تابع جبل الشيخ - أهمية جبل الشيخ
أهمية جبل الشيخ
تتجلى أهمية جبل الشيخ الكبيرة في العديد من الأمور التي عرفها الإنسان قديمًا وحديثًا ، وستبقى له هذه الأهمية التي تمتع بها في الماضي والحاضر وسيتمتع بها في المستقبل . ويمكننا أن نجمل هذه الأمور فيما يلي :
1) موقعه الحيوي الاستراتيجي : يتمتع جبل الشيخ في بلاد الشام بموقع استراتيجي فريد لا يضاهيه فيه أي جبل آخر . فهو يشرف حاليًا على أربع دول هامة في المنطقة : سوريا ولبنان وفلسطين والأردن ، كما يشرف على ساحل البحر المتوسط ومياهه حتى جزيرة قبرص ، وهذا ما يجعل منه منطقة استراتيجية رئيسة لمراقبة تحركات الأعداء ، ورصد أعمالهم العسكرية ، لذا فقد أقام العدو الصهيوني على قمته الجنوبية – حتى لو لم تكن الأعلى – أكبر مرصد في الشرق الأوسط للأغراض العسكرية المختلفة ؛ كذلك يعتبر ملجأ حصينًا لوعورة مسالكه وتنوع تضاريسه ونسيجه الجغرافي الفريد . ويمكننا أن نشير إلى بعض اللمحات التاريخية التي تعبر عن ذلك ، ومنها ما يذكره المؤرخون من أن الملك سنحاريب ابن ملك آشور سرجون الثاني الكبير ، أوقف جيشه أثناء عودته إلى شرقي سوريا بعد مشاركته في حصار السامرة عند سفوح حرمون ، عند بلدة تدعى راشا ، ولا ندري إن كانت راشيا الوادي أو راشيا الفخار مستفيدًا من حصانته الطبيعية . وقد حشد الملك الآرامي حزائيل جيوشه وتمركز فيه لمواجهة جيوش الآشوريين التي اجتاحت بلاد الشام ، وقد جاء ذلك في مخطوطة دوّنها الملك شلمنصر الآشوري في القرن السادس عشر قبل الهجرة( ) ، يصف فيها إنجازاته وأعماله الحربية بقوله : « في السنة الثالثة من ملكي عبرت الفرات للمرة السادسة عشر وكان الملك حزائيل الآرامي الواثق من قوته قد حشد جيشًا عظيمًا ، وتمركز عند جبل سنيرو – أي : جبل الشيخ - عند مداخل لبنان حصنه القوي »( ) . وهذا يدل على أن ثمة علاقة أمنية ربطت شعوب بلاد الشام المختلفة بالجبل حيث تحصنت فيه الجيوش ، ودافعت عن نفسها ، واستبسلت في الدفاع عن بلادها ضد الجيوش الغازية التي تتفوق عليها في العدد والعدة والعتاد والقوة العسكرية . وما دونه الملك الآشوري شلمنصر( ) يعتبر نموذجًا تطبيقيًا عمليًا لتلك العلاقة الأمنية الدفاعية العسكرية . وقد تحدث عن ذلك باختصار الأستاذ سعد الدين أثناء وصفه لحصن ومعبد برقش المسمى حاليًا لدى السكان بقصر برقش بقوله : وكان لهذا القصر دور هام إذ تحصن به ملك آرام دمشق « حزقائيل » عندما هاجم الآشوريون دمشق بقيادة « سليمان نصر الثالث » عام 1511 ق.هـ( ) ، بعد أن تصدى ملك الآراميين للأشوريين خارج مدينة دمشق ، وعندما أحس بالخطر لجأ إلى برقش ، وفشلت الحملة , ولكن الآشوريين أعادوا الكر ، وكانت آرام دمشق في وضع لا تحسد عليه حيث أن ملكها « رصين » لم يستطع الصمود في وجه المد الآشوري الجديد ، وقضى عليه ملك الآشوريين « تجلات بلاسر الثالث » حوالي 1396ق.هـ( ) ، ونفى كثيرًا من سكان دمشق ، وجعلها إحدى المقاطعات الآشورية( ). وهذا يدل على أن الآراميين قد نجحوا في التحصن في الجبل في المرة الأولى في مواجهة الآشوريين وردوا خطرهم عن دمشق لمدة تزيد عن قرن من الزمان . وفي مطلع القرن التاسع الهجري اجتاح تيمورلنك بجيوشه التترية بلاد الشام ودمر مدنها واحدة تلو الأخرى ، مبتدئًا بحلب وحماة وحمص وبعلبك ونزل تحت جبل الثلج – أي : جبل الشيخ – ثم نزل البقاع العزيزي ومنه انحدر إلى قطنا حيث دارت رحى المعركة بينه وبين المماليك ، وأقام فيها ثلاثة أيام أعمل السيف في أهلها ، فأباد سكانها سنة 803 هـ ، ثم نزل دمشق وأخذها بالحيلة ودمرها فصارت أكوامًا وقتل كثيرًا من سكانها( ) . وفي التاريخ المعاصر ظهرت أهمية جبل الشيخ في أثناء الثورة السورية الكبرى حيث قامت بعض أحداثها في حاصبيا ومجدل شمس التي تشهد على أهمية هذا الجبل العسكرية ، وتجلت أهميته بصورة أكبر وأوضح في الحروب الحديثة التي وقعت بين العرب وإسرائيل عامي 1387 و1393 هـ( ).
