تابع تسميات قطنا - وادي العجم - 2
1- الأعجم اسم علم على الذي لا يتكلم وإن كان عربيًّا ، لأنه لا يستطيع أن يفصح ويبين ويظهر ما يريد للآخرين ، ولذا دعيت الحيوانات بالعجماء . قال الخليل : الأعجم : الذي لا يُفْصِحُ . وامرأة عجماء : بيّنة العجمة( ). وقال أبو بكر الأنباري : الأعجمي ، معناه في كلام العرب : الذي في لسانه عُجْمة ، وإنْ كان من العرب . يقال : رجل أعجميّ ، ورجل أَعْجَمُ : إذا كان في لسانه عُجْمة( ). وقال الجوهري : العُجْمُ - بالضم -: الذي في لسانه عُجْمَةٌ . فكلُّ من لا يقدر على الكلام أصلاً فهو أعجم ومستعجم . والأعجم أيضًا : الذي لا يُفصح ولا يُبين كلامَه ، وإن كانَ من العرب( ). وقال أبو الفداء : الأعرابي منسوب إِلى الأعراب ، يقال رجل أعرابي إِذا كان بدوياً ، وإن لم يكن من العرب ، ورجل عربي منسوب إِلى العرب ، وإن لم يكن بدوياً ، ويقال رجل أعجم وأعجمي إِذا كان في لسانه عجمة ، وإن كان من العرب ، ورجل عجمي منسوب إِلى العجم ، وإن كان فصيحاً( ). وقال الخليل : العجماء : كلّ دابّة أو بهيمة . وفي الحديث النبوي :» جُرْحُ العجماء جُبار »( ) يقول : إذا أفلتت الدّابّة فقتلت إنسانًا فليس على صاحبها دِيَةً . وجُبار ، أي : باطل ، هدر دُمُه . والعجماء : كل صلاة لا يُقْرأُ فيهاا( ). وقال أبو بكر الأنباري : يقال للدواب : عُجْمٌ ، لأنها لا تتكلم . ويقال للظهر والعصر : العجماوان ، لأنهما لا يُجهر فيهما بالقراءة( ). وقال ابن فارس : يُقَالُ عَجُمَ الرَّجُلُ ، إِذْ صَارَ أَعْجَمَ ، مِثْلُ سَمُرَ وَأَدُمَ . وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ مَا دَامَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يُفْصِحُ : صَبِيٌّ أَعْجَم( ). وعن خالد بن معدان عن أبيه : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » إن الله - عز و جل - رفيق يحب الرفق ويرضاه ، ويعين عليه ما لا يعين على العنف ، فإذا ركبتم هذه الدواب العُجْمُ فنزلوها منازلها ، فإن أجدبت الأرض فانجوا عليها ، فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار ، واياكم والتعريس بالطريق فإنه طريق الدواب ومأوى الحيات »( ) .
2- الأعجم اسم علم على الذي في لسانه عُجْمَةٌ وإن أفصح بالعَجَمِيَّةِ : قال أبو بكر الأنباري : الأعجمي ، معناه في كلام العرب : الذي في لسانه عُجْمة وإنْ كان من العرب . يقال : رجل أعجميّ ، ورجل أَعْجَمُ : إذا كان في لسانه عُجْمة( ). وقال الفراء : الأعراب : أهل البادية ، والعرب : أهل الأمصار »المدن » . فإذا نُسب الرجل إلى أنه من أعراب البادية قيل : أعرابي . قال الفراء : ولا تقول : عربي ، لئلا يلتبس بالنسبة إلى أهل الأمصار . قال الفراء : وإذا نسبت رجلاً إلى أنه يتكلم بالعربية ، وهو من العجم ، قلت : رجل عرباني . وإنما سميت العرب عربًا ، لحسن بيانها في عبارتها ، وإيضاح معانيها . من قول العرب : قد أعربت عن القوم : إذا تكلمت عنهم ، وأبنت معانيهم( ). وقال الجوهري : الأعجم أيضًا : الذي في لسانه عُجْمَةٌ وإن أفصح بالعَجَمِيَّةِ( ). وإلى هذا ذهب الخليل عندما قال : الأعجم : كلّ كلام ليس بلغة عربيّة إذا لم ترد بها النسبة( ).
