ܘܥܕܡܐ ܠܐܘܪܗܝ ؛ ܘܥܠ ܫܡ ܣܘܪܘܣ ܐܬܩܪܝܬ ܗܘ ܕܩܛܠ ܠܐܚܘܗ ܝ ܘܐܡܠܟ ܒܝܬ ܢܗܪܵܘܬܐ » أي يُراد بسوريا كل البلاد الممتدة من أنطاكية إلى الرها ، وإنما دُعيت سوريا نسبةً إلى سوروس الذي قتل أخاهُ وملك بين النهرين . وقال حسن بن بهلول في قاموسهِ : « ܣܘܪܝܐ ܥܠ ܫܡ ܣܘܪܘܣ ܐܬܩܪܝܬ ܐܢ ܟܕ ܚܝ ܘܐܢ ܟܕ ܡܝܝܬ ܗܘ ܕܩܛܠ ܠܐܚܘܗܝ ܘܐܡܠܟ ܒܝܬ ܢܗܪܵܘܬܐ ܘܐܬܩܪܝܬ ܐܪܥܐ ܟܠܗ ܕܐܘܚܕܢܗ ܒܝܬ ܣܘܪܝܐ ؛ ܘܡܢ ܩܕܝܡ ܣܘܪܝܝܵܐ ܐܪܵܡܝܐ ܡܬܩܪܝܢ ܗܘܘ ؛ ܘܟܕ ܐܡܠܟ ܡܢܗܘܢ ܥܠܝܗܘܢ ܣܘܪܘܣ ܗܝܕܝܢ ܐܬܩܪܝܘ ܣܘܪܝܝܵܐ » أي أن سوريا مشتقة من سوروس ، سواء كان حياّ أم ميتاَ ، وهذا سوروس كان قد قتل أخاهُ وملك بين النهرين ، فسميت مملكتهُ كلها سوريا ؛ فإن السريان قديماً كانوا يُسَمون آراميين ، وإذ ملك رجل منهم فيهم « سوروس » فحينئذٍ سموا سرياناً . وقال ابن الصليني في كتابه المسمى « ܐܪܘܥܘܬܐ » في الفصل الرابع عشر ضد اليونانيين : « ܐܠܐ ܒܚܣܕܐ ܬܘܒ ܩܪܝܢ ܠܢ (ܐܘܟܝܬ ܝܘܢܝܵܐ) ܚܠܦ ܣܘܪܝܝܵܐ ؛ ܝܥܩܘܒܝܵܐ ؛ ܕܠܩܘܒܠܗܘܢ ܐܡܪܝܢܢ ؛ ܕܐܦܠܐ ܫܡܐ ܕܣܘܪܝܝܵܐ ܕܐܪܝܡܬܘܢ ܡܢܢ ܡܥܠܝ ؛ ܡܛܠ ܕܥܠ ܫܡܐ ܕܡܬܩܪܐ ܣܘܪܘܣ ܐܬܝ ܐܝܢܐ ܕܐܡܠܟ ܒܐܢܛܝܘܟܝܐ ܘܐܬܩܪܝܬ ܥܠ ܫܡܗ ܣܘܪܝܐ ؛ ܚܢܢ ܓܝܪ ܒܢܵܝ ܐܪܡ ܐܝܬܝܢ؛ ܘܥܠ ܫܡܗ ܡܬܩܪܝܢ ܗܘܝܢ ܒܙܒܢ ܐܪܡܝܵܐ » . أي لكنهم « أعني اليونانيين » يسموننا تعييرًا لنا عوض السريان يعاقبة ، ونحن نردهم قائلين : إن اسم السريان الذي سلبتموه عنا ليس عندنا من الأسمآء الشريفة لكونه متاتياً من اسم سوروس الذي ملك في أنطاكية فدعيت باسمِه سوريا ... أما نحن فإننا من بني آرام وباسمهِ كنا نسمى يومًا آراميين . وقال في موضع آخر من كتابه المذكور : « ܘܣܘܪܝܝܵܐ ܐܬܩܪܝܢ ܥܠ ܫܡ ܣܘܪܘܣ ܗܘ ܕܒܢܐ ܠܐܢܛܝܘܟܝܐ ܘܐܬܪܗ ܘܐܬܩܪܝܬ ܥܠ ܫܡܗ ܣܘܪܝܐ » أي وسُمينا سريانًا من اسم سوروس الذي عمر أنطاكية والبلاد المجاورة لها فسميت باسمهِ سوريا . وكذلك قال صاحب كتاب جنة النعيم « ܓܢܬ ܒܘܣܡܵܐ »( ). وهو كتاب نفيس تشرَح فيه فصول الكتب المقدسة مرتبةً لمدار السنة حسب طقس المشارقة . غير أنهُ مهما كان من صحة الآراء المذكورة وبطلانها فلا ريب في النتائج الآتية وهي :
أولاً : - أن السريان عموماً شرقيين أم غربيين لم يكونوا في قديم الزمان يسّمون سرياناً بل آراميين نسبة إلى جدّهم آرام بن سام بن نوح .