2) أهميته المائية : فهو أكبر خزان للمياه في بلاد الشام ، فهو بكمية الثلوج الضخمة التي تسقط على قممه وسفوحه ، ونظرًا لارتفاعه الشاهق ، فإن أعلاه يكون باردًا لأن درجة الحرارة تنخفض درجة مئوية واحدة لكل ارتفاع قدره حوالي 150 مترًا على ما يذكر علماء الجغرافيا والمناخ ، وبالتالي يكون أعلاه باردًا ، وهذا ما يقلل من نسبة ذوبان الثلوج ، فتستمر على قممه معظم العام . وبذلك تستمر في تغذية مياه الأنهار والينابيع والآبار الكثيرة التي يمونها ، والتي تقوم عليها المدن والقرى والمزارع المختلفة ، والتي تعتمد في شربها وري مزروعاتها المتنوعة على تلك المصادر المائية ، بالإضافة إلى مياه الأمطار حيث تقوم عليها الزراعات البعلية . وتبلغ سـماكة الثلج في جبل الشيخ عدة أمتـار في بعض السـنوات ، مما يسـمح للجبل بإختزان كميـات لابأس بها من المياه التي تتفجر ينابيع على جوانبه وفي أوديته ، منها ينابيع عرنة وبيت جن وبانياس أحد روافد نهر الأردن في سوريا ونبع اللدان في فلسطين والحاصباني والوزاني وينابيع شبعا في لبنان فضلاً عن ينابيع وعيون كثيرة لا مجال لذكرها( ). إن جبل الشـيخ الذي يختزن هذه الكميات الضخمة من المياه في جوفه كان يزدان بخضرة بديعة تكسـو جوانبه وسـفوحه حتى ارتفاع ما دون الألفي متر عن سـطح البحر المعروف بخط الأشـجار . وقد استولت إسرائيل على كثير من مياه جبل الشيخ ، ويعتبر الخبراء أن الحروب القادمة في المنطقة ستكون على توفير الموارد والمصادر المائية لتحقيق الأمن المائي .
3) أهميته الاقتصادية : كان جبل الشيخ في الماضي مكسوًا بالغابات والأشجار المعمرة الضخمة ، والتي شكلت موردًا اقتصاديًا ضخمًا للسكان ، حيث كانوا يقطعون تلك الأشجار ويستخدمونها في حاجاتهم المختلفة كالوقود والصناعات المختلفة وكمادة خام يتاجرون بها مع الدول المجاورة ، ولاسيما مع بلاد الرافدين ومصر وغيرها ، وقد استورد نبي الله سليمان بن داود – عليهما السلام – منه الأخشاب اللازمة لبناء الهيكل على ما تذكر أسفار التوراة . ومن المعروف أن جبل الشـيخ الذي يختزن كميات ضخمة من المياه في جوفه كان يزدان بخضرة بديعة تكسـو جوانبه وسـفوحه حتى ارتفاع ما دون الألفي متر عن سـطح البحر المعروف بخط الأشـجار. وإن الغابات الكثيفة التي كانت منتشـرة على سفوحه قد أكسـبته مسـحة رائعة الجمال ورونقاً بديعاً ، فقممه بيضاء ناصعة يليها زنار عريض أخضر يتدرج حتى الأودية . وأهم الأشـجار كان السـنديان أو البلوط والملول والقيقب واللبنا والزعرور والبطم والفرعم وغيرها ، وقد أمدت المناطق المجاورة والبعيدة بكميات ضخمة من الأخشـاب للصناعة والتدفئة ، ومع الأسـف فالجبل اليوم أصبح أجرداً بينما كان زاهراً يُضرب بخضرته وأشـجاره المثل( ). وسيأتي مزيد من التفصيل لذلك في حديثنا عن تسميته بجبل الأرز .