وبناء على ما تقدم من معانٍ ودلالات لغوية وجغرافية – فيما يبدو – اختلفت أقوال الباحثين في سبب استخدام مصطلح وادي العجم وتاريخ ظهوره على أربعة أقوال كما يلي :
الأول : قال أحد الباحثين : سمي وادي العجم بذلك ، لأنه كان مركزًا لتجمع جيوش صلاح الدين الأيوبي في حروبه ضد الصليبيين( ). قال ابن العماد الحنبلي : وكان نجم الدين أيوب بن شادي السعدي وأخوه شيركوه من بلد العجم ، أصلهم أكراد( ). وهذا القول لا يراعي الزمن التاريخي الذي ظهر فيه المصطلح ، ولكنه قد يكون قد مهد له وساهم في ظهوره في المستقبل بسبب تجمع ليس جيوش صلاح الدين فيه فحسب بل وقبله جيوش نور الدين ، وكلها جيوش إسلامية لكنها غير عربية الأصل .
الثاني : قالت الباحثة ثناء الهلال والكاتبة مها المصري وغيرهما أنه : في العصر المملوكي ، وطوال العصر العثماني ، وحتى عقود عديدة من القرن العشرين بدأ اسم جديد يزاحم كلمة قطنا كاسم للمدينة ، لكنه لم يلغ كلمة قطنا من الوجود هو : مصطلح » وادي العجم » حيث كانت تسمى المنطقة الممتدة من داريا إلى كناكر مرورًا بـقطنا بـ» قضاء وادي العجم » ، فكانت » قطنا » مركز هذا القضاء ، والسبب وراء إطلاق هذا المصطلح على هذه المنطقة كان من نتائج حشد» تيمور لنك – تيمور الأعرج » لجيوشه في هذه المنطقة سنة 803 هجرية( ) ، والدليل على ذلك أمران اثنان ، الأمر الأول : أن مصطلح » وادي العجم » لم يظهر في المصادر التاريخية قبل سنة 803 هجرية( ) ، والأمر الثاني أن جيش » تيمور لنك » يعتبر الجيش الغريب الوحيد الذي خيم في هذه المنطقة في تلك الفترة ، كما أن قوم » تيمورلنك » يتكلمون اللغة » المغولية » المسماة بـ » الأويغورية » وهي لغة أعجمية بالنسبة لسكان البلاد ، ولذلك أطلق على المنطقة التي خيم فيها جيش الأعجمي بعد رحيلهم » قضاء وادي العجم »( ) . وهذا السبب رغم مراعته زمن ظهور المصطلح إلا أنه ليس سببًا كافيًا لإطلاق هذا الاسم على الوادي ، لهذا ظهر الفرض الثالث في قول الأستاذ أمين .