ثانياً :- أن اسم السريان لا يمكن أن يرتقي عهده عندهم إلى أكثر من أربعمائة أو خمس مائة سنة قبل التاريخ المسيحي خلافاً لمن يحاول أن يجعل اسم السريان قديماً أصلا للآراميين . لأنه لو كان الأمر كذلك لذُكر عند القدمآء ، وورد ولو مرة واحدة في العهد القديم كلهِ . ولا يعترض علينا بأن الكتاب المقدس لا يعنيه ذكر أسماء القبائل ، وهو لم يذكر الكرد والترك مع وجودهم من قديم الزمان . نعم لم تكن غاية كتاب اللهِ ذكر القبائل والتصدي لتسمية شعوب لم يكن لها علاقة وخلطة مع الشعب الاسرائيلي كما كان الكرد والترك ، ولكن من المحال القول إن الكتاب المقدس لم يقصد أن يذكر ولو مرة واحدة اسم أقوامٍ شنوا غاراتٍ متصلة في بلاد فلسطين ، وصارت لهم علاقات ومعطيات غير منقطعة مع اليهود كما كان حال السريان .
ثالثًا : إن اسم السريان لم يدخل على الآراميين الشرقيين : أي الكلدان والآثوريين إلا بعد المسيح على يد الرسل الذين تلمذوا هذه الديار ، لأنهم كانوا جميعاً من سوريا « فلسطين » ، وذلك إذ كان أجدادنا الأولون المتنصرون شديدي التمسك بالدين المسيحي الحق أحبوا أن يسموا باسم مبشريهم ، فتركوا اسمهم القديم واتخذوا اسم السريان ليمتازوا عن بني جنسهم الآراميين الوثنيين ، ولذا أضحت لفظة الآرامي « ܐܪܡܝܐ » مرادفة للفظة الصابىء والوثني ، ولفظة السرياني مرادفة للمسيحي والنصراني إلى اليوم .
والبلاد السريانية تقَسم إلى قسمين عظيمين شرقي وغربي ، وهذه القسمة يمكن اعتبارها على ثلاثة أوجه : أي طبيعية ومدنية وكنسية . فالبلاد السريانية الشرقية بالقسمة الطبيعية تشتمل على جميع البلاد المحدودة بنهر الفرات غرباً ، وبلاد الأرمن شمالاً ، ومملكة العجم شِرقاً ، والخليج العربي وجزيرة العرب جنوباً . وهذا أمر واضح لا يتجرّأ على إنكارِه إلاّ من جهل التواريخ القديمة والحديثة جملةً . لأنهُ من العلوم الذي لا يشوبهُ أدنى ريب : أن البلاد الأصلية في مملكة الكلدان سواءً كانت بابلية أم آثورية كانت البلاد المذكورة أعلاهُ ولذا فقد سميت في التواريخ الحديثة بسوريا الخارجة « ܣܘܪܝܐ ܒܪܝܬܐ » ، أما البلاد السريانبة الغربية فتشتمل على ما وراء نهر الفرات إلى البحر المتوسط ، أي على البلاد المعروفة اليوم بسوريا ، ولذلك دُعيت سوريا على وجه الإطلاق أو سوريا الداخلة « ܣܘܪܝܐ ܓܘܝܬܐ » . وإذا لاحظنا القسمة فالبلاد السريانية الشرقية كانت تمتد أينما امتدّت الدولة الفارسية . والبلاد السريانية الغربية كانت محصورة حدود المملكة الرومانية . والقسمة الكنسية تكاد لا تخالف القسمة المدنية ، فإنّ سلطة بطركية بابل كانت تشمل القسم الشرقي من بلاد الجزيرة أي نصيبيين ولواحقها وقسماً من بلاد أرمينية وآثور ومادي وفارس وبلاد العرب والقطريين والهند والصين أيضاً . وأما البطركية الأنطاكية فلم تكن مستولية إلا على سريان القسم الغربي من الجزيرة وسوريا الداخلة فقط .
أما لغة هذه البلاد فتنقسم اليوم إلى لهجتين شرقية وغربية ، أما الشرقية فهي لغة الكلدان الكاثوليك والنساطرة أينما كانوا ، وهي اللغة الآرامية الصحيحة القديمة المستعملة يوماً في مملكتي بابل ونينوى العظيمتين والجزيرة والشام ولبنان وما يجاور هذه البلاد كما يقر بذلك الخبيرون من الموارنة خاصة ، وكما قد أثبتهُ العلاّمة السيّد المطران اقليميس يوسف داود في مقدمة نحوهِ السرياني العربي ببراهين قاطعة وحجج دامغة ضد ابن العبري وغيره من الغربيين المتاخرين . وأما اللغة الغربية المعروفة في زماننا بالسريانية بلا قيدٍ فهي لغة الموارنة والسريان الأرثوذكس الكاثوليك حيث وجدوا ، وهذه لا نجد أثراً لاستعمالها في جميع البلاد الآرامية ماخلا جبال طور عبدين في قرب ماردين ، وهذا أيضا قد بينهُ جليًا المثلث الرحمة المطران يوسف داود في مقدمة نحوهِ المذكور الساعة . فلذا لا مانع أن نتخذها لغة جبليةً متولدة من فساد اللغة الآرامية الفصيحة ، قد نشرها متأخراً بعض علماء السريان الأرثوذكس وجعلوها عامةً في الطقس السرياني ، كي يمتازوا عن النساطرة لشدة العداوة الدينية الكائنة بينهم . ومن االسريان الأرثوذكس اتصلت إلى الموارنة ، لأن الأولين من الشرقيين والغربيين لم يذكروا أبداً هذا الفرق الموجود اليوم بين اللهجتين ، وزد على ذلك أن أهلِ الجزيرة حتى الرها التي إليها ينسب الغربيون المتأخرون لغتهم ، لم يكونوا يلفظون اللغة الآرامية لفظ الغربيين بل الشرقيين ، وهذا أمر مؤكد كل التأكيد ، والأدلة على ذلك كثيرة :
أولاً : - ما نقل إلى اللغات الأجنبية من أسماء الأعلام المستعملة في الرها ونواحيها فإنها كلها على لفظ الشرقيين لا على الغربيين ، فمن ذلك رُها . بَردَيصان . أدى . عبشلاما . برشميا . عبدا. حبيب. كوريا . شَمونا. رَبّولا . نوحاما . أبو برديصان . لا رُهو. برديصون . آدى . عبشلومو . برسميو . عبدو حابين. كوريو . شمونو . سوبو . رابولو . نوحومو . كما يلفظها الغربيون اليوم .
