من ألقاب الشيخ حسن الراعي القطناني
لقب الربيعي
قال صاحب الفتح الصمداني : « والشـيخ حسـن القطناني المشار إليه ، صبت سـجال الرضوان عليه ، هو القطب الكبير ، والعارف الشـهير : أبو عبد الرحيم : حسـن بن محمد بن علي بن حسن بن علي . من أهل شهبة حـوران ، الربيعي ، نزيل قطـنة ، من أعمال دمشق الشـام . ينتهي إلى قبيلة ربيعة الشهيرة ، ، ذات المحامد الكثيرة »( ). ولكي نتبين مدلول هذا الكلام لا بد لنا من الرجوع إلى المعاجم اللغوية وكتب الأنساب والقبائل العربية وكتب التراجم والتاريخ ، لنتسم عبقه ، ونسبر أغواره ، ونلقي أضواء نيرة على أبعاده الاجتماعية والتاريخية ، عبر عمق قبيلة ربيعة في التاريخ في الزمان والمكان ، وعبر المحامد التي أشار إليها المؤلف ، والتي هي محل جهل أكثر الناس بها ، والتي هي الشجرة التي تفرع منها غصن الشيخ حسن الراعي ، فلا يدرك الإنسان قيمة الفرع إلا بإدراك أصوله ، ولا تكتمل المعرفة به إلا بمعرفة ماضيه العريق الأصيل .
قال علماء اللغة : إِذا نسب إِلَى الرّبيع قيل : ربيعيّ . وَإِذا نسب إِلَى ربيعةِ الفَرس فَهُوَ رَبَعِيٌّ بِفَتْحَتَيْنِ( ) . قَالَ ابْن الأعرابيّ : الرَّبِيعة : الرَّوْضَة والربيعة : المزادة . والربيعة : بَيْضَة الْحَرْب . والرَبِيعة : العَتِيدة . والرَبِيعَة : الحَجَر الَّذِي يشال . وَأنْشد الْأَصْمَعِي قَول الشَّاعِر :
فُـــوهُ رَبِيـــــعٌ وَكَفُّهُ قَدَحٌ وَبَطْنُهُ حِينَ يَتّكِي شَـــرَبَهْ
سَّاقط النَّاس حوله مَرضًا وَهُوَ صَحِيح مَا إِن بِهِ قَلَبَهْ
أَرَادَ بقوله : فوه ربيع : أَي نهر لِكَثْرَة شربه ( ). والربيعة : الصَّخْرَة الْعَظِيمَة . وَتسَمى بَيْضَة الْحَدِيد : ربيعَة أَيْضًا لاجتماعها . وَرَبِيعَة : اسْم زعم قوم أَن اشتقاقه من الصَّخْرَة الْعَظِيمَة . وَقد سمت الْعَرَب ربيعَة ورَبيعًا ورُبيعًا وَهُوَ أَبُو بطن مِنْهُم ومربعًا( ). وَكَانَ ربيعَة بن نزار يسمّى القَشْعَم( ). قَالَ طرفَة فيه : " والجوز( ) من ربيعَة القشعم " . أَرَادَ القشعم فَوقف ، وَألقى حَرَكَة الْمِيم على الْعين كَمَا قَالُوا الْبكر . ثمَّ اوقعوا القشعم على الْقَبِيلَة ، قَالَ العجّاج : " إِذْ زعمت ربيعَة القِشْعَمُّ( ) " ، شدَّد ضَرُورَةً وأَجرى الوصل مجرى الوقف . فإذا شدَّدت الميم كَسَرتَ القافَ ، وكذلك بناءُ الرُّباعِيِّ المُنْبسط إذا ثُقِّلَ آخرُه كُسِرَ أوَّله . ومعنى القشعم : النَّسْرُ المُسِنُّ ، والرَّخَم ، والشَّيخُ الكبيرُ ، والْمَوْت ، والضَّخْمُ ، ويُكنى بأم قشعم عن : الحَرْبُ ، والداهية ، والضَّبع ، والعَنْكبوتُ ، وقَرْيَةُ النَّمْلِ ، والذلة ، والمنية "الموت ". والقَشْعَم : المُسِنّ من كل شيء. واسْم من أَسمَاء الْأسد لضَخَامَتِهِ. واسْم من أَسمَاء النَّسر . قَالَ اللَّيْث : القَشْعم : هُوَ المسنّ من النسور والرَخَم لطول عمره وَهُوَ صِفَةٌ ( ) ، وَقَالَ الكُميتُ يصف ابْنَيْ نِزَارِ ابْنِ مَعَدّ ، وهما رَبيعَةُ ومُضَرُ :
أَرَادُوا أَنْ تُزَايِلَ خَالِقاَتٌ أَدِيمَهُمُ يَقِسْنَ وَيَفْتَرِينَا
أَرَادَ : أَن نَسَبَهُمْ وأديمهم وَاحِد . فَإِذا أَرَادَ خَالِقَاتُ الْأَدِيم التفريقَ بَين نسبهم تَبَيَّن لهنَّ أَنه أديمٌ وَاحِد لَا يجوز خَلْقهُ للْقطع ، وضَرَبَ النساءَ الْخَالِقَاتِ للأديم مَثَلاً للنسَّابين الَّذين أَرَادوا التَّفْرِيق بَين ابْنَيْ نزَارٍ( ). ومُضَر مشتق من مَضَرَ اللبن يَمْضُرُ مُضورًا ، أي صار ماضِرًا ، وهو الذي يَحْذي اللسانَ قبل أن يَروبَ . وإنما قيل له مضر الحمراء ، وقيل لأخيه ربيعة الفرس لأنهما لما اقتسما الميراث أعطي مضر الذهب ، وأعطي ربيعة الخيل . ويقال : كان شعارهم في الحرب العمائم والرايات الحمر، ولأهل اليمن الصفر( ) . وقد أورد العلماء عدة أقوال في سبب تسميتهم :
1- الرواية الأولى : أن نزارًا لما حضرته الوفاة جمع بنيه مُضر وإيادًا وربيعة وأنمارًا فقال : يابنِيَّ ! هذه القبَّة الحمراء ، وكانت من أدم لمضر ، وهذا الفرس الأدهم والخِباء الأسود لربيعة ، وهذه الخادم ، وكانت شمطاء لإياد ، وهذه البَدْرَة والمَجْلِس لأنمارٍ يجلس فيه . فإن أشكل عليكم كيف تقتسمون فأْتوا الأفعى الجُرْهُمي ومنزله بنَجْرَان . فتشاجروا في ميراثِه فتوجهوا إلى الأفعى الجُرْهُمي ، فبينا هم في مسيرهم إليه إذ رأى مُضرًا أثر كلأٍ قد رُعي فقال : إن البعير الذي رعى هذا لأعور ، قال ربيعة : إنه لأزوَر ، قال إيادٌ : إنه لأبْتَر ، قال أنمارٌ : إنه لَشَرود . فساروا قليلاً فإذا هم برجلٍ يُضِعُ جَمَلَه . فسألهم عن البعير ، فقال مضر : هو أعور؟ قال : نعم . قال ربيعة : هو أزْوَر ؟ قال : نعم . قال إيادٌ : هو أبتَر؟ قال : نعم . قال أنمارٌ : هو شَرودٌ ؟ قال : نعم . وهذه والله صِفة بعيري فدُلّوني عليه . قالوا : والله ما رأيناه . قال : هذا والله الكذِب . وتعلّق بهم وقال : كيف أصدقكم وأنتم تصفون بعيري بصفته ؟ فساروا حتى قدموا نَجْران . فلما نزلوا نادى صاحب البعير : هؤلاء أصحاب جَمَلي ، وصفوا لي صفته ، ثم قالوا : لم نرهْ . فاختصموا إلى الأّفعى ، وهو يومئذٍ حَكَمُ العرب . فقال الأفعى : كيف وصفتموه ولم تروه ؟ قال مضر: رأيته قد رعى جانبًا وترك جانبًا فعلمت أنه أعور . قال ربيعة : رأيت إحدى يديه ثابتة والأخرى فاسدة فعرفت أنه أزور ، لأنه أفسده بشدة وطئه . قال إيادٌ : عرفت أنه أبتر باجتماع بعِرِه ، ولو كان ذَيَّالاً لَمَصَعَ به . قال أنمارٌ : عرفت أنه شرود ، لأنه كان يرعى في المكان الملتف نبته ثم يجوزه إلى أرقَّ منه وأخبث نبتًا ، فعلمت أنه شَرود . فقال للرجل : ليسوا بأصحابك فاطلب بعيرك . ثم سألهم : من أنتم ؟ فأخبروه . فرحَّب بهم . ثم أخبروه بما جاء بهم . فقال : أتحتاجون إليّ وأنتم كما أرى ؟! ثم أنزلهم فذبح بهم شاةً ، وأتاهم بخمرٍ ، وجلس لهم الأفعى حيث يَرى ، ويسمع كلامهم . فقال ربيعة : لم أرَ كاليوم لحمًا أطيب منه لولا أن شاته غُذِيَت بلبن كلبة . قال مضر : لم أرَ كاليوم خمرًا أطيب منه ، لولا أنّ حَبَلَتْه نبتت على قبر . فقال إياد : لم أرَ كاليوم رجلاً أسرى منه لولا أنه ليس لأبيه الذي يُدعى له . فقال أنمارٌ : لم أرَ كاليوم كلاماً أنفع في حاجتنا منه ، وهو يسمع كلامكم . فقال : ما هؤلاء إلا شياطين . ثم دعا القهْرمان فقال : ما هذه الخمر وما أمرها ؟ قال : هي حبلة غرستها على قبر أبيك . وقال للراعي : ما أمر هذه الشاة ؟ قال : هي عناقٌ أرضعتُها بلبن كلبة وكانت أمها ماتت ، ولم تكن في الغنم شاة ولدت غيرها . ثم أتى أمه فقال لها : أصدِقيني مَنْ أبي ؟ فأخبرته أنها كانت تحت ملك كثير المال وكان لا يُولد له ، قالت : فخفت أن يموت ولا ولد له فيذهب المُلْك ، فأمكنت من نفسي ابن عمٍ له كان نازلاً عليه فولدتك . فرجع إليهم فقصّوا عليه قصتهم ، وأخبروه بما وَصَّى به أبوهم . فقال : ما أشبه القبَّة الحمراء من مالٍ فهو لمضر ، فذهب بالدنانير والإبل الحُمر ، فسميت مُضَر الحمراء . وأما صاحب الفرس الأدهم والخِباء الأسود فله كل شيء أسود ، فصارت لربيعة الخيل الدُهْم ، فقيل ربيعة الفرس . وما أشبه الشمطاء فلإيادٍ ، فصارت له الماشية البُلق فسمّيت إياد الشمطاء . وقضى لأنمار بالدراهم والأرض . فصدروا من عنده على ذلك( ). فكانوا كذلك زمانًا إلى أن أصابتهم سنة فأهلكت الشّاء وعامّة الإبل ، وذهبت بالرقّة والمتاع ، فكان ربيعة يغزو على خيله وبعيره ويعول إخوته( ).