الثالث : قال الأستاذ أمين أبو دمعة تحت عنوان» قطنا قصبة وادي العجم » : من الثابت أن اسم العجم يطلق على غير العرب . ثم قال : لم يذكر اليعقوبي المتوفى سنة 292هـ( ) الذي زار المنطقة في القرن الثالث الهجري اسم » الروم » على الإطلاق ، وإنما أطلق اسم العجم عليهم . وقد أقاموا في بلاد الشام امبراطورية مترامية الأطراف ، وسكنوا كثيرًا من قرى وادي العجم . ويقول القلقشندي : إن العجم في اللغة يقع على ما عدا العرب ، في الجملة ، فالترك من جملة العجم( ). وجاءت في خلاصة الأثر للمحبي في معرض الحديث عن أشعار الروم نقلاً عن العماد الكاتب في جريدته قال : والعجم – قلت : والروم تبع لهم – مذهب في الشعر مخالف لأسلوب العرب . وهو أنهم يجعلون الكلمة الواحدة رديفًا يرددونه في كل بيت( ). وأورد شمس الدين محمد بن طولون في كتابه مفاكهة الخلان في حوادث الزمان : فعلم الناس حينئذٍ بخراب وادي العجم وغيره من كثرة العرب ، الذين كانوا محجوبين عن هذه البلاد من ابن القواس( ). وذلك في عام 907هـ( ). وبناء على ما تقدم : لم يكن وادي العجم واديًا صغيرًا ، خاليًا من الناس كما تذكر بعض الروايات ، عسكر فيه جيش تيمورلنك ، إنما هو مترامي الأطراف ، ويحتوي على مجموعة قرى وتجمعات سكنية ومزارع ، ولا ننسى أن الحاكم بأمر الله الفاطمي قد منح الاستقلال للأمير جندل بن قيس على وادي العجم ، وذلك في سنة 406هـ( ).
والخلاصة التي انتهى إليها الأستاذ أمين : أن وادي العجم هو المنطقة التي سكنها الأعاجم : الفرس والرومان والأتراك ، وكانت إقاماتهم لمدة طويلة ، فمثلاً بقي الفرس من احتلال الملك الفارسي كورش مدينة دمشق من 1214- 983 ق.هـ( ) ، والرومان فقد أقاموا في سورية منذ فتحها سنة 708 ق.هـ وحتى عام 14هـ( ) حيث تم الفتح الإسلامي ، وأما الأتراك فقد حكموا سورية منذ عهد السلطان سليم الأول عام 922هـ( ) وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى في عام 1337هـ( ). ورغم ما في هذا القول من وجاهة إلا أنه لا يراعي الفترة الزمنية التي ظهر فيها هذا المصطلح ، وهو القرن العاشر الهجري . فمقتضى قوله أن تكون التسمية أطلقت على الوادي من بداية الفتح الإسلامي على الأقل أو ما قبلها ، ولكن السياق التاريخي لظهور الكلمة في القرن العاشر لا يساعد هذه الفرضية ولا يدعمها ، لهذا وضعنا الفرضية الرابعة .
الرابع : فساد اللغة العربية لدى سكان الوادي ، وذلك بسبب اختلاط العرب بغيرهم من الأعاجم الذين سكنوا معهم ، فابتعدوا بذلك عن اللغة الفصحى ، وكثرت فيهم اللهجة العامية المشربة بكلمات أعجمية غير عربية ، فشبهوا لذلك بالعجم . وذلك لأسباب عديدة منها :
أ- سيطرة غير العرب على حكم الإقليم ، حيث أنه لما ضعفت الدولة العباسية استعانت بعناصر غير عربية لتثبيت سلطانها وسيادتها ، فاستعانت بالفرس والأتراك وغيرهم ، الذين ما إن شعروا بقوتهم حتى سيطروا على الدولة ، وكلما ازدادت قوتهم ازداد نفوذهم في الدولة ، وتقلص نفوذ الخلفاء العباسيين ، ونقص ملكهم بقدر ذلك النفوذ الفائت ، وقامت ممالك الأعاجم على أرض الدولة العباسية . قال ابن خلدون : » كما وقع لكثير من ملوك البربر في دولة الأغالبة بالقيروان ، وملوك العجم صدر الدولة العباسية »( ). ومثَّل» ابن الأزرق » لذلك بدولة بني العباس : لما فسدت عصبيتها في أيام المعتصم وابنه الواثق ، واستظهروا بعد ذلك بالموالي من العجم والترك والديلم والسلجوقية وغيرهم إلى أن تغلب العجم على النواحي ، وتقلص ظل الدولة فلم تعد أعمال بغداد ، حتى زحف إليها الديلم وملكوها ، وصار الخلائف» الخلفاء » في ملكهم إلى أن ملك السلجوقية من بعدهم ، والخلائف كذلك في حكمهم إلى أن جاء التتار فمحوا رسوم الدولة ونسخوها( ). وأضاف أنه : لما ذهب أمر الخلافة ، انقطع الأمر جملة من أيديهم – أي العرب - لغلبة العجم عليه ، وأقاموا في بادية قفارهم لا يعرفون الملك ولا السياسة ، ورجعوا إلى أصل بداوتهم( ).