ثانياً : - ما نص عليه في مبادى الجيل السابع يعقوب الرهاوي الشهير في نحوهِ ، إذ عدّ حركات اللغة الآرامية سبعاً كما عند الشرقيين ، وحصرها بهذه الجملة « ܒܢܝܚܘ ܬܚܝܢ ܐܘܪܗܝ ܐܡܢ » ، والحال أن الحركات اليوم لدى الغربيين خمس . ومن أمعن النظر متدققاً في الجملة المذكورة يتأكد انّ قائلها نطق بها على طريقة الشرقيين ، أي : بْنحيو تِحِّين أورهاي إمَّن لا كما يلفظ الغربيون : بنحيو تحيان أورهوي آمان . وإلا لاختلطت حركة النون في « ܢܝܚܘ » مع حركة التاء في « ܬܚܝܢ » وحركة الحاء في « ܢܝܚܘ » مع حركة الهمزة في « ܐܘܪܗ » وحركة الهمزة مع حركة الهاء في « ܐܘܪܗ » .
ثالثاً :- إن القديس أفرام ألف تسبيحةً جعل اوّل كل بيت منها حرفاً من أحرف اسم يسوع المسيح الكريم « ܝܫܘܥ ܡܫܝܚܐ » : فالبيت الأول بدأهُ بالياء ، والثاني بالألف أو الهمزة ، والثالث بالشين وهلمّ جرًّا. وهذا دليل صريح على أن القديس أفرام المعظم كان يلفظ ويكتب اسم يسوع .. كالشرقيين ، أي « ܝܫܘܥ » بألف دقيقة على الياء لا « ܝܫܘܥ » كالغربيين ، وإلا لما جعل البيت الثاني مبتدئاً بالألف . وهذه التسبيحة محفوظة في طقس الكلدان والموارنة ، وهي : « ܢܘܗܪܐ ܕܢܚ ܠܙܕܝܵܩܐ »
رابعًا : - الدليل الرابع القاطع الذي يرفع كل شبهة ما ورد في سفر التكوين الفصل الحادي والثلاثين العدد السابع والأربعين وهو أن لابان الحرّاني وابن أختهِ يعقوب أبا الأسباط أقاما رُجمة من حجارة تكون شهادةً على عهد ضرباهُ بينهما ، فسماها لابان بلغتهِ الآرامية الكلدانية « ܝܓܪ ܣܗܕܘܬܐ » . وسماها يعقوب بلغتهِ العبرانية « جلعاد او جلعيد » ، فهذه الجملة التي نطق بها لابان الجزري الحرّاني بنحو ألفين ومائتي سنة قبل الهجرة النبوية( ) هي آرامية شرقية ، أي كلدانية ، لأنها ملفوظة بالعبرانية والعربية وغيرهما : يْغَر ساهْدوثا : كالشرقيين لا : كالغربيين . فقد اتضح إذًا أن لغة أهل الرها والجزيرة بأسرها كانت دائماً لغة الشرقيين بعينها لا لغة الغربيين . ومن ذلك يظهر غلط من ادعى أن القديس أفرام سريانياً غربياً ، لأننا إن لاحظنا وطنهُ ومنشاُه فهو شرقًي ، لكون مسقط رأسهِ مدينة نصيبين ، التي كانت من أعظم مطرانيات الكلدان وأشرفهنً ، وإن اعتبرنا البلدة التي قضى فيها جانباً من حياتهِ ، وفيها انتقل الى جوار ربهِ فهي الرها ، التي كانت تحت حكم ملوك الروم إلاً أنها كانت حقًا مدينة شرقية ، وناهيك أن مدرستها العظيمة الشهيرة أنشأها القديس أفرام للشرقيين خصوصاً ، ولذا سُمًيت مدرسة الفرس( ). ويعتقد الدكتور أسعد صوما أسعد : أن السريان لغاية أيام مار أفرام في القرن الثالث قبل الهجرة( ) لم يكن يسمّون أنفسهم « سرياناً » بل « آراميين » لكن اليونان كانوا يسمونهم « سرياناً »( ). وفي الواقع فإن
اسم « سوريا » شغل العديد من الباحثين منذ أوائل القرن الماضي دونما إجماع على رأي محدّد ، فمنهم من أعادها إلى اللفظ الأكادي « سوبرتو » لمنطقة أعالي الرافدين ، أو إلى التسمية الآشورية ؛ و تبدو « اسسيريا » أو « أثوريا « ASSYRIA» ، في الحقيقة ، الأقرب إلى الإسم الحالي ، وربّما تستند إلى منطق لغوي وجغرافي ، كما يؤكّد آرنست هيزفيلد وعبد الله الحلو دونما أن يذكرا معنى التسمية . فالتسمية إذًا سورية في جوهرها ، يونانية في شكلها ، علمًا أنّ اللفظة السريانية المطابقة لليونانية ASSYRIA هي أثوريا . أمّا أحمد داوود فيقول:
