تابع تسميات قطنا - إقليم البلان - 2
البلان = العوسج
يرى أحد الكتاب أن : نباتات العوسج والغرقد( ) والعليق تجتمع في صفة واحدة مشتركة ، وهي كونها نباتات شوكية .ويبدو له بأن كلمة عوسج هي القاسم المشترك بين هذه الأصناف النباتية ، وأنها تعني : الشوك ولا تعني نباتاً أو فصيلة نباتية بعينها ، لذلك أتت مرادفة للنوعين ، فتم الخلط بين العوسج والغرقد من جهة ، والعوسج والعليق من جهة أخرى .فالغرقد: Lycium » الذي هو عوسجة كبيرة » يشمل عدة أنواع من الشجر الشوكي هو من فصيلة الباذنجانيات : Solanacées . وأما العوسج بمعنى العليق Ronce , mûrier sauvage فلقد ورد على هذا النحو أيضًا لدى ابن سينا وكذلك في معجم Larousse » عربي ـ فرنسي » وهو من فصيلة الورديات Rosacées . وأما العوسج بحسب لسان العرب فهو يعني نوعًا آخر من الشوك » هو نبات البلان Ballan المنتشر كثيرًا في المناطق الشرقية لحوض البحر المتوسط » يقال له أيضًا النتش في فلسطين ، والذي يسمى باللاتينية : Poterium Spinosum من فصيلة الورديات Rosacées واسمه بالفرنسية Pimprenelle épineuse( ). وقيل البلان هذا العوسج وهي عربية( ). وهذا يقودنا إلى البحث في مصطلح العوسج .
مصطلح العوسج
قال تعالى : » فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِيءِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ : أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ »( ). قال الماوردي : فأحل الله كلامه في الشجرة حتى سمعه موسى منها ، لأنه لا يستطيع أن يسمعه من الله ، وهذه أعلى منازل الأنبياء أن يسمعوا كلام الله من غير رسول مبلغ . وكان الكلام مقصورًا على تعريفه بأنه الله رب العالمين ، إثباتاً لوحدانيته ونفياً لربوبية غيره ، وصار بهذا الكلام من أصفياء الله من رسله ، لأنه لا يصير رسولاً إلا بعد أمره بالرسالة ، والأمر بها إنما كان بعد هذا الكلام . فإن قيل : فكيف أضاف البركة إلى البقعة دون الشجرة ، والشجرة بالبركة أخص ، لأن الكلام عنها صدر ومنها سُمِعَ ؟ قيل عنه جوابان : أحدهما : أن الشجرة لما كانت في البقعة أضاف البركة إلى البقعة لدخول الشجرة فيها ، ولم يخص به الشجرة فتخرج البقعة ، وصار إضافتها إلى البقعة أعم . الثاني : أن البركة نفذت من الشجرة إلى البقعة فصارت البقعة بها مباركة فلذلك خصّها الله بذكر البركة ، قاله ابن عباس . والشجرة هي العليق( )، وهي العوسج( ). وعن الكلبيِّ : الشَّجرةُ التي منها نُوديَ : شجرةُ العَوسجِ ، ومنها كانت عصاه( ). وقال العز بن عبد السلام : » الشَّجَرَةِ » العليق وهو العوسج( ). وعن وهب بن منبه قال : شجرة من العُلَّيق ، وبعض أهل الكتاب يقول : من العوسج . وقال قتادة : هي من العوسج( ). وجمع البغوي أقوال المفسرين قائلًا : قال ابن مسعود : كانت الشجرة سمرة خضراء . وقال قتادة ، ومقاتل ، والكلبي : كانت من العوسج . وقال وهب : كانت من العليق . وقيل : كانت شجرة العناب ، روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما( ). وقال السمعاني : قالوا : كانت شجرة العوسج هي أول شجرة غرست في الأرض ، وقيل : شجر العليق( ). وقال حقي في تفسير : » فلما تجلى ربه للجبل »( ). وهذا الجبل إذا كسرت حجارته يخرج من وسطها صورة العوسج على الدوام ، وتعظيم اليهود لشجرة العوسج لهذا المعنى ، ويقال لشجرة العوسج شجرة اليهود( ). وقال البقاعي : شرح ما مضى من التوراة : كان موسى يرعى غنم » يثرو » ختنه حبر مدين ، فساق بالشاء إلى طرف البرية وأتى إلى حوريب جبل الله ، فتراءى له ملك الله بلهب النار من جوف العوسج ، تشتعل فيه النار ، ولم يكن العوسج يحترق ، فقال موسى : لأعدلن فأنظر إلى هذه الرؤيا العظيمة ؛ ما بال هذه العوسجة لم تحترق ؟ فرأى الرب أنه قد عدل لينظر ، فدعاه الله من جوف العوسج وقال له : يا موسى ، يا موسى ! فقال : هأنذا ! قال : لا تدن إلى ههنا ، اطرح خفيك عن قدميك ، لأن المكان الذي أنت واقف عليه مكان طاهر ، وفي نسخة : مقدس ، وقال الله : أنا إله أبيك إبراهيم ، إله إسحاق ، إله يعقوب ، فغطى موسى وجهه لأنه فرق أن يمد بصره نحو الرب( ). وقد ورد في التوراة حوار بين الأشجار : » مَرَّةً ذَهَبَتِ الأَشْجَارُ لِتَمْسَحَ عَلَيْهَا مَلِكاً ، فَقَالَتْ لِلّزَيْتُونَةِ : امْلِكِي عَلَيْنَا . فَقَالَتْ لَهَا الّزَيْتُونَةُ : أَأَتْرُكُ دُهْنِي الَّذِي بِهِ يُكَرِّمُونَ بِيَ اللَّهَ وَالنَّاسَ , وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟ ثُمَّ قَالَتِ الأَشْجَارُ لِلتِّينَةِ : تَعَالَيْ أَنْتِ وَامْلِكِي عَلَيْنَا . فَقَالَتْ لَهَا التِّينَةُ : أَأَتْرُكُ حَلاَوَتِي وَثَمَرِي الطَّيِّبَ وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟ فَقَالَتِ الأَشْجَارُ لِلْكَرْمَةِ : تَعَالَيْ أَنْتِ وَامْلِكِي عَلَيْنَا . فَقَالَتْ لَهَا الْكَرْمَةُ : أَأَتْرُكُ مِسْطَارِي الَّذِي يُفَرِّحُ اللَّهَ وَالنَّاسَ وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟ ثُمَّ قَالَتْ جَمِيعُ الأَشْجَارِ لِلْعَوْسَجِ : تَعَالَ أَنْتَ وَامْلِكْ عَلَيْنَا . فَقَالَ الْعَوْسَجُ لِلأَشْجَارِ : إِنْ كُنْتُمْ بِالْحَقِّ تَمْسَحُونَنِي عَلَيْكُمْ مَلِكاً فَتَعَالُوا وَاحْتَمُوا تَحْتَ ظِلِّي ، وَإِلاَّ فَتَخْرُجَ نَارٌ مِنَ الْعَوْسَجِ وَتَأْكُلَ أَرْزَ لُبْنَانَ ! »( ). وورد فيها أيضًا : » حينئذ أرسل امصيا رسلًا إلى يهواش بن يهواحاز بن ياهو ملك إسرائيل قائلًا : هلم نتراءى مواجهة . فأرسل يهواش ملك إسرائيل إلى امصيا ملك يهوذا قائلًا : العوسج الذي في لبنان أرسل إلى الأرز الذي في لبنان يقول : أعط ابنتك لابني امرأة ، فعبر حيوان بري كان في لبنان وداس العوسج »( ). وورد فيها أيضًا : » الذين يقطفون الملاح عند الشيح وأصول الرتم خبزهم . من الوسط يطردون يصيحون عليهم كما على لص . للسكن في أودية مرعبة وثقب التراب والصخور . بين الشيح ينهقون تحت العوسج ينكبون »( ). وذكر فيها أيضًا : » عبرت بحقل الكسلان وبكرم الرجل الناقص الفهم . فإذا هو قد علاه كله القريص ، وقد غطى العوسج وجهه ، وجدار حجارته انهدم »( ). وورد فيها أيضًا : » للرب سيف قد امتلأ دمًا ، أطلي بشحم بدم خراف وتيوس ، بشحم كلى كباش ، لأن للرب ذبيحة في بصرة ، وذبحًا عظيمًا في أرض أدوم . ويسقط البقر الوحشي معها ، والعجول مع الثيران ، وتروى أرضهم من الدم ، وترابهم من الشحم يسمن الشحم . لأن للرب يوم انتقام ، سنة جزاء ، من أجل دعوى صهيون . وتتحول أنهارها زفتًا ، وترابها كبريتًا ، وتصير أرضها زفتًا مشتعلًا . ليلًا و نهارًا لا تنطفئ ، إلى الأبد يصعد دخانها ، من دور إلى دور تخرب ، إلى أبد الآبدين لا يكون من يجتاز فيها . ويرثها القوق والقنفذ ، والكركي والغراب يسكنان فيها ، ويمد عليها خيط الخراب و مطمار الخلاء . أشرافها ليس هناك من يدعونه للملك ، وكل رؤسائها يكونون عدمًا . ويطلع في قصورها الشوك القريص ، والعوسج في حصونها ، فتكون مسكنًا للذئاب ، ودارًا لبنات النعام »( ). وذكر فيها أيضًا : » ماذا تصنعون في يوم الموسم ، وفي يوم عيد الرب ؟ إنهم قد ذهبوا من الخراب ، تجمعهم مصر ، تدفنهم موف ، يرث القريص نفائس فضتهم ، يكون العوسج في منازلهم »( ). وذكر فيها أيضًا : » اليدان إلى الشر مجتهدتان ، الرئيس طالب ، والقاضي بالهدية ، والكبير متكلم بهوى نفسه فيعكشونها . أحسنهم مثل العوسج ، وأعدلهم من سياج الشوك ، يوم مراقبيك ، عقابك قد جاء ، الآن يكون ارتباكهم »( ).
وورد عن ابن عباس – رضي الله عنه – أنه قال : » سيد السموات السماء التي فيها العرش ، وسيد الأرضين التي نحن عليها ، وسيد الشجر العوسج ، ومنه عصا موسى » . إسناده ضعيف جدًا( ). وعن محمد بن الحنفية عن أمير المؤمنين علي - عليه السلام - قال : » عرض الله أمانتي على السموات السبع بالثواب والعقاب ، فقلن : ربنا لا تحملنا بالثواب والعقاب ، لكننا نحملها بلا ثواب ولا عقاب . وإن الله عرض ولايتي وأمانتي على الطيور ، فأول من آمن بها البزاة البيض والقنابر ، وأول من جحدها البوم والعنقاء ، فلعنهما الله من بين الطيور ، فأما البوم فلا تقدر أن تطير بالنهار لبغض الطير له ، وأما العنقاء فغابت في البحار لا تُرى . وإن الله عرض أمانتي على الأرض ، فكل بقعة آمنت بولايتي جعلها طيّبة زكيّة ، وجعل نباتها وثمرها حلواً عذباً ، وجعل ماءها زلالاً . وكل بقعة جحدت إمامتي وأنكرت ولايتي ، جعلها سبخاً ، وجعل نباتها مرّاً وعلقماً ، وجعل ثمرها العوسج والحنظل ، وجعل ماءها ملحاً أجاجاً »( ). وهو أثر موضوع من الرافضة لذلك لا نجده إلا في كتبهم !. وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : جاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن مضطجعين في المسجد ، وفي يده عسيب رطب ، فضربنا وقال : » أترقدون في المسجد ؟! إنه لا يرقد فيه أحد » . فأجفلنا ، وأجفل معنا علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » تعال يا علي ! إنه يحل لك في المسجد ما يحل لي . يا علي ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة ؟ والذي نفسي بيده إنك لتذودن عن حوضي يوم القيامة رجالا كما يذاد البعير الضال عن الماء بعصا معك من العوسج ، كأني أنظر إلى مقامك من حوضي » . » منكر جدًا »( ) . ودعونا نتذكر قول المسيح - عليه السلام - حينما يقول : « من ثمارهم تعرفهم ، هل تجني من الشوك عنبًا ، أم من العوسج تينًا ؟ »( ). وأورده لويس شيخو من إنجيلي « متى 7: 16 ولوقا 6: 44 » : على لسان المسيح - عليه السلام – بلفظ : « هل يجتنى من الشوك عنب ، أو من العوسج تين ؟! »( ). قال مفسرو النصارى لحادثة الصلب : أن الجلادين كانوا ستين نفرًا ، وأرشاهم اليهود ليميتوه بالجلد خشية أن يطلقه بيلاطس ، ونزعوا ثيابه وألبسوه لباساً قرمزياً ، وضفروا إكليلاً من شوك العوسج ، ووضعوه على رأسه ، وأنشبوا في رأسه عنفاً أشواكه حادة ، ومن هنا أخذت الكنيسة العادة على إبقاء إكليل من شعر في رأس الكهنة تذكارًا لإكليل المسيح الشوكي( ).
قال خبير الأعشاب أشرف العناني : العوسج « الغرقد » شجرة اليهود . الاسم العلمي : Lycium shawii roem ، ومن أسمائه العلمية أيضًا : (Lycium arabicum schwiein f.ex Boiss Lycium persicum miers ) ومن الأسماء المتداولة : العوسج - الغرقد - سحنون - شجرة اليهود . وسمي بهذا الاسم لأنه كما جاء في حديث شريف عن الرسول -صلى الله عليه وسلم - في حرب الهرمجدون - أن اليهودي إذا تخبأ وراء أي شجرة ستفضحه وتقول : ورائي يهودي إلا الغرقد ، فإنه لن يخبر بذلك . العائلة النباتية : العائلة الباذنجانية Solanaceae الوصف النباتي : شجرة شوكية ذات أشواك صلبة ، وللأشواك تأثير سام ، يصل ارتفاعها في الغالب من 1 إلى 2 متر ، لكنني عاينت بعضها في سيناء يصل طوله إلى 5 أمتار ، السوق خشبية تخرج منها الأشواك والزغب خصوصًا في الأطراف , الأوراق ملعقية ضيقة كاملة خضراء تميل إلى الأصفر الفاتح ، تخرج مجاميع في 3 وريقات مسلحة بأشواك جانبية , الأزهار قمعية بيضاء مزرقة ، الثمار لحمية حمراء في حجم حبة الحمص تقريبًا أو أقل( ). وقال البقاعي : يقال للقَصَدُ - بالتحريك -: العوسج - لأنه سريع التكسر( ). وقال ابْن الأَعْرابِيِّ : الضَّريعُ : العَوْسَجُ الرَّطْبُ ، فإذا جَفَّ فهو عَوْسَجٌ ، فإذا زادَ جُفوفاً فهو الخَزيزُ( ). وقال صاحب المحرر الوجيز : العوسج : جنس شجيرات من فصيلة الباذنجانيات ، أغصانه شائكة ، وأزهاره مختلفة الألوان( ). وقيل الثغامة : نوع من النبات أبيض الزهر والثمر يشبَّه به الشيب ، وقيل هي شجرة تبيض كأنها الثلج ، وقال العلامة ابن عثيمين : » تسمى العوسج »( ). والسَّمُرة : الشجرة من الطلع ، وهو العوسج( ). والأَطَدُ محركةً : عِيدانُ العَوْسَجِ( ). والأَطَدُ : العَوْسَج( ). جلهم قال : هو العوسج الأسود : أسود العود والثمرة ، وورقه شبيه بورق الآس الجبلي ، وله زهرة صغيرة تضرب إلى الصفرة( ). ومن أمثال العرب : » أشد حمرة من مصعة » ، والمصعة : ثمرة العوسج ، وهي شديدة الحمرة مدورة حلوة قال ابن عنمة :
إنْ كانَ كَرِّى وإقْدامِي لَفِي جُرَذٍ ... وسْطَ العَواسِجِ أجْنَى حَوْلَهُ المُصَعُ( )
وورد : » هُوَ أشَدُ حُمَرَةً مِنَ المَصَعة » ، وهو ثمر العَوْسَج أحمر ناصع الحمرة( ). وقال الخليل : المُصْعُ : حمل العوسج . الواحدة : مُصْعّة يكون حلواً أحمر يؤكل منه ومنه ضرب أسود يكون أردأ العوسج وأكثره شوكاً ، وهو حَبّ صغار مثل الحمّص وربما كان مرّا( ). وقيل : الغُرْنوقُ والغُرانِقُ : الذي يكونُ في أصلِ العَوْسَجِ اللَّيِّن النَّباتِ جمع : الغَرانيقُ( ). وعُرام الشَّجَرِ : العُراقُ وما سَقَطَ من قِشْرِ العَوْسَجِ( ). وعرام الشجرة : قشرها ، قال :
وتقنعي بالعرفج المشجج ... وبالثمام وعرام العوسج( )