وذكر العكبري أن : مُضر الْحَمْرَاء يرْوى بِالْإِضَافَة وبالصفة ، وَإِنَّمَا سموا مُضر الْحَمْرَاء لِأَن نزاراً لما مَاتَ ترك أَوْلَادًا أَرْبَعَة : مُضر وَرَبِيعَة وإياد وأنمار ، فتحاكموا إِلَى جرهم ، فَأعْطى مُضر الذَّهَب وقبة حَمْرَاء فسموا بذلك وأنشدوا :
إِذا مُضرُ الحَمْرَاءِ عَبَّ عُبابُها فَمَنْ يَتَصَدَّى مَوْجَها حِينَ تَزْخَرُ
وَأعْطى ربيعَة الْخَيل فسموا ربيعَة الْفرس وأنشدوا :
قُولُوا لِقَحْطانَ مِنْ ذَوِي يَمَنِ كَيْفَ وَجَدُتمْ رَبِيعَةَ الفَرْسِ
وَأعْطى إياد الْإِبِل وَالْغنم فسموا إياد الشمط وأنشدوا :
إِذا مَا إيادُ الشَّمْطِ يَوْماً تَجشَّمَتْ ظَنَنْتَ لَها صُمَّ الجيادِ تمِيدُ
وَأعْطى أَنْمَار الْحمار وَالْأَرْض وَمَا شاكلها فسميت أَنْمَار الْحمار
وأنشدوا :
فَلَوَ أنَّ أنمارَ الحِمارِ تَناصَرَتْ لَكانَ لَها مِنْ بَينَ فَيدٍ إِلَى هَجَرْ
واشتقاق مُضر من اللَّبن الماضر وَهُوَ الحامض ، وَقيل : من الشَّيْء المضر وَهُوَالرَّائِق الْحسن . يُقَال دُنْيَاهُ خضرَة مضرَّة : الْمَعْنى يَقُول طَال مقَامي عِنْد أبي الْمسك الَّذِي نعْمَته قد عَمت النَّاس . الْعَرَب العرباء : بني نزار واليمن ، وأفرد الْيمن لأَنهم من غير ولد نزار ، فَأَرَادَ أَن مَعْرُوفَه قد وسع جَمِيع الْعَرَب( ).
2- الرواية الثانية : قال أبو عبد الله محمد بن عبد السّلام الخشني : لما احتضر نزار بن معد بن عدنان ، ترك أربعة بنين : مضر وربيعة ، وأنمار ، وإياد ، وأوصى أن يقسم ميراثهم بينهم سطيح الكاهن ؛ فلما مات نزار ، صفهم سطيح بين يديه ، ثم أعطاهم على الفراسة ؛ فأعطى ربيعة الخيل ، ويقال له ربيعة الفرس . وأعطى مضر الناقة الحمراء ، فيقال له مضر الحمراء . وأعطى أنمارًا الحمار ، وأعطى إيادًا أثاث البيت( ). قَاْل الكُمَيْت :
بَنِي رَبِّ الجَوادِ فَلَا تَفِيلوا فَمَا أَنْتُم فَنَعْذِرَكُم لفِيلِ( )
ورَبُّ الجَواد : رَبيعةُ الفرَس( )، فَوضع الجَوَاد موضعَه( )
3- الرواية الثالثة : أن عمود نسب الرسول – صلى الله عليه وسلم - من معدّ بن عدنان في ابنه نزار بن معدّ ، وأمّه معانة بنت جوشم الجرهميّة ، ومنه غير مضر الذي هو عمود النسب ثلاث بطون : ربيعة الفرس وإياد وأنمار : بنو نزار . والصّريحان( ) من ولد إسماعيل - عليه السلام -: مضر الحمراء وربيعة الفرس . وقولهم : ربيعة الفرس ومضر الحمراء ، فزعموا أنه لما مات نزار تقسم بنوه ميراثه واستهمّوا عليه ؛ وكان له فرس مشهور فضله في العرب فأصابه ربيعة فقيل : ربيعة الفرس ؛ وكان له ناقة حمراء مشهورة الفضل بين العرب فأصابها مضر فقيل : مضر الحمراء ؛ وكان له جفنة عظيمة يطعم فيها الطعام فأصابها إياد ؛ وكان له قدح كبير يسقى فيه اللبن إذا أطعم فأصابه
أنمار( ) .