مخالطة العرب للأعاجم وميل المغلوب إلى تقليد الغالب فكان ذلك سببًا لفساد اللغة : وهذا من الأسباب التي جعلت كثيرًا من العرب يقلدون أولئك الحكام في أساليب حياتهم ، وتسرب ذلك إلى لغتهم فضمت كثيرًا من ألفاظهم وتعابيرهم ، ففسدت لغتهم الفصحى لذلك ، وزاد الأمر في عهد السلاجقة الذين سيطروا على الحكم في بلاد الشام ، كما سيطرت قبائلهم على مناطق القبائل العربية بعد هزيمتها ، وفرضوا على أهل القرى من الفلاحين نفوذهم وسيطرتهم ، وجاء الصليبيون إلى بلاد الشام فزاد الأمر سوءًا ، خاصة أن الفلاحين في القرى عاملهم الصليبيون معاملة أفضل من معاملة السلاجقة ، صحيح أن الدولتين النورية والصلاحية حاولتا جاهدتين إقامة الإسلام ، وعدم التفريق بين العناصر والشعوب التي حكمتها ، ونشرت العدل والحق ، وجاهدتا في سبيل الله ، واستنقذتا كثيرًا من أراضي المسلمين من الصليبيين ، لكن الملوك الأيوبيين الذين جاءوا بعد صلاح الدين لم يلتزموا ذلك النهج ، والأمر الأهم أنه كان عماد جيوشهم التي اعتمدوا عليها من الأتراك والتركمان والأكراد وغيرهم ، كما كان ولاتهم منهم ، ومن ثمَّ شكَّل ذلك المناخ الملائم لفساد لغة السكان العربية ، وانقلابها إلى لهجات عامية محلية . قال مصطفى صادق الرافعي :» أما العامة في الشام ومصر والسواد ، فقد علقوا ألفاظاً من الفارسية والرومية والقبطية ، فسدت بها لغتهم فساداً كبيرًا ، لأنهم خلطوها بها خلطاً ولم يجانسوا بين الأصل والدخيل ، وليس يخفى أن أكثر ما تقتبسه العامية إنما هو من الأسماء ، وأن اقتباس الصفات فيها قليل ، لأن الأسماء هي في الحقيقة أدوات الاجتماع ، والعوام إنما يلتمسون التعبير والإبانة كيفما اتفق لهم هذا الغرض ، ولقد كانت الشام ومصر وسواد العراق أوفر خصباً وأكثر عمراناً من سائر الأمصار الإسلامية ، فمن ثم كان عوامها أسقط ألفاظاً »( ). وقال شارحًا :» فلما جاءت الدولة العباسية وكان قيامها بنصرة الفرس وخصوصاً أهل خراسان ، حتى لقبوها بالدولة الخراسانية الأعجمية ضعفت العصبية للعرب بما سكن من سورتهم وفثئ من حدتهم ، فكان ذلك فتقاً في العربية أيضاً ، ولم ينتصف القرن الثالث حتى اختلط العرب بالفرس والترك والفراعنة وغيرهم من طبقات الأعاجم الذين اتخذوا للدولة ، وكان ذلك بدء شيوع الألسنة الحضرية التي هي لهجات العامية والبعد عن اللسان ، كما قال ابن خلدون » إنما هو بمخالطة العجمة ، فمن خالط العجم أكثر كانت لغته عن ذلك اللسان الأصلي – يقصد العربي - أبعد ، لأن الملكة إنما تحصل بالتعليم ، وهذه الملكة ممتزجة من الملكة الأولى التي كانت للعرب ومن الملكة الثانية التي للعجم ، فعلى مقدار ما يسمعونه من العجمة ويربون عليها ، يبعدون عن الملكة