دعي السكان سريانًا أو سوريين ، كما دعيت الأرض « سوريا » من « سري : أي السيد ، أو سوريت . سورية من سرت : أي السيدة » . على أيّة حال هي تسمية محليّة ، و ليست كما يزعم الكثيرون بأنّها منحدرة من اللغة السنسكريتية ، وقد أطلقها الهنود الأوربيون أثناء عبورهم في المنطقة تيمّنًا بإله الشمس لديهم « سوريا » . – فينيقيا : نسبة إلى فينيق بن أجينور ملك صور، الذي تنقّل في الساحل السوري بحثا عن أخته أوروبا « بحسب أسطورة خطف أوروبا » ، وليس كما يزعم الكثيرون بأنّ التسمية هي يونانية وتعني الأرجوان ، فكلمة « فينيق » ومؤنثها « فينيقيا » تعني في كل القواميس السورية القديمة وحتى العربية « المنعم ، المترف » . – كيليكا : نسبة إلى كليلك بن أجينور ملك صور ، الذي ذهب إلى كليكيا في شمال فينيقيا بحثًا عن أخته أوروبا « بحسب أسطورة خطف أوروبا »( ) . وحول لفظة سوريا التي منها سميّ السريان . يقول رينان الفرنساوي المعلم في تاريخ اللغات السامية : أخيراً أنَّ اسم آرام بُدلَّ في زمن الملوك السلوقيين في المشرق باسم سوريا التي ليست إلاّ اختصاراً لآسوريا . أعني أثور . أو أثورايا . وبقي اسم آرام من بلاد الشرق ممن لم يعتنق المسيحية كالنبط وأهل مدينة حران . وجاء في كتاب كنيستي السريانية للمطران والأديب إسحاق ساكا : أنَّ كلمة سوريا متأتية من سورس الملك الذي ظهر قُبيلْ النبي موسى ، وهو آرامي الجنس .وباسمهِ سُمّيت هذه البلاد سوريا وأهلها سورسيين . ثمَّ حُذفت السين فصارت سوريين . ويتابع القول : وعند ترجمة العهد القديم . وما سميَّ الترجمة السبعينية عام 280ق.م ترجموا لفظة آرام بسوريا.كبديل أو مرادف لها . وأخذ يتغلب الاسم السوري على الآرامي . والكتاب المقدس أثبت لفظ سوريا بالألف ، ونقلهُ العرب عن السريان لاعن اليونان . فقالوا : سوريا ولم يكتبوا سيريا أو آثوريا ( ).
وتؤكد صاحبة مقال « ملخص كتاب المحلمية هوية عربية وجذور أصيلة » ما ذهب إليه الكاتب وهو اعتبار أن السريان لم يكونوا يومًا من الأيام قومية بحد ذاتها ، بل إن لفظة السرياني تعني النصراني : أي النسب الديني وليس القومي ، ولقد تم إثبات ذلك من عدة مصادر مسيحية مهمة كتاريخ كلدو وأشور لأدي شير ، وهو قد كشف حقيقة انتماء السريان كقومية لأصول أرامية أو كلدانية أثورية أو عربية ، وبذلك تم نفي النظرية السريانية في القومية التي كانت تؤسس على مرجعية دينية بحتة( ). ويعترف المطران لويس ساكو بأن اللغة الآرامية كانت مجموعة لغوية غنية بلهجاتِها المُتعدِّدة ، ولكن الحقيقة ليست كما يَدّعي لأن اللغة الآرامية القواعدية كانت لهجتان شرقية وغربية ، أما اللهجات التخاطبية السوادية فكانت ولا زالت عديدة جداً ، وليست لهذه اللهجات أية أهمية لأنها غير مُرتبطة بقواعد مُوحدة( ). لكن البرفيسور سيمون باربولا يرى ديمومة الهوية الآشورية عقب الأزمنة الامبراطورية فيقول : من المهم جلب الانتباه إلى حقيقة أن الأقوام الناطقة بالآرامية « الآراميون يعتبرون ناطقين بها مع كونها لغتهم » في الشرق الأدنى كانوا يعرفون أنفسهم منذ الأزمنة القديمة بالآشوريين ، وهم مستمرون في هذا التعريف لحد الآن. إن تشخيص السريان والآثوريين المعاصرين لأنفسهم بتسميات « سوريويو » و « سورايا » مقرونة في جذر اللغة بالتسمية القديمة لـ « اسيريان » والتي هي « آشورايو » . ويخلص إلى نتيجة مفادها أن : الآرامي منذ تسميته بهذه التسمية هو آشوري القومية والانتماء في الأصل الإنساني أي الوراثة والدم !! .