قال الفيومي : الْعَوْسَجُ فَوْعَلٌ مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ لَهُ ثَمَرٌ مُدَوَّرٌ ، فَإِذَا عَظُمَ فَهُوَ الْغَرْقَدُ ، الْوَاحِدَةُ عَوْسَجَةٌ وَبِهَا سُمِّيَ( ). وقيل : العوسج : جنس نبات شائك من الفصيلة الباذنجانية له ثمر مدور كأنه خرز العقيق واحدته عوسجة( ). والعوسج : شجر من شجر الشوك ، والعوسج المحض يقصر أنبوبه ، ويصغر ورقه ويصلب عوده ، ولا يعظم شجره ، فذلك قلب العوسج وهو أعتقه هذا قول أبي حنيفة . وقيل : العوسج شجر شاك نجدي له جناة حمراء( ). قال كشاجم :
اجتنب الناس طريق الندى ... كأنما قد أنبت العوسجا
وهذا مأخوذ من قول بعضهم وقد سمع رجلاً يقول : تجنب الناس طريق الندى ؛ فقال : ذاك طريق نبت فيه العوسج( ). وقال منصور بن أبي منصور
يا مَنْ أنافَ بلحيةٍ تَيســـــــيَّةٍ ... بدَّلتَنَا بالوردِ شوكَ العَوْسجِ
قدْ كنتَ تُؤْنِسُنا بطلعةِ كوكبٍ ... فالآنَ تُوحشُنا بلحيةِ مَوْسَجِ( )
ومن أمثالهم : صقرٌ يلوذ بحمام العوسج( ). وورد : صَقْرٌ يَلوذُ حَمَامُهُ بِالْعَوْسِجِ . يضرب للرجل المهيب . وخصَّ العوسج لأنه متداخل الأغصان يَلُوذ به الطير خوفًا من الجوارح . قال عِمْرَان بن عصام العنزي لعبد الملك ابن مروان :
وبَعَثْتَ من وَادِ الأغر مُعَتِّباً ... صَقْراً يَلُوذُ حَمَامُه بالعَوْسَــجِ
فإذا طَبَخْتَ بِنَارِهِ أنْضَجْــتَهُ ... وَإذا طَبَخْتَ بِغَيْرِهَا لم تُنْضِجِ
يعني الحجاج بن يوسف( ). ولبعضهم في العوسج :
عذرنا النخل في إبداء شوكٍ ... يذود به الأنامل عن جناه
فما للعوســـج الملعون أبدى ... لنا شـــــوكاً بلا ثمرٍ تراه
تراه ظـــن فيه جنىً كريــماً ... فأبـــدى عدة تحمي حماه
فلا يتســــلحن لدفـــــع كف ... كـــفاه لـــؤم مجـــناه كفاه! ( )
وسرعة الغضب أنكى في العاقل من النار في يبس العوسج ، لأن من غضب زايله عقله ، فقال ما سولت له نفسه ، وعمل ما شانه وأرداها( ). والمغافير : صمغ العوسج من شجر الثمام ، كريه الريح( ). وأم العوسج : قرية في سورية تابعة لدرعا يسكنها الدروز( ). وذكر أن » المصعة » ثمرة العوسج وحمله ، وهو قدر الحمصة حلو طيب يؤكل ، أحمر ، ومنه قولهم : هو أحمر كالمصعة ، ومنه أسود لا يؤكل على أردأ العوسج وأخبثه شوكًا وعَوْسَجٌ - بلا هاءٍ - قال الشَّمَّاخ :
مُنعَّمة لم تَدْرِ ما عَيشُ شِقْوةٍ ... ولم تَغْتَزِلْ يوماً على عُودِ عَوْسَجِ
ومنه سُمِّيَ الرَّجلُ . قال أَعرابيُّ وأَرادَ الأَسدُ أَن يأْكُلَه فلاَذَ بعَوْسَجَةٍ :
يَعْسِجُني بالخَوْتَلَهْ ... يُبْصِرُني لا أَحسَبُهْ
أَراد : يَخْتِلني بالعَوْسَجة يَحْسَبُني لا أُبصِرُه . ويقال : إِن جمْعَ العَوْسَجةِ عَوَاسِجُ ، قال الشاعِر :
يا رُبَّ بَكْرٍ بالرُّدافَى وَاسِجِ ... اضْطَرَّهُ اللَّيْلُ إِلى عَوَاسِجِ