الأولى » . قال :» واعتبر ذلك في أمصار إفريقية والمغرب والأندلس والمشرق : أما إفريقية والمغرب فخالطت العرب فيها البرابرة من العجم بوفور عمرانها بهم ، ولم يكد يخلو عنهم مصر ولا جيل ، فغلبت العجمة فيها على اللسان العربي الذي كان لهم ، وصارت لغة أخرى ممتزجة ، والعجمة فيها أغلب لما ذكرناه ، فهي عن اللسان الأول أبعد ، وكذا المشرق : لما غلب العرب على أممه من فارس والترك فخالطوهم وتداولت بينهم لغاتهم في الأكرة والفلاحين والسبي الذين اتخذوهم خولاً ودايات وأظآرًاً ومراضع ، فسدت لغتهم بفساد الملكة حتى انقلبت لغة أخرى ، وكذا أهل الأندلس مع عجم الجلالقة والإفرنجة ، وصار أهل الأمصار كلهم من هذه الأقاليم أهل لغة أخرى مخصوصة بهم تخالف لغة مضر ، ويخالف أيضاً بعضها بعضاً »( ). ونضيف إلى ذلك امتزاج القبائل العربية بالسكان المحليين بعد دخولهم في الإسلام بعيد الفتح الإسلامي لبلاد الشام وغيرها ، وكان معظم هؤلاء من الآراميين الذين كانوا تحت الحكم الروماني ، ولغتهم الآرامية التي سميت بالسريانية بعد دخولهم في النصرانية ، وكانوا أهل حضارة ممتدة لآلاف السنين ، لذلك دخلت كثير من مسمياتهم وألفاظهم في لغة القبائل العربية حتى أنها امتزجت بها امتزاجًا وثيقًا لا نزال نرى آثاره إلى وقتنا الحاضر ، ونكفي أن نسوق مثالاً واحدًا على ذلك من سكان الإقليم الذي عرف بوادي العجم من منطقة الزبداني ، قال الدكتور كمال المويل ناقلاً عن كتاب » الزبداني تاريخ وحياة » : ومن الأدلة على العهد الآرامي في الزبداني أعداد كبيرة من الكلمات والمصطلحات التي لا يزال يستخدمها ويتداولها الناس في هذه البلدة إلى الآن ، ويقولون عنها أنها كلمات عامية وهي في الحقيقة سريانية . ومن هذه المصطلحات : زعطوط ومعناها غناء حزين . حازورة ومعناها تفاح . شحرايا ومعناها أسود . حاليا ومعناها مرتفع . شليا ومعناها ماء ساكن . عنفص ومعناها تحرك . حاكورة ومعناها قطعة أرض . زعرورة ومعناها جامع المال في الكنيسة . عرزلاية ومعناها خيمة عالية . ماعوس ومعناها أداة حديدية . ماعون ومعناها آنية . مورج ومعناها لوح الدارس . سماط ومعناها احتراق أو مأدبة . طرن ومعناها مشى على التلة . برطم ومعناها انزعج من حديث . حُمُّص وهي كلمة سريانية . حنَّن الجوز ومعناها فسد داخله . حوفر الضرس ومعناها أصيب بالنخر . حياصة ومعناها حزام عريض . زاروب ومعناها طريق ضيق . ساطور ومعناها سكين كبير. سايس ومعناها لاطف . سنبلة من القمح وهي كلمة سريانية . سريجة ومعناها الخرج يوضع على الدابة . سراج ومعناها إناء من الخزف . سِكر ومعناها قفل . سفرجل وهي كلمة آرامية . سُمَّاق وهي كلمة سريانية . دبية ومعناها وعاء من النحاس . ديكونة