وقد درج الفراعنة على إرسال بعثات تجارية لقطع شجر الأرز ونقله عبر البحر في سفن قدر عددها في كل بعثة بـ 40 سفينة ، إلى جانب أنهم نقلوا الثلوج التي تغطي الجبل طيلة أيام السنة عبر ميناء صيدا إلى قصور الفراعنة والباحات العامة في المدن المصرية ، وظلت هذه العادة منتشرة في المدن المحيطة بالجبل أيضا حتى القرن العشرين ، فبعض الناس قد امتهنوا نقل الثلوج وبيعها في أيام الصيف القائظ ، ولعل بعض المسنين يتذكرون ذلك ، أو أنهم امتهنوا العمل ذاته في يوم من الأيام( ).
4) أهميته الدينية : لا تخفى الأهمية الدينية للجبل حيث اعتبر جبلاً مقدسًا طاهرًا ، وأبرز دلالة على ذلك تسميته باسم حرمون وبعل حرمون وسيئون ولبنان والجليل وفيوماجستو والشيخ ..الخ ، وهي ترمز إلى قدسيته لدى الشعوب ليس المجاورة له فحسب بل البعيدة أيضًا ، حيث أقيم فوق ذراه المختلفة وعلى سفوحه المختلفة أكثر من عشرين معبدًا قديمًا للأصنام ، كما أنه يطل على أكبر معبد للصنم بعل الذي يرمز إلى عبادة الشمس من دون الله تعالى في بعلبك ، كما أن أعلى ذراه جعلت مركزًا لعبادته ، حيث اشتمل على الصنم الرئيس : البعل الذي امتدت عبادته من البحر الأسود والسواحل الأوربية الجنوبية شمالاً حتى البحر العربي والصحراء الإفريقية الكبرى جنوبًا ، ومن خراسان شرقًا حتى المحيط الأطلسي غربًا ، ودعي باسمه جبل بعل حرمون ، وبعل جاد !!؟ .
لقد اهتم الكنعانيون بجبل حرمون وأعجبوا به ، وهو الذي يشرف على بلادهم بمهابة ، فأقاموا على قمته هياكل للعبادة وعبدوه باسم بعل حرمون ، أي الإله حرمون ، وكان لهم أماكن مقدسة ومزارات على رؤوس التلال في الهواء الطلق . كما إن الكثير من الأقوام الذين سـكنوا المناطق المحيطة به كانت تعبده . كذلك أقام الرومان معابد على قممه ، لعل أهمها المعبد المقام في أعلى قمة من الجبل والتي ترتفع 2814 م عن سـطح البحر والمعروفة بقصر عنترة أو شـبيب ، وما زال البعض يسميها المحرق الروماني .
وآثار بعض الهياكل موجودة على التلال والهضاب ، وأهمها الآثار الموجودة على أعلى قمة للجبل ، حيث توجد أحجار ضخمة منحوتة .
وقد نظرت بعض الأقوام إليه كمصدر عطاء وخير وبركة ، فكانوا يحجون إليه في نهاية الصيف ، أي عند انتهاء جني المواسـم الزراعية وجمعها ، للشــكر وطلب المزيد ، وحتى لا يكون حرمان أو نقص في المواسـم خلال العام المقبل . وكانت لهم مزاراتهم حيث يقيمون الاحتفالات والأدعية والصلوات .
وكان الفينيقيون يحجّون إلى جبل الشيخ « حرمون » أواخر الصيف لتقديم القرابين . وكان من عاداتهم سكب جرار الماء التي يحملونها من البحر على أرضه ، إيمانًا منهم بأن فعلتهم هذه تنيلهم رضا الإله حرمون ، فيستمر بتزويد الينابيع بالمياه إلى آخر الصيف .
هذا وقد قصد جبل الشيخ كثيرًا من العباد والزهاد والصالحين ، فأقاموا يتعبدون في مغاراته وكهوفه ، ويمارسون شعائرهم الدينية ، وذلك من مختلف الملل والديانات ، وذلك لتوفر المياه والخضراوات والمأكولات التي يحتاجون إليها . يقول فيليب حتي : كان عدد من القبائل العربية قد أوغل في هذا الجبل ولا سيما من الجنوب ، ومع ذلك فقد بقيت فيه غابات كثيرة ، وكان المسافر حتى أواخر القرن السابع الهجري( ) يصادف الأسود والدببة والخنازير البرية والحمر الوحشية ، ويضيف : نظراً لكثرة الفواكه البرية والبقول الصالحة للطعام وغزارة المياه العذبة غدا ملجأً مسـتحبًا لرهبان النصـارى ومتصوفة المسـلمين( ).