عَوَاسِجٍ كالعُجُزِ النَّوَاسِجِ
قال ابن منظور : وإِنما حَمَلْنا هاذا على أَنه جَمْعُ عَوْسَجَةٍ ، لا جَمع عَوْسجٍ الذي هو جَمْعُ عوسَجَةٍ ، لأَن جَمْع الجَمْعِ قليلٌ البَتَّةَ إِذا أَضَفْتَه إِلى جمْع الواحدِ . وعَوْسَجُ : فَرَسُ طُفَيلِ بنِ شُعَيْثٍ . والعَوَاسِجُ : قبيلةٌ معروفة . وعَوْسَجةُ : اسمُ شاعرٍ مذكور في الطَّبقات( ). وقال الأَزهري العَوْسَجُ : هو شجر كثير الشوك ، وهو ضُرُوب منه ما يثمر ثمراً أَحمر ، يقال له المُقَنّع فيه حُموضة . وقال ابن سيده : والعَوْسَجُ المَحْضُ يقصُر أُنْبُوبه ويصغُر ورقه ويصلُب عُوده ولا يعظم شجره ، فذلك قلب العَوْسَج وهو أَعتقُه ، قال وهذا قول أَبي حنيفة . قال ابن منظور : عَوْسَجَة من أَسماء العرب ، وذُو عَوْسَج موضع . قال أَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلَبِي :
أُحِبُّ تُراب الأَرض إِن تَنْزِلي به ... وذا عَوْسَج والجِزْعَ جِزْعَ الخَلائِقِ( )
والعنم : شجر لين الأغصان يشبه بنان الجواري ، وقيل : هي أطراف الخروب الشامي عن أبي عبيدة ، وقيل : هو شجر له أغصان حمر ، وقيل : هو ثمر العوسج يكون أحمر ثم يسود إذا عقد ونضج( ). ومعدن » ذي العوسج » . قال أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحمن بن عمر المتوفى 825هـ :
خذ العوسج المشهور بالشوك غارسا ** له في فتيت الطين أو كثب المسك
وأســــقه ذوب الشــــهد أو بقطـــارة ** يكون جناه الشـــوك حقًا بلا شــك
كذاك يعـــود الطبــع والأصل دائمًا ** يقينًا وتحقيقًا إلى الطبـــع والبتك( )
وجُب العوسج : لا ماء فيها إلا ماء السماء في الطريق من الفسطاط إلى المغرب بعد الإسكندرية غربًا( ). والعوسج قال الحفصي : موضع باليمامة وهو شجر، عَوْسَجة ، والعوسج شجر كثير الشوك ، وهو الذي يوضع على حيطان البساتين لمنع من يريد التسرق ، منه له ثمر أحمر . قال أبو عمرو : في بلاد باهلة معدن من معادن الفضة يقال لها عوسجة ( ). وقال الميمني : العرفج : شجر له تحرق شديد ، وهو العوسج . والعرفجة : شجرة قدر الذراع ، لها نور أصفر يلتهب النار فيه وهي رطبة من سرعتها فيها( ). قال أبو حيان التوحيدي : يقال : الأيكة من الأراك ، والعيص من السدر ، والغيطلة من الشجر ، والعضهة من الطرفاء ، والأجمة من القصب ، والوشيجة من القنا ، والغيصة من العشب ، والوهط من العوسج( ). وقال أبو طالب عبد السلام بن الحسين المأموني في الترنجين :
وســــكّــر ليس مـــن ... السكر المستخرج
أبيـض كالكافـــور أو ... كاللؤلؤ المـدحرج
فـلــو حلـــفـــت أنّـــه ... طــرزهّ لم أحـرج
فهـــو غـــذاء يغتـذي ... وهو شفاء للشجي
ظلّ من السماء يهوي ... فوق نبت العوسج
يسقط مثل اللؤلؤ ... الرطب على الفيروزج( )
الباحث : محمود بن سعيد الشيخ