يقول المؤرخ هيروديت: إن جميع الشعوب البربرية تسمى هذا الشعب المقاتل بالآشوريين إلا أننا نحن الإغريق نسميهم سريانًا . و يقول المفكر الفرنسي ريبانس دفان : كلمة سرياني وضعها اليونان وهي مشتقة من كلمة آشوري . ويقول الخوري عيسى : السريان أحفاد الآشوريين القدماء . وهذا في نظري ابتعاد عن النظرة الموضوعية التاريخية لتسلسل الأحداث التي تمت على أرض الواقع ، والحقيقة أن السريان انحدروا من الشعب الآرامي ، والأقلية من الآراميين دخلوا المسيحية تحت تسمية السريانية وأنكروا تسميتهم الآرامية الوثنية لأجل قبولهم فيها ، وهي الحقيقة التي أكدها العالم الفرنسي رينان . أما تسمية سوريا التي اشتق منها اسم السريان فسببه أن سلوقس عندما خضعت له سوريا بعد 304 ق.م لانحصاره فيها لأن بقية المناطق سقطت عن حكمه ، أطلق على نفسه ملك سوريا ، ودائمًا الدولة الغازية أو المحتلة أو المتسلطة إداريًا على دولة أخرى تأخذ المعلومات العامة والخاصة من السلطة التي حكمت قبلها ، ولما كان الفرس هم الذين سموا المنطقة بآسورستان ، لأنهم ترجموها إلى لغتهم من بلاد آشور . وجاء السلوقيون الإغريق فصاروا يقيدون بها ، فالجغرافي اليوناني سترابون في القرن الأول قيل الميلاد ، عندما نقل قول بوسيدونيس الذي هو مرادف لقول هيرودويت الذي كان قبله بزمن بعيد قد خاطب التاريخ به كما أوضحته أعلاه . ويرى الكاتب أنه لو طبق الترادف بين معنى كلمة آرام على السريان لما حصل على المعنى التوافقي التقاربي بالفهم اللغوي بين الكلمتين لأنه لا علاقة لأي منها بالأخرى ، كل منها في وادي غير واديها الاصلي ، لكن عندما نطبق كلمة آشور المترجمة إلى اسيريان حسب لغة الإغريق - وهم من قدموها لنا - ولثقل الألف من بداية الكلمة وقبول اللغة بها شطبت وتحولت إلى سريان . ثم يتساءل : هل يجوز هذا الترادف بينهما ؟ ويجيب بـ : نعم لأنها تسمية لقوم معين اسمه آشور ( اسيريان أو سريان لاحقًا ) موجود ، وأطلق عليه ويعطي لنا نفس التوافق والتقارب بالمعنى والانتساب ونفس المفهوم اللغوي . وهنا لنقل لماذا يقبل الآراميون استبدال تسمية قوميتهم بأخرى لا علاقة لهم بها ؟ وما الدوافع لها ؟ وقلنا عندما دخلوا المسيحية فرضت عليهم هذا الاستبدال لأنها بنظر الكنيسة وثنية لا قبول بها بينهم ، لأجل ذلك جرى احترام الإيمان وقبلوا تغييرها من الآرامية الوثنية إلى السريانية بنظر الكنيسة ، السريانية لا علاقة لها بالوثنية واستقرت عليها الحال لحد اليوم( ).
وأتباع المذهب السرياني النصراني اليوم هم فرقة دينية لها عقائدها ، يذكر الأرشمندريت أغناطيوس ديك كيفية نشوئها وظهورها فيقول : إن انشطار البطريركيّة الأنطاكيّة إلى طوائف عدّة تم بعد المجمع الخلقيدوني الذي عقد عام 177 ق.هـ( ) الذي حدّد وجود المسيح في طبيعتين متميّزتين بدون اختلاط ضمن وحدة الأقنوم ، وانشطرت البطريركيّة إلى فئة مؤيّدة للمجمع وأخرى رافضة له . والفئة المؤيّدة للمجمع هي الممثّلة اليوم في الكنيسة المسماة ملكيّة ، والفئة المعارضة ممثّلة في الكنيسة المسماة سريانيّة . وأصبح لكلّ من الفئتين بطريركها . ولما جاء الفتح العربي ثبّت شهذا الانقسام ، واعترف لكلّ من الطائفتين بالحقوق نفسها . وأخذت كلّ منهما تتطوّر بنوع مستقلّ ، ومالت الطائفة الخلقيدونيّة نحو البيزنطيّين وسمّاها أخصامها بالملكيّة ، بينما تشدّدت الطائفة غير الخلقيدونيّة في طابعها السرياني وتخلّت عن استعمال اليونانيّة ونعتها أخصامها باليعقوبيّة . وكان للبطريرك الأنطاكي في القرون الأولى بعض النفوذ في مناطق المملكة الفارسيّة في العراق وإيران . إلاّ أنّ كنيسة هذه المناطق أعلنت استقلالها التام عن أنطاكية في أواخر القرن الثالث قبل الهجرة( ) ، نظراً إلى العداوة المستحكمة بين الدولتين الفارسيّة والرومانيّة . ثمّ إنّ الكنيسة في بلاد فارس تمسّكت رسميّاً بالمذهب النسطوري القائل بأقنومين في المسيح بعد أن طورد أنصار هذا المذهب من المملكة الرومانيّة .