ومعناها غرفة صغيرة . كارة ومعناها مخدة . كوارة ومعناها وعاء من طين . ناطور ومعناها حارس الكرم . ناقوس ومعناها جرس . نتر ومعناها تساقط الثمر قبل نضجه . نبيت ومعناها نوع من الخمر . سُكَّرة ومعناها آلة من خشب يوصد بها الباب . لقيس ومعناها متأخر أو ملكة . فشخة ومعناها خطوة . كراية ومعناها تنظيف الأرض . ألده ومعناها خشبة متوسطة في الطول والحجم . أوطب ومعناها لاقى آخر . صمبع ومعناها برز . زوبر ومعناها أداة للعمل . طلمية ومعناها رغيف مقمر . كردوس ومعناها كمية من السنابل . صوخية ومعناها حطب للنار. استنغص ومعناها تمنى للآخر أن يكون معه. لعي ومعناها كلام لا فائدة منه . مبربك ومعناها كاذب . طاروق ومعناها سهم من الأرض . طب ومعناها وقع . أشبه ومعناها قوي شجاع . راجود ومعناها ناقل السنابل من الحقل إلى البيدر . سعرور ومعناها أسفل الباب . زحف ومعناها أداة لجرف الثلوج . كدشة ومعناها أخذ قطعة من شيء ما( ). وفي الحقيقة لا زال معظم هذه الكلمات منتشرًا في هذا الإقليم إلى يومنا هذا .
وبناء على ذلك فإن وادي العجم قد يكون سمي بذلك لدخول العجمة على ألسنة سكانه بسبب مخالطتهم لتلك الشعوب القديمة التي تأثروا بها بعد الفتح الإسلامي ، وأيضًا الشعوب الإسلامية غير العربية التي حكمتهم وعاشت بين ظهرانيهم زمنًا طويلاً ، ولا تزال تعيش معهم إلى وقتنا الحاضر . ولذلك نرى أن الدولة العثمانية هي أول من أطلق على هذا الإقليم الواسع مسمى إقليم وادي العجم ، وذلك لما لمسه حكامها وعلماؤها من عجمة في لسان سكانها بعد فتحهم لبلاد الشام ، وعدم التزامهم باللغة العربية الفصحى . وقد يقول قائل : إن ابن طولون استخدم هذا المسمى قبل الفتح العثماني لبلاد الشام عام 907هـ وهذا يرد هذا القول ، فنقول : إن ابن طولون توفي في عام 953هـ لذلك فهو من مخضرمي الدولتين المملوكية والعثمانية ، وأنه من المحتمل أن يكون استخدم المصطلحات الإدارية التي أوجدها العثمانيون في بلاد الشام ، وصارت متعارفًا عليها ومألوفة لدى السكان ، للتعبيرعن تاريخ منطقة لم تكن معروفة في العهد السابق بهذا الاسم مراعاة للمألوف المتعارف عليه في زمنه !! كما يحصل في عصرنا لكثير من الكتاب حيث يسقطون كثيرًا من أفكارهم ومصطلحاتهم الحاضرة على التاريخ الماضي مع أنها لم تكن موجودة ولا مألوفة ولا معروفة لأهل ذلك الزمن القديم . قال ابن تيمية معبرًا عن ذلك : وأما مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه ، إذا احتيج إلى ذلك ، وكانت المعاني صحيحة ، كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعُرفهم ، فإنَّ هذا جائزٌ حسن للحاجة ، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتاجوا إليه( ).