5) أهميته الجمالية والصحية : إن نسيج جبل الشيخ الطبيعي بتضاريسه المتنوعة ، ومسالكه الوعرة ، وسفوحه المتموجة ، وثلوجه البيضاء التي تكلل ذراه ، وصخوره الجميلة البديعة ، وغطائه النباتي الأخضر ، كل ذلك أضفى عليه منظرًا رائعًا من الجمال ، ذكره الأدباء والعلماء والمؤرخون . وأيضًا لارتفعاته المختلفة صار هواءه نقيًا عليلاً ، يمكن أن يستفاد منه في إقامة بعض المصحات العلاجية ، والمنتجعات السياحية ، والمنتزهات الجميلة . ولقد قال فيه المؤرخ المعاصر « فيليب حتي » : « إن جبل الحرمون بفضل تكوينه الطبيعي ، وموقعه الجغرافي ، هو أجمل قمة في هذه السلسلة ، وأشدها روعة وجلالًا ، وأبرزها إلى عين الرائي من مسافات بعيدة »( ). ويتسم حرمون بسِمَة قلّما عرفها جبل في العالم - إضافة إلى هيبته الكبيرة - يبدو للرائي الجوّال ، في هضابه وأوديته وتضاريسه المدببة والمسطحة ، خميلة مدهشة الألوان والانعكاسات . فأي إطلالة عليه تضفي لونًا مختلفًا ، يتبدّل ويتنوّع في النهار الواحد بتبدل الساعات ومواقع الشمس ، هذا التنوع يبلغ ذروته ، عندما تميل الشمس إلى المغيب ، فتتحوّل السمرة التي تغلب على الجبل إلى صفراء ، وتغدو تربته بنفسجية ، ينعكس عليه الشفق ، فتغدو حمراء فاتحة ، ثم ينمحي المشهد المزخرف عند هبوط الليل ، وتتوشى على تلك الكتل السامقة بالضوء الفضي تحت ضوء القمر المنسكب عليها من السماء . يقصده الزوار للاستمتاع بمشهد شروق الشمس وغروبها ، والسهر مع القمر وشعشعة النجوم ، التي يشعر المرء أنه قادر على التقاطها لقربه من السماء ، هذه الروعة قد لا تجد لها مثيلا في العالم . وتوجد في جبل حرمون تربة خاصة بسبب التضاريس الطبيعية ، وأوضاع المياه فيه ، ولذلك فهو يحتوي على نباتات فريدة من نوعها . فقد كان حرمون عامرًا بالأحراج في العهود السابقة أكثر من الوقت الحاضر . وكل المصادر التاريخية كانت تتحدث عن غابة غضة كانت تغطي حرمون ، تتشابك فيها جميع أنواع الشجر، الذي ما زال ينمو في محيط الجبل منها : السنديان ، الملول ، البلوط ، الشوح ، الزعرور ، الشربين ، البطم ، البرقوق ، القيقب ، والعجرم . وتشير المصادر التاريخية : أن أخشاب لبنان عامة وحرمون على الخصوص ، كانت تموّل دور الصناعة في العالم القديم ، لا سيما صناعة السفن ، وأدوات الحرب ، وتزيين القصور والمعابد . وهذا ما أدّى في فترات تاريخية متعاقبة ، إضافة لعوامل الطبيعة ، إلى زوال هذه الغابة . فقد ذكرت مراسلات تل العمارنة أن جالية مصرية كانت تقيم في جبيل ، أوفدها الفراعنة إلى المنطقة ، لتزويد مصر بالأخشاب اللبنانية . وقُدّرت شحنة الخشب الواحدة في عهد الفرعون سنفرو بحمولة أربعين سفينة ، ووُجدت بقايا أخشاب الأرز في قبور الفراعنة المكتشفة حديثًا . وتقول التوراة : إن أحيرام ملك صور الفينيقي زوّد الملك سليمان بالأخشاب اللبنانية لبناء الهيكل ، كما وُجدت كتابة في قصر يوسف الفارسي في مدينة سوسة تقول « الخشب الذي يُدعى نورينا الأرز مصدره جبل يدعى لبنان » .