ويعرف الكتّاب العرب القدماء ثلاثة مذاهب مسيحيّة : اليعقوبيّة والنسطوريّة والملكيّة . فاليعاقبة هم القائلون بأُقنوم واحد وطبيعة واحدة في المسيح ، وهم يقطنون بلاد الشام ومصر والحبشة . وقد يطلق اسم اليعاقبة على أقباط مصر أنفسهم . والنساطرة هم القائلون بأُقنومين وطبيعتين في المسيح . وهم متمركزون خاصة في العراق وإيران وآسيا الوسطى والهند ، وبلغت بعض رسالاتهم الصين . أمّا كلمة سريان فلم تكن تعني مذهباً خاصاً بل تشمل اليعاقبة والنساطرة وأحياناً الملكيّين ، وكانوا ينعتون أيضًا النساطرة بالسريان الشرقيّين واليعاقبة بالسريان الغربيّين . وكانوا يتميّزون - علاوة على مذهبهم - بطريقة كتابتهم السريانيّة ولفظها . أما الملكيّون فهم القائلون بأقنوم واحد وطبيعتين في المسيح ، وهم يقطنون البلاد العربيّة : سورية مع فلسطين ومصر . وأيضاً نصارى الغرب التابعين لبابا رومة ومسيحيّو المملكة البيزنطيّة وما يتبعها من بلاد المسكوب والبلغار وغيرها .
ونتيجة الانشقاقات المستمرة فقد أصبح لبطريركيّة أنطاكيّة خمسة بطاركة في آن واحد . فلدينا الآن بطريرك أنطاكي للروم الأرثوذكس ، وبطريرك أنطاكي للروم الكاثوليك ، وبطريرك أنطاكي للسريان الأرثوذكس ، وبطريرك أنطاكي للسريان الكاثوليك ، وبطريرك أنطاكي للموارنة.
وعنى الرومان بكلمة سريان سكّان مقاطعة سورية الرومانية الأصليّين وقاعدتها أنطاكية . وكانت تمتد من جبال طوروس إلى صحراء سيناء ، ومن البحر المتوسّط إلى حدود المملكة الفارسيّة شرقي الفرات - وهم مزيج من الشعوب الساميّة القديمة التي استوطنت بلاد الشام عبر العصور من كنعانيّة وفينيقيّة وأمّوريّة وآراميّة وغيرها . وكانت اللغة السائدة قبل الفتح اليوناني اللغة الآراميّة . وكانت اللغة الرسميّة والدبلوماسيّة المتداولة في الشرق حتى غزت الإمبراطوريّة الفارسيّة وتكلّم بها اليهود ناسين لغتهم العبريّة . وقد كُتب بها بعض المقاطع من كتب العهد القديم وإنجيل متّى الذي فُقد في أصله الآرامي ولم يبقَ لنا سوى ترجمته اليونانيّة .
وبعد فتح الإسكندر اكتسبت سوريّة طابعاً يونانيّاً فتسمّت المدن والناس بأسماء يونانيّة ، وانتشرت العادات القادمة من اليونان ، وأصبحت اللغة اليونانيّة لغّة الدولة ولغة العلوم والثقافة . ولا يخفى أنّ كتب العهد الجديد وُضعت باليونانيّة ، وأنّ الأغلبيّة الساحقة من آباء الكنيسة في سورية وفلسطين كتبوا باليونانيّة حتى القرن السادس ، وكانت اليونانيّة اللغة الرسميّة المتداولة في المجامع المسكونيّة والإقليميّة والمراسلات الكنسيّة . وكانت الصلوات الطقسيّة والوعظ تقام في المدن باليونانيّة ، وكان هناك من يترجمون إلى السريانيّة القراءات والوعظ في سبيل الشعب البسيط الذي لا يفقه اليونانيّة . ومن يدّعي أنّ اليونانيّة كانت لغة المحتل الروماني ينمّ عن عدم معرفته لأمور التاريخ ، لأنّ لغة الدولة والجيش الروماني كانت اللاتينيّة ، واليونانيّة كانت متأصّلة في سورية إذ أصبحت لغة العلم والثقافة . ومن جهة أخرى يخطئ من يظن أنّ معظم سكّان سورية كانوا يوناناً لأنّ اللغة اليونانيّة كانت أكثر شيوعاً في الكتابة . فالشعب بنوع عام بقي متمسّكاً باللغة السريانيّة ، والمدن التي أخذت اسماً يونانيّاً بعد فتح الإسكندر عادت إلى اسمها السامي القديم عند الفتح الإسلامي ، ممّا يدلّ على أنّه كان لا يزال متداولاً بين الشعب ألف سنة بعد فتح الإسكندر . مثل (عكّا = بطوليمائيس ، حلب = بيريه ، منبج = ايرابوليس ، حماة = ابيفانيا ، عَمَّان = فيلادلفيا ، جبيل = بيبلوس ، بعلبك = هليوبوليس ، الرها = أديسّا...) . وبعد الفتح الإسلامي تضاءلت اللغة اليونانيّة إذ عرّب عبد الملك الدواوين وهاجر عدد كبير من الناطقين باليونانيّة إلى بلاد الروم ، وأخذ الشعب ينطق بالعربيّة . وإذا كان يوحنّا الدمشقي يكتب باليونانيّة مؤلّفاته اللاهوتيّة الشهيرة في أواسط القرن الثامن ، ففي القرن العاشر اضطر قسطا بن لوقا البعلبكي إلى التوجّه إلى بلاد الروم ليتمكّن من اليونانيّة . إلاّ أنّه لا بدّ من القول أنّه لغاية القرن التاسع هناك فئة من المثقّفين حتى من أبناء الكنيسة السريانيّة يتقنون اليونانيّة بما فيه الكفاية ، حتّى أنّهم نقلوا من هذه اللغة إلى العربيّة أهمّ الكتابات العلميّة والفلسفيّة . أمّا السريانيّة فقد ظلّت متداولة فترة أطول ومع ذلك ما عتّمت العربيّة أن أخذت مكانها كلغّة شعبيّة ولغة الثقافة ، وانحصرت السريانيّة في الطقوس إلاّ في بعض المناطق المنعزلة كقرى طور عبدين وجبال الموصل ومنطقة معلولا( ).