4- الرواية الرابعة : قال الزبير عن غير واحد من أهل العلم بالنّسب : إنهم قالوا : لما حضرت نزارًا الوفاة ، آثر إيادًا بولاية الكعبة ، وأعطى مضر ناقة حمراء فسمّي مضر الحمراء( ) ، وأعطى ربيعة فرسه ، فسمّوا ربيعة الفرس ، وأعطى أنمارًا جارية له تسمّى بجيلة فحضنت بنيه فسمّي بجيلة أنمار( ). وقال مصعب الزبيري : ولد نزار بن معد : مضر ، وإياد وبه كان يكنى : وأمهما سودة بنت عك . وربيعة وأنمار : وأمهما الحذالة بنت وعلان ابن جوشم بن جلهة بن عمرو من جرهم . فذكر بعضهم أن أنمار هذا درج بعد موت أبيه نزار ولم يعقب . وقال بعض الرواة : بل غاضب إخوته وانتفى منهم ، وأتى اليمن فحالف الأزد وانتسب إلى أراش بن عمرو بن الغوث ، أخي الأزد بْن الغوث بْن نبت بْن مَالِك بْن زيد بْن كهلان ، وتزوج بجيلة بنت صعب ابن سعد العشيرة ، فنسب ولده منها إليها ، وتزوج هند بنت مالك بن الغافق من عك أيضًا . فأما بجيلة فولدت له عبقر ابن أنمار، والغوث بن أنمار وإخوة لهما . وأما هند فولدت له أفتل وهو خثعم . وقال آخرون : تزوج أنمار هاتين الامرأتين وولدتا له ، ثم إن ولده ادعوا بعد موته بحين أنهم من ولد أنمار بن أراش . وقال ابن الكلبي : سمعت من يذكر أن نزارًا وهب لأنمار جارية يقال لها بجيلة فحضنت ولده وذلك باطل ، وإنما وهب لإياد جارية اسمها ناعمة . وقيل : ولد نزار : مضر وإياد ، وأمهما : خبية بنت عك بن عدنان ؛ وقال ابن الكلبي : سودة ، وذلك الثبت . وقال بعضهم : اسم أم ربيعة وأنمار الشقيقة بنت عك . والأول قول ابن الكلبي ، وهو أثبت( ) . وربيعة وأنمار ، وأمهما : حدالة بنت وعلان بن جوشم بن جلهمة بن عامر بن عوف بن عدي بن دب بن جرهم( ) .
5- الرواية الخامسة : قال محمد بن عبد الكريم : إنما سمي ربيعة : الفرس لأن أباه نزار بن معد كان له فرس وقبة من أدم وحمار ، فجعل الفرس لأكبر ولده ربيعة ، والقبة الذي يتلوه وهو مضر ، والحمار للثالث وهو إياد ؛ فلذلك يقال : ربيعة الفرس ، ومضر الحمراء ، وإياد الحمار( ) .
وصار من أقوال العرب : ربيعة ومضر ، ولا يقولون مضر وربيعة أصلا( ) . وذلك مثل قولهم : العُمرَان : أَبُو بكر وعُمَر، فغلّب عمر لِأَنَّهُ أخفّ الاسمين . وَقيل : سُنَّة العُمَرين قبل خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز . فَإِن قيل : كَيفَ بدىء بعمر قبل أبي بكر وَهُوَ قبله ، وَهُوَ أفضل مِنْهُ ؟ قال الأزهري : إِن الْعَرَب يَفْعَلُونَ مثل هَذَا ، يبدؤون بالأخسّ( ) ؛ يَقُولُونَ : ربيعَة ومُضَر، وسُلَيم وعامر ، وَلم يتْرك قَلِيلا وَلَا كثيرًا( ) . وربيعة الفرس : أبو قبيلة ، وهو ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان( ). وتمضّر فلان : تعصّب لمضر، ومضّرناه فتمضّر، وقيّسناه فتقيّس : أي صيّرناه منهم بالنسب إليهم ، وتمضّروا : تشبهوا بمضر ، قال الشاعر :
ولولا رجال من ربيعة لم تكن نزارٌ نزارًا لا ولا من تمضّرا( )
وقد اعتبر نزار ولديه ربيعة ومضر معتمده في الملمات ، والْعَرَب تَقُول : فلانٌ كاهِلُ بني فلَان : أَي معتَمدُهم فِي المُلِمَّات وسَنَدهم فِي المُهِمَّات ، وَهُوَ مَأْخُوذ من كَاهِل الظَّهْر ، لأنَّ عُنُق الفَرَس يتسانَد إِلَيْهِ إِذا أَحْضَر، وَهُوَ معتَمد مقدَّم قَرَبُوس السَّرج ، واعتماد الْفَارِس عَلَيْهِ ، وَمن هَذَا قولُ رؤبةَ يَمْدَح مَعَدّاً :
إذَا مَعَدُّ عَــــدَّتِ الأوائلا فابْنا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا
حِصْنَيْن كَانَا لَمَعدَ كاهِلا ومنكبين اعتليا التَّلاتِـــلاَ
أَي كَانَا يَعنِي ربيعةَ ومُضَر عُمْدة أَوْلَاد مَعَدّ كلِّهم ، وَالْعرب تَقول : مُضرُ كاهِلُ الْعَرَب ، وَتَمِيم كاهِلُ مُضَر ، وَسعد كَاهِل تَمِيم . وقيل : فلانٌ شديدُ الْكَاهِل ، أَي منيع الْجَانِب ، وَيُقَال طَار لفُلَان طائرٌ كَهْل ، إِذا كَانَ لَهُ جَدُّ وحَظٌّ فِي الدُّنْيَا( ) .
وقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبشير بْن الخصاصية : « مِمَّن أَنْت ؟ » قَالَ : من ربيعَة . قَالَ : أَنْتُم تَزْعُمُونَ لَوْلَا ربيعَة لائتفكت الأَرْض بِمن عَلَيْهَا ؟ »( ) . أفك : أَي لانقلبت بِأَهْلِهَا ، من أفكه فائتفك . وَمِنْه الْإِفْك : وَهُوَ الْكَذِب لِأَنَّهُ مقلوب عَن وَجهه ، وَالْمعْنَى : لولاهم لهلك النَّاس . تَزْعُمُونَ : بِمَعْنى تَقولُونَ ، ومفعولها الْجُمْلَة بأسرها( ). وَربيعة منعوتون بالجود كَانَ يُقَال : « يسود السَّيِّد فِي تَمِيم بالحلم ، وَفِي قيس بالفروسية ، وَفِي ربيعَة بالجود »( ). وقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : « الْفَخر وَالْخُيَلَاء فِي أهل الْوَبر»( ). يُرِيد أَصْحَاب الْإِبِل ، قيل يُرِيد ربيعَة وَمُضر( )، وَفِي الْحَدِيثِ : « الجَفَاءُ فِي هَذيْن الجُفَّيْنِ رَبِيعَةَ ومُضَر »( ) الجُفُّ والجُفَّةُ : العدَدُ الْكَثِيرُ وَالْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ ، وَمِنْهُ قِيلَ لبَكْر وَتَمِيمٍ : الجُفَّانِ . وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ : الجَفَّةُ بِالْفَتْحِ : الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ ( ) .
ويذكر أهل الأخبار أن قبائل مضر كانت تنزع إلى العراق ، وكان أهل اليمن ينزعون إلى الشام ، وأنه لم يكن أحد من العرب أجرأ على فارس من ربيعة , وقد قيل لها لذلك : ربيعة الأسد بالإضافة إلى تسميتهم رَبِيعَةَ الْفَرَسِ ، وكانت العرب في جاهليتها تسمى : فارس الأسد ، والروم الأسد( ).
والربيعي : نسبة إلى قبيلة ربيعة المشهورة بربيعة الفرس ، وربيعة الفَرَس ، أبو قبيلة : وهو ابن نزار بن معد بن عدنان . وإليه ينسب شـعب عظيم ملأ المدن والأودية ، وساد في الشرق والغرب ، قال الشاعر :
وإن أدع يومًا في ربيعة يأتني شــــــــــــــآبيب ودق مزنه يتحــــــلب
هم الناس لا ناس سواهم وإنهم حمى الأرض طابوا حيث كانوا وطيبوا
ربيـــعة أهل البأس والعز إنهم هم الصــــفو منا والصـــريح المهذب( )
وروى ابن حبيب بسند جيد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : « مات أدد والد عدنان ، وعدنان ، ومعدّ ، وربيعة ، ومضر ، وقيس عيلان ، وتيم ، وأسد ، وضبة ، وخزيمة على الإسلام ، على ملة إبراهيم صلى الله عليه وسلّم »( ) . وروى ابن عباس قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : « لا تسبوا ربيعة ومضر ، فإنهما كانا مؤمنين »( ) .
الباحث : محمود بن سعيد بن محمود بن يوسف بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ، أبو محمد الشيخ القطناني المكي . مكة المكرمة 27/12/1432هـ