ومن أوائل من ذكر وادي العجم من المؤرخين نذكر - إضافة إلى ابن طولون - المؤرخ النعيمي المتوفى سنة 927هـ حيث أشار أن البويضة من وادي العجم( ). وقال الغزي المتوفى سنة 1061هـ في ترجمة محمد بن خليل الصمادي المتوفى سنة 948هـ أنه عين له قرية كناكر تابع وادي العجم ، وغلالها إلى الآن يستوفيه الصمادية( ). وقال ابن العماد الحنبلي في ترجمته : وفيها – أي سنة 948هـ توفي - شمس الدين محمد بن خليل بن علي بن عيسى بن أحمد بن صالح بن حميس بن محمد بن عيسى بن داود بن مسلم الصمادي ، ثم الدمشقي القادري ، الشيخ الصالح المعتقد ، المسلك المربي ، ولي الله تعالى العارف به ، شيخ الطائفة الصمادية بالشام . كان من أولياء الله تعالى ، تظهر منه في حال الذكر أمور خارقة للعادة ، وكانت عمامته وشده من صوف أحمر ، وله مجالسة حسنة ، وللناس فيه اعتقاد خصوصًا أعيان الأروام – يقصد الترك العثمانيين - وسافر إلى الروم واجتمع بالسلطان سليم ، فاعتقده اعتقادًا زائدًا ، وأعطاه قرية كتيبة رأس الماء ، ثم استقر الأمر على أن عين له قرية كنا كر تابع وادي العجم ، وغلالها إلى الآن تستوفيه الصمادية ، بعضه لزاوية الشيخ محمد المذكور بمحلة الشاغور( ). وقد ذكر وادي العجم ابن العماد الحنبلي المتوفى 1089هـ في القرن الحادي عشر الهجري في كلامه على كناكر التابعة لهذا الوادي( ). وذكر الغزي أن السلطان سليمان قد أنعم على الصمادية بمرتب على قرية كناكر من قرى وادي العجم من أعمال دمشق( ). وذكر في ترجمة حسن القطناني المتوفى سنة 977هـ أنه من قطنا تابع وادي العجم( ). وبيَّن عبد الرحمن العمادي المتوفى عام 1223هـ في كتابه » الروضة الريا فيمن دفن بداريا » أن : وادي العجم كان في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجري ناحية من نواحي دمشق ، وأن داريا كانت قرية في الناحية( ). ثم تحول وادي العجم إلى قضاء ، على ما ذكره كحالة في ترجمة محمد الباني المتوفى سنة 1351هـ أنه تولى إحدى وظائف قضاء وادي العجم من أعمال دمشق( ). وممن تولى وظائف حكومية في هذا القضاء الشَّيخ إبراهيم بن محمَّد الغلاييني : وهو عالمٌ عابدٌ ، له في نفوس الناس مهابةٌ ومحبَّة ، وَلِيَ قضاء وادي العجم ، وإمامة وخطابة جامع مدينة قَطَنا ، وكان الشَّيخ مصطفى الخن يزوره دائماً ، وربما قضى عنده سحابة اليوم( ).
ولا بد من الإشارة إلى أن حارة من حارات دمشق كانت تدعى حارة العجم ، وبها مسجد يسمى مسجد حارة العجم( ) كما ذكر النعيمي المتوفى سنة 927هـ . وكان بدمشق دربًا إلى القلعة يدعى درب العجم( ). وكان الشيخ زيد بن الحسن الكندي ، أحد كبار علماء عصره ، انتقل إلى دمشق فسكن بدار العجم منها ، وحظي عند الملوك والوزراء والامراء ، وتردد إليه العلماء والملوك وأبناؤهم ، كان الأفضل بن صلاح الدين وهو صاحب دمشق يتردد إليه إلى منزله ، وكذلك أخوه المحسن والمعظم ملك دمشق ، كان ينزل إليه إلى درب العجم يقرأ عليه في المفصل للزمخشري ، وكان المعظم يعطي لمن حفظ المفصل ثلاثين دينارًا جائزة ، وكان يحضر مجلسه بدرب العجم جميع المصدرين بالجامع ، كالشيخ علم الدين السخاوي ويحيى ابن معطي الوجيه اللغوي ، والفخر التركي وغيرهم ، وكان القاضي الفاضل يثني عليه . قال السخاوي : كان عنده من العلوم ما لا يوجد عند غيره( ).
الباحث / محمود بن سعيد الشيخ