وفي الحقيقة فإن التسميتين الآرامية والسريانية استمرتا تطلقان على الشعب الآرامي بشكل مرادف لغاية القرن الثالث عشر، إلى أن انفردت تسمية سريان واحتجبت تسمية آراميين عن الاستعمال . وهذا واضح في المؤلفات والكتب السريانية الآرامية . وكان الآراميون قديماً قبائلاّ كثيرة العدد منتشرة في كل أنحاء (آراميا التاريخية القديمة) . وأول مرة ذُكر فيها اسم الآراميين في المدونات التاريخية كان (2300) ق.م في جنوب العراق. وبعد حوالي (1500) ق.م بدأوا يؤسسون مئات الدول والممالك والإمارات في كل أنحاء منطقة الهلال الخصيب ، أي آراميا ، فوحّدوا هذه المنطقة بعنصرهم الآرامي ، و لغتهم الآرامية السهلة ، وبحضارتهم وثقافتهم الخ( ).
أما التنظيمات الإدارية في سورية الرومانية فكانت مقاطعة الشام مقسومة إلى 15 إقليماً مدنيّاً ، وإنّ المجمع الخلقيدوني اقتطع أقاليم فلسطين الثلاثة التابعة أصلاً للبطريركيّة الأنطاكيّة ليشكّل منها بطريركيّة خامسة هي بطريركيّة القدس الذي لم تعترف بها الكنيسة السريانيّة .
ويرى الكاتب أن اسم السريان ليس بجامع ولا بمانع . فالسريان ليسوا بأجمعهم من أتباع هذه الكنيسة ، وهناك النساطرة والفئة الكبيرة من الخلقيدونيّين الذين هم سريان حقيقيّون . وعندما نقول أنّ سكّان المنطقة الفلانيّة من الريف السوري أو رهبان هذا الدير كانوا سرياناً فهذا لا يعني حتماً أنهم على مذهب الكنيسة المسماة الآن بكنيسة السريان الأرثوذكس إذ قد يكونون ملكيّين أو نساطرة . ثمّ أنّ أتباع الكنيسة السريانيّة ليسوا كلّهم سرياناً ، فهناك بعض العناصر اليونانيّة من سوريّة ومن جنوب الأناضول انضمّت إليها . أمّا مسيحيّو الهند من أتباع الطقس السرياني فلا يمكن أن يُقال عنهم إنّهم سريان إلاّ من باب التوسّع . والمعروف أنّهم هنود حقيقيّون من مقاطعة الملبار ، كانوا حتّى القرن السابع عشر تابعين للكنيسة النسطوريّة ، وانضمّ معظمهم إلى الكثلكة عند فتح البرتغال للبلاد . والفئة المعارضة للاتّحاد مع رومة ولنفوذ الغربيّين ارتبطت بالبطريركيّة السريانيّة الأنطاكيّة ، لأنّ البطريركيّة النسطوريّة كانت في تلك الفترة اتّحدت برومة ، وأصبحت البطريركيّة الكلدانيّة .
وتبعًا لذلك فإن لكلمة سريان أربعة مفاهيم : عنصريّة ولغويّة وطقسيّة ومذهبيّة . وقد تنطوي على فئة من جانب أو آخر ولا تنطوي عليها من سائر الجوانب . فالملبار ليسوا سرياناً إلاّ من جهة الطقس والمذهب ، والسريان الكاثوليك من جانب العنصر واللغة والطقس دون المذهب (بمفهوم السريان الأرثوذكس) ، والملكيّون سريان بالعنصر واللغة ولفترة ما في الطقس وليس في المذهب ، والنساطرة سريان من ناحية اللغة وقد لا يكون في العنصر إذ بينهم من هم من عنصر إيراني أو عربي ومنهم من هو من عنصر سرياني ، أمّا من ناحية المذهب والطقس فليسوا بسريان . فعندما نتكلّم عن السريان وأمجاد السريان يجب أن نوضح من نعني بهذه الكلمة ولا نحصر مفهومها بفئة معيّنة . وقد عنى بعضهم بالسريان الغربيّين السريان الأرثوذكس ، وبالسريان الشرقيّين النساطرة ، وهذا الاصطلاح الجغرافي لا يفي دوماً بالمرام( ).
ويقسم بولس بيداري أمة السريان اليوم إلى خمسة أقسام هي : الماروني والأَشوري والسُّرياني الأرثوذكسي والسرياني الكاثوليكي والكلداني. لأننا جميعاً بأسمائنا المختلفة سريان على السواء وبدرجة واحدة منذ آلاف السنين( ).