والأهم من ذلك ما يمتاز به غطاؤه العشبي الكثيف المتنوع ، الذي نادرًا ما يعرف اليبوسة ، بفعل الوشاح الثلجي الأبيض ، الذي يغطي المنطقة معظم أيام السنة . ومن الأعشاب ما هو صالح للأكل : كالخبازي ، والهندباء ، والرشاد ، والشومر ، والزعتر ، ومنه ما هو صالح للحيوانات ، وآخر يدخل في عداد الأعشاب الطبية الفريدة ، حيث يمكن وصف حرمون بالصيدلية الطبية الغنية بصنوف لا تتوفر في أي مكان في العالم يقصدها العرب والأجانب من أماكن بعيدة ، في سياق ما يصح تسميته بالسياحة العلاجية . ويروي المسنّون : أن المغاربة كانوا يقصدون جبل الشيخ في الخمسينات ، للحصول على عشبة قاتلة للأمراض ، تبعث إشارات ضوئية ويضعون عليها الرماد لتمييزها في الصباح بعد شروق الشمس . وفي المدة الأخيرة ظهر نبات الزلّوع ، الذي يمتاز بخصائص طبية مميزة . وفي العالم العربي والعالم أجمع يشتهر عسل جبل الشيخ . فهو مشهور في الدول العربية وفي دول الخليج خاصة ، ويزيد عدد خلايا النحل في حاصبيا وراشيا عن أربعة آلاف خلية نحل( ) . ووصفه آخر فقال : وأهمية حرمون تكمن في ناحية التنوع البيولوجي والنباتي المتوافر في سفوحه ، فمنذ سنوات غرست شتولاً من شجر الأرز عند القمة على ارتفاع 2814 متراً ولم تنجح بسبب الارتفاع والجو البارد ، ثم أقيمت على ارتفاع 1800 متر محمية من الأرز واللزاب .
وجبل حرمون يحوي نباتات يندر وجودها في أماكن أخرى مثل القتات ، الشكرون ، النعناع الجردي وغيرها كما أن نبتة الزلّوع تنبت تحت الثلوج بدءاً من ارتفاع 2500 متر وتنتشر حول قصر شبيب ، وتعرف باسم « روتس جلجامش » . وكان عميد كلية الطب في جامعة ليون الفرنسية قد ذكر خلال رحلته إلى قصر شبيب بين عامي1297و1302 هـ( ) أنه عثر على نباتات مشابهة للزلوع في جبال الألب الفرنسية ، كما أشار إلى وجود الدببة الهوام المتنقّلة فوق الثلوج( ).
6) مركز للتجسس :
المواقع العسكرية الإسرائيلية في تلال جبل الشيخ ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة ، ترتبط مباشرة بطرقات معبدة ببعض المواقع الأخرى في الجولان العربي السوري المحتل ، وأبرزها مواقع ومراكز الرصد والتجسس ، وهي تشكل العمود الفقري للاحتلال ، ولها أكثر من طريق معبدة وترابية ، وتظهر بوضوح أجهزة الرصد والتجسس والتنصت . فبعد أن سيطر الاحتلال على قمم ومرتفعات جبل الشيخ باشر بإنشاء شبكة من الطرق لربط مواقعه بعضها بالبعض الآخر . وتمتد هذه الشبكة من معسكر النخيلة عند الطرف الجنوبي الغربي لمزارع شبعا « 300 م. فوق سطح البحر» مرورًا بكافة المواقع داخل المزارع وتلال كفرشوبا وصولًا إلى قمم جبل الشيخ المشرفة على الجولان والجنوب اللبناني « ألفي متر وما فوق عن سطح البحر» . وتبين خارطة مواقع الاحتلال الإسرائيلي هناك ، أن قوات العدو قد قسمتها الى 3 محاور، جنوبي ووسطي وشمالي ويبدو أن المحور الوسطي هو الأهم حيث تنتشر المواقع والمراصد ومحطات الإنذار على شكل مثلث نقطته الأساسية في قمة الزلقا ، وتمتد أضلاعه إلى نشبة المقبلة والفوار ومعاصر الدود مع نقاط عسكرية متفرقة ، تبدو وكأنها مخافر حماية ونقاط تموين للمواقع الأساسية . وهذا المحور الذي تتوزع مواقعه على ارتفاعات ما بين 1800 و2200 م. فوق سطح البحر يعتبر أكثر اتساعًا وعرضًا كون جبل الشيخ تتفرع منه قمم عدة ويتسع تدريجيًا نحو الجنوب والغرب « المزارع » ، مما سمح للاحتلال باستخدامها في إقامة مواقعه( ) .
الباحث : محمود بن سعيد الشيخ