وكلمة أرثوذكس هي كلمة يونانيّة تعني المستقيم الرأي . وكلتا الفئتين تتسمّى بها لأنّها تحسب نفسها على صواب . وإذا قرأت عند مؤرّخ قديم ما وقع للأرثوذكسيّين لا تدري عن أيّة فئة يتحدّث إن لم تكن تعرف مذهب الكاتب . ولذا فتسمية سريان أرثوذكس لم تكن دارجة عند الكتّاب المحايدين لما فيها من التباس . وعند الكتّاب المسلمين ما من أحد أرثوذكسي . وكلمة يعاقبة بالنسبة إلى يعقوب البرادعي . وهو الاسم الذي عرف به العرب مذهب السريان المعارضين للمجمع الخلقيدوني والقائلين بطبيعة واحدة مركّبة في المسيح . إنّ يعقوب البرادعي ليس مؤسّس هذه الكنيسة ، كما أنّ نسطور ليس مؤسّس الكنيسة المسماة بالنسطوريّة ، إنّما ليعقوب البرادعي الفضل الكبير في إعادة تنظيم هذه الكنيسة وديمومتها في كيان مستقل عن الكنيسة الرسميّة في الدولة البيزنطيّة . فكلمة يعاقبة اصطلاح سهل الاستعمال ويتحاشى في كتابة التاريخ ما في كلمة سريان أرثوذكس من التباس ، وقد استعملها ابن العبري نفسه وهو من كبار أئمّة هذه الكنيسة ، ولا داعي للنفور من هذا اللقب إذ أنّه مجرّد اصطلاح كلقب الملكيّين أو الموارنة . وكلمة منوفيزيّين أو أنصار الطبيعة الواحدة يطلقها المؤرّخون البيزنطيّون على السريان الأرثوذكس والأقباط والأرمن الذين لم يقبلوا المجمع الخلقيدوني . وهذه الكلمة فيها بعض الالتباس لأنّها لا تميّز تعليم هذه الكنائس عن آراء أوطيخا . . وأمّا تسميتهم بالروم فهي محدثة ، ولم تكن دارجة في زمن الدولة العربيّة الإسلامية ، وإنما أحدثتها الدولة العثمانية بعد فتحها لسورية عام 1516م حيث أقرّت هيمنة البطريرك المسكوني على البطاركة الملكيّين ، إذ عُدَّ مسؤولاً أمامهم عن جميع المسيحيّين الذين على مذهبهم ، وعُدَّ الملكيّون روماً . ولا يخفى أنّ كلمة روم لا تنطبق على الملكيّين إلاّ من جانب واحد هو الطقس الذي اقتبسوه في فترة متأخّر ة . ولمّا انشطرت الطائفة في القرن الثامن عشر إلى فئتين اتّحدت الواحدة مع رومة والثانية ظلّت مقاطعة لها ، واتّخذت الأولى لقب كاثوليك لتمييزها عن الفئة الأخرى التي احتفظت بلقب أرثوذكس . وكلمة "كاثوليكيّة" كلمة يونانيّة وهي من صفات الكنيسة المذكورة في قانون الإيمان وتعني أنّ الكنيسة شاملة وجامعة وليست منحصرة في قومية أو منطقة معيّنة . والكثلكة والأرثوذكسيّة (أي استقامة الرأي) من علامات الكنيسة الحقيقيّة ، إنما حُصر اصطلاح "كاثوليكية" بالكنيسة الرومانيّة والكنائس الشرقيّة التي انضمت إليها ، و"أرثوذكسيّة" بالكنائس الشرقيّة القديمة( ).
ومن حق القارئ أخيرًا أن نذكر له مدينة : أسريا « سريانا » Syriana : وهي مدينة قديمة ، جددها وأضاف عليها الرومان بعض المنشآت . وتقع على طرف منحدر في البادية ، على بعد « 100 » كم شرقي حماة , وكان اسمها القديم سيريان ، ولم يبق منها إلا خرائب , ما عدا المعبد الذي لا يزال محافظًا على شكله ، ويتألف من ثلاثة طوابق مبنية من الحجر الجيري . يتوسط واجهته الشرقية مدخل واسع تزينه زخارف نافرة جميلة ممتدة من أعلاه إلى أدناه ، ويوجد على جانبي المدخل برجان لأحدهما درجات توصل إلى سطح المعبد . ويعتقد أن هذه الأبنية كانت فيما مضى محطة للقوافل التجارية التي تقطع بادية الشام( ). ويوجد اليوم مدينة ثانية باسم سريانة بولاية باتنا في الجزائر ، لا تزال قائمة إلى وقتنا الحالي( ). ونحب أن نضيف أن كلمة سريانا مثلها مثل أرمانو لا تزال علمًا على بعض الأشخاص . وأخًيرًا لا ننس الفيلم سريانا الذي كتبه وأخرجه الأمريكي ستيفن كاهان وتم عرضه في كثير من دول العالم .
وفي ختام هذه الجولة مع مسميات « جبل الشيخ » فإن الاسم الحالي قد أصبح الاسم الرسمي الذي يعرف به ، وطغى على المسميات الأخرى التي آوت خجلة إلى بطون الكتب وذاكرة التاريخ الماضي ، وبقيت أثرًا من تلك الآثار التي تشهد بقدسية هذا الجبل ، وعظمته ، ودوره في حياة شعوب المنطقة على ما فصلناه فيها سابقًا .
الباحث : محمود بن سعيد الشيخ